انقلاب ميانمار.. ما وراء تحرك الجيش والسيناريو القادم

الاثنين 1 فبراير 2021 11:55 م

ما سبب حدوث انقلاب في ميانمار في هذا التوقيت؟ وما الخطوات المتوقعة لاحقا بالبلد الذي رزح تحت حكم الأنظمة العسكرية القمعية لنحو 50 عاما قبل أن يتحول إلى نظام الحكم الديمقراطي عام 2011؟

يتصدر هذان السؤالان اهتمامات المراقبين منذ إعلان الجيش في ميانمار السيطرة على مقاليد السلطة في البلاد، واعتقاله زعيمة البلاد، الحائزة على جائزة نوبل للسلام "أونغ سان سو تشي".

فخلال السنوات الخمس الماضية، قادت "سو تشي" وحزبها (الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية)، الذي كان محظورا في السابق، ميانمار بعد انتخابها عام 2015 في أول انتخابات حرة ونزيهة في البلاد منذ 25 عاما. وكان من المفترض أن يبدأ الحزب دورة ثانية في السلطة صباح الإثنين، لكن الانقلاب العسكري حال دون ذلك.

ويعزز من حضور السؤالين بدوائر التحليل السياسي أن جيش ميانمار ظل محكما قبضته القوية وبشكل دستوري في سنوات ما بعد 2011، إذ ينص الدستور على إعطائه ربع مجمل مقاعد البرلمان، فضلا عن تحكمه بمعظم الوزارات المهمة.

مفتاح الإجابة يعود إلى نتائج الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وموقف الجيش منها، حسبما يشير مراسل شؤون شرق آسيا بهيئة الإذاعة البريطانية "جوناثان هيد"، إذ كان الإثنين موعدا لأول جلسات البرلمان الجديد، بما يكرس لنتائج الانتخابات، التي يبدو أن الجيش يرفضها.

ففوز حزب الرابطة الوطنية بنسبة 80% من الأصوات قدم دليلا دامغا على أنه يحظى بشعبية كبيرة على الرغم من مزاعم ارتكاب عمليات إبادة ضد مسلمي الروهينجا، ورغم قيام الجيش بتقديم دعم واضح لحزب "اتحاد التضامن والتنمية".

وفي هذا السياق، بدأت المعارضة التي يدعمها الجيش بإطلاق مزاعم وقوع "تزوير" في عملية الاقتراع بانتخابات البرلمان الأخيرة، وكررت هذه الاتهامات في بيان وقعه نائب الرئيس المعين مؤخرا، الجنرال السابق "ماينت سوي"؛ لتبرير فرض حالة الطوارئ في ميانمار لمدة عام.

وقال "سوي"، في البيان: "لقد فشلت لجنة الانتخابات في حل القائمة الطويلة من المخالفات الانتخابية في الانتخابات متعددة الآحزاب، التي جرت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2020".

ووصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحديث عن تزوير الانتخابات في ميانمار بأنه "مزاعم ترامبية"، أي ادعاءات دون تقديم أدلة.

لكن لماذا يرفض الجيش نتيجة الانتخابات طالما يضمن له الدستور السيطرة على ربع البرلمان ووزارات السيادة؟ "آي مين ثانت"، الصحفية السابقة، المدرسة في الشؤون التقنية الآن، تشير إلى حالة "الإحراج والإرباك" التي وقع فيها الجيش بعد النتائج الأخيرة، خاصة في ظل دعمه الواضح لحزب "اتحاد التضامن والتنمية".

فإلى جانب عدم توقع الجنرالات للخسارة، جاءت نتائج الانتخابات لتؤشر إلى أن "عوائل من يخدمون في الجيش قد صوتت ضدهم"، فضلا عن تعزيزها لمكانة "سو تشي" باعتبارها "أم الأمة" في ميانمار، كما تصفها عديد الوسائل الإعلامية.

الجيش يرى نفسه "أبا للأمة"، وهو بالتالي لديه "التزامات واستحقاقات " عندما يتعلق الأمر بالحكم، كما أنه لم يستسغ حقيقة أن البلاد باتت أكثر انفتاحاً على التجارة الدولية في الآونة الأخيرة، حسبما تؤكد "ثانت".

وأضافت: "إنهم ينظرون إلى الغرباء بشكل خاص على أنهم يشكلون خطراً"، مشيرة إلى أن ظروف جائحة كورونا والإنكار الدولي لحرمان أبناء أقلية الروهينجا المسلمة من حق التصويت في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني، شجعا الجيش على التحرك الآن.

ويتوقع الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراة بمعهد الأبحاث الآسيوية في جامعة سنغافورة الوطنية "جيراراد مكارثي" أن يدفع جيش ميانمار باتجاه تحسين أوضاع "اتحاد التضامن والتنمية" وفرصه في الانتخابات المستقبلية، لكنه أشار إلى أن "مخاطر مثل هذه الخطوة ستكون كبيرة".

ويرى "فيل روبرتسون"، من "رايتس ووتش"، أن هذه الخطوة تُعرض ميانمار لخطر أن تصبح "دولة منبوذة" مرة أخرى، فضلا عن أنها تثير غضب الناس في الداخل أيضاً.

ويشير "روبرتسون" إلى احتمال عدم وقوف شعب ميانمار متفرجاً إزاء ما يحدث، "فهم لا يريدون العودة إلى الحكم العسكري من جديد، ويرون في سو تشي حصناً ضد العودة إلى السلطة العسكرية (..) ما زالت هناك آمال في إمكانية إيجاد حل عبر المفاوضات، ولكن إذا بدأنا برؤية انطلاق احتجاجات واسعة، فسندخل في أزمة كبيرة".

المصدر | الخليج الجديد + BBC

  كلمات مفتاحية

ميانمار انقلاب ميانمار انتخابات ميانمار

أول اختبار دعم الديمقراطية.. كيف ستتعامل إدارة بايدن مع انقلاب بورما؟

انقلاب ميانمار وصراع النفوذ بين أمريكا والصين