علاقات القاهرة وواشنطن على المحك بعد تقييد المساعدات الأمريكية

الجمعة 25 ديسمبر 2020 05:34 م

يتعرض التوافق بين الولايات المتحدة ومصر، وهي إحدى العلاقات الثنائية الأساسية التي تشكل الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، للضغط مرة أخرى مع قدوم إدارة "جو بايدن" التي وعدت بمزيد من التدقيق في السلوك المصري.

وبما أن مصر تعطي الأولوية للاستقرار الإقليمي دون اعتبار لمصالح الولايات المتحدة، فقد هدد الكونجرس وإدارة "بايدن" المقبلة حكومة الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" بفرض عقوبات وشروط على المساعدات الاقتصادية ترتبط بمخاوف حول حقوق الإنسان.

علاوة على ذلك، تعيد القاهرة بالفعل النظر فيما إذا كانت بحاجة إلى الحفاظ على اعتمادها الاقتصادي والأمني ​​والدبلوماسي التاريخي على واشنطن بنفس المستوى. ومع ذلك، من غير المرجح أن تنهي الولايات المتحدة مبيعاتها الكبيرة من الأسلحة ومساعدتها لمصر.

وعلى الصعيد المحلي، يتعارض تركيز مصر على الاستقرار السياسي والاقتصادي على حساب الحريات الشخصية مع تركيز إدارة "بايدن" على حقوق الإنسان. ويزيد هذا من مخاطر التعرض للعقوبات الأمريكية والشروط المقيدة للمساعدات الاقتصادية، والتي يمكن أن تعطل الاستقرار الاقتصادي المصري.

وفي ظل إدارة "السيسي"، وصلت حالات الاختفاء والاعتقال للعاملين في منظمات المجتمع المدني والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان إلى ذروتها في تاريخ مصر الحديث. وكان هذا الاتجاه جزءا من جهود الحكومة للحفاظ على الاستقرار السياسي من خلال المواجهة الشاملة للمعارضة.

وتثير مثل هذه الإجراءات قلق الشركاء الغربيين لمصر بشكل متزايد، وقد وعدت إدارة "بايدن" بمراجعة العلاقات مع القاهرة مع التركيز على تحجيم انتهاكات حقوق الإنسان. ووفقا لمنظمات مثل "مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط"، وصل القمع في مصر في عام 2020 إلى مستويات قياسية في عهد "السيسي".

وغرد الرئيس الأمريكي المنتخب خلال الحملة الانتخابية، في يوليو/تموز 2020، واعدا بأنه لن يكون هناك "المزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل"، في إشارة إلى "السيسي".

وقد أوضح الديمقراطيون في الكونجرس بالفعل، عبر رسالة إلى حكومة "السيسي" مؤخرا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أن سلوك مصر يخضع لمزيد من التدقيق، وأن مبيعات الأسلحة والمساعدات الاقتصادية سيتم تقييمها مع وضع تصرفات مصر في الاعتبار.

وتبنت إدارة "دونالد ترامب"، التي لم تتسامح مع الحركات الإسلامية السياسية واحتضنت مخاوف شركائها، حملة القاهرة ضد "الإخوان المسلمين" بطريقة من المرجح ألا تفعلها إدارة "بايدن".

وفي الوقت نفسه، لا يتناسب تركيز مصر المتزايد على ضمان الاستقرار في جوارها المباشر مع أولويات الولايات المتحدة العليا في الشرق الأوسط، ما يقلل من فرص التنسيق والتعاون بين البلدين حول التوسط في النزاعات الإقليمية.

ومع خروج مصر من فترة عدم الاستقرار التي أعقبت الربيع العربي، فقد حولت جهود الوساطة نحو القضايا الخارجية التي تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار المصري. ويشمل هذا التنافس على الطاقة في شرق المتوسط، وضمان الاستقرار في وادي النيل، وأمن الحدود مع ليبيا والسودان، واحتواء أنصار "الإخوان المسلمين" من الدول مثل تركيا.

ولا ترى القاهرة أن هذه الأولويات يمكن أن تنتظر الولايات المتحدة، التي لا تزال تركز بشكل مكثف على احتواء إيران ومواجهة الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا، لذلك انخرطت مصر في سلسلة من التدريبات العسكرية غير العادية في الأشهر الأخيرة مع شركاء إقليميين، ما يشير إلى رغبتها في إظهار استقلالها.

وتقليديا، لم تنشر مصر قواتها العسكرية في الخارج في أماكن مثل العراق وسوريا، وفقا لعقيدتها العسكرية المحلية، ما يقلل من فرص التنسيق المباشر مع الجيش الأمريكي.

وبينما تبقى مصر شريكا رئيسيا للولايات المتحدة ومتلقٍ رئيسي للمساعدات، فإنها ستسعى أيضا إلى توثيق العلاقات مع شركاء مثل روسيا، التي لا تضغط على مصر بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وفرنسا، التي وعدت بعدم تقييد مبيعات الأسلحة بحقوق الإنسان، كما أنها أكثر نشاطا في المسارح التي تهتم بها مصر بشدة.

ومع تبلور سياسات "بايدن" في الشرق الأوسط بعد توليه منصبه، سيصبح مستقبل مصر كشريك رئيسي في عمليات مكافحة الإرهاب والاستخبارات الإقليمية أكثر وضوحا. ولن ترغب إدارة "بايدن" في خسارة تعاون مصر في مكافحة الإرهاب.

وفي غضون ذلك، من المرجح أن تستمر مصر في عام 2021 في محاولاتها لتحقيق استقرار اقتصادي كلي أكبر من معظم البلدان الأخرى في المنطقة، بالإضافة إلى الاستعداد لتحدي ضغوط الحكومات الأجنبية مثل الولايات المتحدة.

وحتى الآن، تعد مصر الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي يتوقع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن تشهد نموا اقتصاديا في عام 2020، ما يمنحها بداية قوية في عام 2021، وهو الوقت الذي ستظل فيه معظم الدول في جميع أنحاء العالم تتصارع مع الانكماشات المرتبطة بـ"كوفيد-19".

يشار إلى أن مصر تعد ثالث أكبر مستورد للأسلحة العسكرية في العالم، فيما أصبحت روسيا وفرنسا من الموردين الرئيسيين لها بشكل متزايد في الأعوام الأخيرة.

المصدر | إيميلي هاوثرون/ ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات المصرية الأمريكية جو بايدن دونالد ترامب الاستقرار الإقليمي حكومة عبد الفتاح السيسي

بعد تسميته للخارجية الأمريكية.. انتشار واسع لتغريدة بلينكن عن القمع بمصر