ضغوط متوقعة على المدخرات العامة في السعودية

الأربعاء 7 أكتوبر 2015 05:10 ص

يقول محللون واقتصاديون إن استمرار السعودية في السحب من مدخراتها واستثماراتها الخارجية كان أمرا متوقعا، في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط، وارتفاع مصاريف الحرب في اليمن، وحزمة القرارات الملكية التي أضافت أكثر من 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار) على الميزانية.

وفي تقديراتها المبدئية، توقعت السعودية أن تعاني ميزانية العام الجاري عجزا لا يقل عن 40 مليار دولار، ولكن مع استمرار الأسعار المتدنية للنفط الذي يشكل 93% من إيرادات الدولة، ودخول حرب إعادة الشرعية في اليمن شهرها الثامن، توقعت مؤسسة النقد السعودية أن يتجاوز العجز في نهاية العام أكثر من 133 مليار دولار، وأن تتضمن ميزانية العام المقبل 2016 عجزا متوقعا بنحو 80 مليار دولار.

وأظهرت النشرة الشهرية الصادرة عن مؤسسة النقد السعودية، انخفاض موجودات المؤسسة، التي تعد بمثابة البنك المركزي في المملكة، إلى نحو 2.56 ترليون ريال (682 مليار دولار) خلال يوليو/تموز، بانخفاض قدره 9 مليارات ريال مقارنة مع يونيو/حزيران، لكن التراجعات في قيمة تلك الموجودات توقفت، بل وتغيّرت إلى الزيادة الطفيفة مع نهاية يوليو/تموز الماضي، وذلك نتيجة لتوقف المالية عن السحب من المدخرات، والاتجاه نحو بدائل أخرى لتوفير المال، كان أهمها إصدار سندات دين بنحو 15 مليار دولار، ومؤخرا السحب من استثماراتها الخارجية.

وكشفت وكالات أنباء عالمية أن السعودية سحبت ما يتراوح بين 50 و70 مليار دولار من استثماراتها في جميع أنحاء العالم خلال الأشهر الستة الماضية لسد العجز الذي تعاني منه الدولة.

تحت سقف التوقعات

يقول المحلل الاقتصادي «برجس البرجس»، إن كل السحوبات من الاحتياطي الداخلي والخارجي والقروض التي أُظهرتها البيانات الرسمية السعودية كانت متوقعة، ومتوافقة مع العجز المُقدر بسبب انخفاض أسعار النفط لأكثر من 14 شهرا، مشيرا إلى أن جميع السحوبات والقروض التي تمت في الفترة الماضية لم تتجاوز 300 مليار ريال (80 مليار دولار).

وأوضح في تصريحات لـ«العربي الجديد»، أن مبالغ الـ 70 مليار دولار التي قالت بعض التقارير الاقتصادية إن السعودية سحبتها من استثماراتها في الخارج هي ذاتها المليارات التي أعلنت مؤسسة النقد السعودي سحبها من الاحتياطي النقد السعودي على مدار الأشهر الستة الماضية، مؤكدا أن ما حدث «مجرد عملية نقل للأموال بين حسابات الدولة»

وأضاف «البرجس»، أن السبب الرئيس للسحوبات هو استمرار انخفاض أسعار النفط، وضعف الدخل، وأيضا تغطية مصاريف الحرب في اليمن، موضحا أن «السحب والقرض هما أمران يؤديان لنتيجة واحدة، سواء كان السحب من الاحتياطي الداخلي أو السحب من الاستثمارات الخارجية، وكذلك الاقتراض، فكل هذه المبالغ تمت الاستفادة منها لتغطية عجز الميزانية المتوقع جراء تراجع دخل النفط، وهي كانت متوقعة بسبب تدني الدخل».

