"الفرس" على ضفتي الخليج !!

السبت 9 أغسطس 2014 05:08 ص

عرض: أسامة السكران، الخليج الجديد

في حين لا تزال دول الخليج وإيران يتنازعون تسمية الخليج الفاصل بينهم، إذ تسميه إيران «الخليج الفارسي»، بينما يصر العرب بضفته الغربية على نسبته إليهم، فإن تاريخ النزاع يعود إلى أبعد من مجرد تسمية، فقد لعب العامل الديموغرافي - ولا يزال - دورًا هامًا في علاقات بلدان الخليج بإمبراطورية فارس ووريثتها إيران.

منذ ستينيات القرن الماضي، شجع الشاه مواطنيه على التسلل والتغلغل في المجتمعات العربية، والحصول على جنسيات تلك البلاد مع إبقاء ولائهم لوطنهم الأم، مما يضمن لإيران اليد العليا في المنطقة. وساعد الثقل الاقتصادي لهؤلاء المتجنسين ودورهم المؤثر في تلك المجتمعات على توسيع مسلسل تجنيس الإيرانيين في بلدان الخليج وتوطين المزيد. وبغطاء تجاري دخل موظفو المخابرات الإيرانية الكويت والبحرين وحصلوا على جنسيتيهما، وبفضل وضعهم الاقتصادي شكلوا تكتلات سياسية وبرلمانية.

البحرين

لشرعنة عمل المتجنسين الإيرانيين في البحرين، قاموا بتشكيل جمعيات وحركات يجمعها الولاء لإيران ومن بين مطالبها إسقاط النظام عبر ثورة شبيهة بالثورة الإيرانية، وبانفصال البحرين عن مجلس التعاون الخليجي والتحالف مع إيران. من بين هذه الحركات والأحزاب يأتي «حزب الله البحريني» على رأس القائمة والذي قام بتدريب حوالي ٣ آلاف شيعي في لبنان وإيران بإشراف الشيخ «محمد علي محفوظ»، الأمين العام للجبهة الإسلامية لتحرير البحرين. وهناك كذلك جمعية الوفاق الإسلامية والتي لعبت دورًا بارزًا في أحداث ٢٠١١ بالبحرين. ثم هناك جمعيات وأحزاب أخرى كحزب الدعوة، جمعية العمل الإسلامي، جمعية الرسالة الإسلامية، وجمعية أهل البيت وغيرهم.

سمح تغاضي الأنظمة الخليجية عن هذا التغلغل بفرض سيطرة طهران على كثير من المناطق، مما جعل التركيبة السكانية تميل فيها لصالح المتجنسين، إذ وصلت نسبة المتجنسين من أصول إيرانية ٦١٪ عام ٢٠١٠ بحسب رئيس إدارة الهجرة والجوازات البحريني. وفي منطقة المحرّق تجد المتجنسين يتكلمون الفارسية.

وأشار الباحث في التاريخ، وأحد المتجنسين الإيرانيين بالبحرين، «علي أكبر بوشهري» أن عدد المجنسيين الإيرانيين عام ١٩٠٥ وصل إلى أقل من ١٧٠٠، بينما اليوم يصل عددهم إلى ٢٠٪ من السكان. وأشارت صحيفة الوطن البحريينية في عدد ٦ أبريل ٢٠١١ أن "مثيري الشغب" بالأحداث التي شهدتها البلاد آنذاك هم إيرانيون تجنسوا خلال ستينيات القرن الماضي واعتادوا بث الشقاق بين مكونات الشعب البحريني من خلال سعيهم لنقل عادات بلادهم إلى البحرين. وزعمت الصحيفة أن هذا يهدف لتمهيد الوضع لأجندة إيرانية تهدف لاحتلال البحرين.

الإمارات

بحسب تقرير The Economist Intelligence Unit فإن عدد المواطنين الإماراتيين البالغين وصل ٨٠٠ ألف نسمة في نوفمبر ٢٠٠٧ حين كان نظراؤهم من الإيرانيين القاطنين بالإمارات ٥٠٠ ألف نسمة. وبشكل عام يصل عدد المواطنين الإماراتيين في وطنهم أقل من ٢٠٪ من المقيمين بالإمارات، فيما يشكل الإيرانيون أكثر من ٨٪ من حوالي ٣ ملايين مقيم.

