بلحاف اليمنية: بين احتلال إماراتي وتواطؤ فرنسي

الثلاثاء 22 ديسمبر 2020 10:33 ص

بلحاف اليمنية: بين الاحتلال الإماراتي والتواطؤ الفرنسي

عطلت أبوظبي وظائف منشأة الغاز وجعلتها معسكروسجنا كبيرا ومعتقلا يشهد أبشع أصناف التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.

مليارت عقود الأسلحة الفرنسية للإمارات لها الكلمة العليا بنهاية المطاف حتى في فرنسا بلد حقوق الإنسان وشرعة المواطنة.

هدف أبوظبي من تعطيل منشأة بلحاف الحيلولة دون تقوية صناعة الغاز لموارد الحكومة المركزية بمواجهة المجلس الانتقالي.

لا تقتصر هيمنة أبوظبي على بسط نفوذ أو احتلال مناطق أو نهب ثروات بل حولت منشآت حيوية صناعية واقتصادية إلى سجون ومعتقلات ومعسكرات.

*     *     *

لا تكف حقائق الاحتلال الإماراتي لمناطق واسعة في جنوب اليمن عن الافتضاح على أصعدة سياسية وعسكرية واقتصادية، ولا تفلح التفاهمات الإقليمية، على غرار اتفاقية الرياض الأخيرة، إلا في تعزيز تلك الحقائق وإحكام القبضة الإماراتية على السواحل الغربية ومضيق باب المندب وجزيرة سقطرى، سواء بصفة مباشرة أو عبر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي.

ولم تعد أشكال الهيمنة هذه تقتصر على بسط النفوذ أو احتلال المناطق أو استغلال الثروات المختلفة، بل تعدتها إلى تحويل منشآت حيوية صناعية أو اقتصادية إلى سجون ومعتقلات ومعسكرات.

تلك هي حال منشأة بلحاف الغازية الواقعة في محافظة شبوة، والتي أنشئت كمشروع استراتيجي لتخزين الغاز الطبيعي المسال وتصديره، وتكلفت 4.5 مليار دولار لأنها احتوت على مرافق حيوية وخدمية وميناء ومدرج مطار، وكان يُنتظر منها تأمين موارد للخزينة اليمنية تتجاوز 6 مليارات دولار.

لكن سلطات أبوظبي لم تكتف بتحويل المنشأة إلى معسكر، بعد تعطيل وظائفها الأساسية التي يتوجب أن تؤمن مداخيل من العملة الصعبة بالغة الضرورة، بل حولتها أيضاً إلى سجن كبير ومعتقل يشهد ارتكاب أبشع أصناف التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.

وعلى وقع مظاهرات شعبية شهدتها مناطق عديدة في جنوب اليمن تطالب برفع اليد الإماراتية عن ثروات البلاد، ومن ضمنها منشأة الغاز الاستراتيجية في بلحاف، توجه محافظ شبوة بطلب صريح إلى أبوظبي بالخروج من المنشأة والسماح بإعادة تشغيلها طبقاً لوظيفتها الأصلية، خاصة وأن موازنة الدولة اليمنية تعتمد بنسبة 60% على عائدات الغاز.

لكن هذه المطالب والمناشدات ذهبت أدراج الرياح لأن هدف الإمارات من تعطيل عمل المنشأة هو على وجه الدقة الحيلولة دون أن تتكفل صناعة الغاز بتقوية موارد الحكومة المركزية في مواجهة المجلس الانتقالي.

وليس هذا السلوك غريباً على السياسات التي تعتمدها الإمارات في جنوب اليمن، وليس فيه من جديد سوى تنويع هنا أو هناك على أساليب الهيمنة وبسط النفوذ والتطويع وشق الصفوف..

وسوى ذلك من خيارات اعتمدتها أبوظبي تحت ستار الشراكة مع السعودية في حرب ما يسمى بـ«التحالف العربي» لدعم حكومة عبد ربه منصور هادي ضد الحوثيين.

ورغم الافتراق الواضح الذي بات يطبع المشروع الإماراتي في الجنوب، بالمقارنة مع المشروع السعودي في الشمال، فإن انكشاف المزيد من الحقائق بصدد المشروع الإماراتي لم يعد خافياً على أحد، ولا يثير الجديد فيه أي عجب أو استغراب.

لكن الغريب في ملف منشأة بلحاف هو موقف شركة الطاقة الفرنسية العريقة توتال، التي تحصل على 40% من واردات المنشأة وهي ملزمة قانوناً بعدم السكوت عن أيّ تغيير جوهري في وظائف المنشأة، فكيف إذا جرى تحويلها من مشروع للغاز والطاقة إلى معسكر ومعتقل ومنشأة تعذيب.

ذلك هو محتوى المساءلة التي وجهها 51 نائباً فرنسياً إلى وزير الخارجية الفرنسي، وهو أيضاً مضمون رسالة منظمة «أصدقاء الأرض» التي اتهمت الحكومة الفرنسية بالتواطؤ على ما يجري في منطقة شبوة عموماً، ومنشأة بلحاف بصفة خاصة.

بيد أن الـ3.5 مليار، قيمة عقود الأسلحة الفرنسية إلى الإمارات، لها الكلمة العليا في نهاية المطاف، حتى في فرنسا، بلد حقوق الإنسان وشرعة المواطن.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

اليمن، بلحاف، الاحتلال الإماراتي، أبوظبي، فرنسا، توتال، الغاز، الطاقة، معتقل، تعذيب، الحكومة المركزية، المجلس الانتقالي،

ميدل إيست آي: الإماراتيون حولوا ميناء بلحاف النفطي باليمن إلى ثكنة عسكرية

فرنسا سلمت السعودية والإمارات وقطر في 2016 ذخائر قابلة للاستخدام باليمن