ووضعت وزارة المالية في الميزانية التقديرية للدولة الإيرادات العامة خلال 2015 في حدود 750 مليار ريال (200 مليار دولار)، لكن في الأشهر التسعة الأولى من العام لم يتجاوز الدخل النفطي 421 مليار ريال (112 مليار دولار)، وهو ما يعني أن إجمالي دخل المملكة في نهاية العام لن يتجاوز 650 ملياراً (165.6 مليار دولار) في أحسن التقديرات، ما يفاقم من أزمة عجز الموازنة.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل العجز في موازنة المملكة إلى نحو 500 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، كما أكد وزير المالية السعودي «محمد العساف» على أن المملكة قادرة على تحمل هذا العجز في حال استمرار انخفاض أسعار النفط للعام الأول، ولكن في العام المقبل سيكون هناك تقليص لبعض المشاريع غير الضرورية، وهو ما يؤكد عليه «البرجس» الذي يرى أن الخطوة التالية قد تكون تقليص بعض المشاريع غير الضرورية، والسحب من ميزانيتها المرصودة من أعوام سابقة، وأيضا تأجيل بعض المشاريع.

وأضاف أن السعودية ستعاني مشكلة في الميزانية لو نزل الدخل عن 750 مليار ريال سنويا، حيث إن رواتب الموظفين في الدولة تصل لنحو 310 مليارات ريال سنويا، إضافة إلى 100 مليار ريال نفقات شركة أرامكو النفطية، مشددا على أن هذه المعاناة ستستمر لفترة طويلة، لأن ثمة مشروعات لا يمكن تأجيلها خاصة ما يتعلق بقطاعات الصحة والإسكان ومترو الرياض الذي بدأت فعلا عمليات الحفر فيه.

ميزانيـة أقــل

ويرى المحلل الاقتصادي ورئيس المركز الخليجي للاستشارات الاقتصادية «حمد الشمري»، أن السحب من الاحتياطي النقدي إجراء لم يكن منه مفر، ولكنه يؤكد على أن السعودية قادرة على إعادة الفائض النقدي كما كان متى ما تحسنت أسعار النفط.

وقال «الشمري»«السعودية ستكون قادرة على تغطية الأموال المسحوبة وتعيدها للاحتياطي النقدي، بخاصة أن التوقعات تشير إلى أن أسعار النفط سترتفع بشكل أفضل في عام 2016».

وأضاف أن «السحب من الاحتياطي النقدي لدى مؤسسة النقد أمر طبيعي، فالدولة تخوض حاليا حربا مكلفة ضد المليشيات الحوثية وصالح في اليمن، وهذه الحرب تحتاج لتكلفة، كما أن هناك مشاريع كبيرة وهي تحتاج لأموال كبيرة، وسواء كان السحب من الاحتياطي أو من الاستثمارات، فالمهم في نهاية المطاف توفير المال».

وتوقع «الشمري» أن تشهد ميزانية 2016 تقليصا كبيرا في النفقات، بخاصة غير الضرورية، لتجنب المزيد من السحب المالي، وأضاف: «ما زال الموقف المالي السعودي قويا، فالمسحوب من الاحتياطي لا يتجاوز 5% فقط من المتوفر في الداخل والخارج، وأي تحسن لأسعار النفط فوق 50 دولاراً يعني أنه لن يكون هناك مزيد من السحب، لهذا ستكون موازنة العام المقبل متفقة مع الأسعار الأخيرة للنفط، ولن تكون متفائلة كثيرا، لتجنب أي عجز جديد».

  كلمات مفتاحية

السعودية مؤسسة النقد العربي أسعار النفط عجز الموازنة فائض الميزانية الاحتياطي النقدي

السعودية وسحب الأصول الخارجية.. بداية انهيار اقتصادي

«سي إن إن»: ”جبل أموال“ السعودية يتقلص بعد مليارات مصر وحرب اليمن

السعودية تسحب من 50 إلى 70 مليار دولار من استثماراتها الخارجية

تحليل: السياسة النفطية السعودية الجديدة تفلح في استعادة حصة من السوق

«فايننشال تايمز»: السعودية تسحب 72 مليار دولار من أصولها الخارجية