ونتيجة لنفوذ المتجنسين، تمنح الإمارات المزيد من الإيرانيين جنسيتها، ففي نهاية ٢٠٠٦ منحت ١٣٠٠ مستحقًا معظمهم من الإيرانيين ممن يسيطرون على التجارة والاقتصاد. وبحسب تقرير «الشرق الأوسط» يعمل بالإمارات نحو ٨ آلاف تاجر إيراني في قطاع المواد الغذائية والحديد والإلكترونيات، حسب مجلس الأعمال الإيراني المحلي.

الكويت

وهنا نجد أكثر من ثلثي السكان (٦٨٪) غير كويتيين. ومن بين السكان عام ١٩٥٧ كان هناك حوالي ١٠٪ من الإيرانين المجنسين، بما يجعل الكويت البلد الثانية في تجنيس الإيرانيين بعد البحرين. لكن هذه النسبة من المجنسين الإيرانيين الذين يدينون بالولاء لوطنهم الأصلي مع بعض الشيعة ذوي الولاء المذهبي خلقت حالة من عدم الاستقرار تزامنا مع التوترات الطائفية المحلية والإقليمية. امتد أثر هذه التوترات إلى البرلمان الذي يمثل المتجنسون والشيعة المذهبيون فيه حوالي ١٨٪. وقد أدت تلك الصراعات إلى حل البرلمان مرات عدة للحيولة دون دخول البلاد أزماتٍ سياسية - طائفية.

ومنحت الكويت جنسيتها للمطالِبات بها من زوجات الكويتيين. فبين ديسمبر ١٩٩٦ وأبريل ١٩٩٩، وبناء على المادة الثامنة بقانون الجنسية، تم تجنيس أربعة آلاف من زوجات الكويتيين، ٥٪ منهم من النساء الإيرانيات.

التغلغل الإيراني بدول الخليج

سعت إيران للتغلغل الثقافي في دول الخليج عبر متجنسيها، لأهمية الجانب الثقافي في نشر الأفكار والتمهيد للأحداث السياسية الكبرى. ومن أهم الفعاليات التي يقوم بها المتجنسون الإيرانيون لخدمة السياسة الإيرانية:

- إنشاء القنوات الفضائية، مثل «الأنوار» و«المعارف»، والمراكز الثقافية لإصدار الصحف والبيانات، وكذلك إنشاء دور النشر والمشاركة في معارض الكتاب وتوزيع الكتب الداعية للتشيع مجانًا.

- إنشاء الحسينيات لنشر المذهب الشيعي بسرية لحين إشهارها. ومن خلالها يتم الاحتفال بالمناسبات المذهبية وشرح أهميتها التاريخية.

- إقامة علاقات وروابط بأصحاب الرأي ودعمهم ماديا ومعنويا لتصدير أفكار الثورة الإيرانية.

- تشجيع الزيارات الأكاديمية وتقديم المنح الدراسية للطلاب العرب للدراسة بإيران.

- التعاون مع السفارات الإيرانية في تلك الدول، ومحلقياتها الثقافية، من أجل إقامة الندوات العلمية والفعاليات الثقافية.

وعلى الصعيد السياسي، أفاد تركز الشيعة في مناطق بعينها في إيصال عدد من النواب الشيعة إلى برلمانات تلك الدول. أما على الجانب الاقتصادي، فتعتبر دول الخليج العربي من أهم المصادر الداعمة للشيعة عالميا عبر الكتب المطبوعة على نفقة التجار وكفالتهم للدعاة. ويقوم المجنسون الإيرانيون بأنشطة التغلغل الاقتصادي عبر شراء العقارات والمزارع في محيط المزارات والأماكن الحيوية ببلدان الخليج.

كذلك تنتشر الشركات الإيرانية تحت غطاء المتجنسين الإيرانيين مما يمنحها مزايا اقتصادية أكبر كشركات محلية؛ وقد لمعت أسماء التجار المجنسين ذوي اليد الطولى في الاقتصاد الخليجي، أمثال بهبهاني ومعرفي والمتروك وبو خمسين ودشتي وحيدر والوزان.

 

(المصدر: المثقف الجديد)

  كلمات مفتاحية

الكويت: دول التعاون الخليجي تسعي لإنشاء قوة بحرية مشتركة

معضلة الأمن في دول مجلس التعاون الخليجي

إيران ترسل سفنا حربية إلى خليج عدن لحماية مصالحها في المياه الدولية

إيران: أغنية «اقتل عربيا» غير مرخصة قانونا