هل تشهد أجندة 2021 إعادة ترتيب الهيكل الأمني الخليجي؟

الجمعة 5 فبراير 2021 02:09 م

أضاءت آفاق السلام والمصالحة في منطقة الخليج العام الجديد عندما أنهت 3 دول من مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مصر، حصارها الدبلوماسي والاقتصادي على قطر في 5 يناير/كانون الثاني. وأكد إعلان قمة العلا التزام الدول الأعضاء بالعمل على تحقيق السلام والأمن الإقليميين "كمجموعة اقتصادية وسياسية واحدة وموحدة".

وفي 21 يناير/كانون الثاني، قال وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان"، في مقابلة مع قناة "العربية"، إن المملكة تمد يدها من أجل السلام مع إيران. وأكد أن الموقف من إيران مرهون بضرورة توصل دول المنطقة إلى تفاهم مشترك حول المشاكل الإقليمية.

وفي حين أن هذه التطورات هي موضع ترحيب بالفعل، فإن هدف التوصل إلى تفاهم مشترك نحو سلام وأمن موثوقين في منطقة الخليج لا يزال بعيد المنال. ويمكن أن يُعزى ذلك إلى طبيعة هيكل الأمن الإقليمي الذي ظل قائما منذ أكثر من 4 عقود.

وبالنظر إلى البداية الإيجابية لهذا العام، فقد يكون الوقت مناسبا لإعادة النظر بجدية في بنية الأمن بالمنطقة.

  • الأمن على أساس الخوف والإقصاء

ويعد الهيكل التمثيلي الوحيد الذي يركز على أمن منطقة الخليج هو مجلس التعاون الخليجي، الذي تشكل بعد الثورة الإيرانية عام 1979، وسط مخاوف من محاولة النظام الشيعي السيطرة على النظام الإقليمي الذي تقوده السعودية. ومع تغير اهتمامات ومصالح ورهانات دول المنطقة والعالم بشكل كبير في العقود الماضية، بدا مجلس التعاون الخليجي جامدا لا حراك فيه.

وكانت الفرضية الأساسية وراء إنشاء مجلس التعاون الخليجي هي الجمع بين دول منطقة الخليج ضد التهديد المتصور من عدوين أحدهما أيديولوجي وهو إيران، والآخر محارب وهو العراق. وهكذا استندت ولادة مجلس التعاون الخليجي إلى ركيزتين رئيسيتين، الخوف (من العراق وإيران)، والإقصاء (العراق وإيران إلى جانب اليمن المحاصر والضعيف).

ويغطي العراق وإيران جغرافيا الساحل الشمالي للخليج بأكمله تقريبا. ويقدم البلدان روابط مهمة تربط منطقة غرب آسيا بالمشرق وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، كما أنهما بمثابة خزان ضخم من الموارد الطبيعية. وجيوسياسيا أيضا، لا يمكن تجاهل العراق وإيران بتاريخهما الحضاري وقوتهما الاقتصادية والعسكرية الكبيرة.

ومن ناحية أخرى، كانت السعودية، زعيمة العالم السني، الدولة الرئيسية في مجلس التعاون الخليجي، وكان باقي الدول أصغر بكثير. ومع وجود مثل هذه الدول القوية في شمال الخليج، افتقر المجلس إلى القوة اللازمة لتحدي قوة إيران وعراق "صدام حسين" صراحة.

لذلك، كان على مجلس التعاون الخليجي الاعتماد على الولايات المتحدة، التي كانت مستعدة وراغبة في توفير المظلة الأمنية بما يخدم مصالحها التي تشمل الوصول السهل والمباشر إلى النفط الخام، والمصالح الجيوسياسية في آسيا الوسطى وأفغانستان، ومواجهة النفوذ الروسي في المنطقة. والأهم من ذلك، كانت دول مجلس التعاون الخليجي سوقا ضخمة لصناعة الدفاع الأمريكية.

وفي حين أن هذا الإطار الأمني ​​خدم غرضه ضد التهديدات المتصورة من إيران، إلا أنه لم يكن ترتيبا مرضيا قابلا للاستمرار إلى الأبد.

وكشفت احتجاجات الربيع العربي عام 2011، وما ترتب عليها من صراعات في سوريا واليمن وكذلك في ليبيا، هشاشة السلام في المنطقة، وكذلك ضعف دول المنطقة نفسها. وجاء تغيير أولويات الولايات المتحدة منذ منتصف عام 2010، مع النفور من التورط المباشر في الصراعات العسكرية الإقليمية، بمثابة صدمة للسعودية.

وأدى التدفق واسع النطاق للجماعات الجهادية في أعقاب الربيع العربي، مثل تنظيم "الدولة" في العراق وسوريا، إلى تحدي مفهوم الدولة في المنطقة. ورغم تشكيل مجلس التعاون الخليجي لتحالف عسكري متعدد الجنسيات لمحاربة هذه الجماعات، إلا أنه لم يحقق نجاحا كبيرا في العقد الماضي.

  • هل نحن بصدد إطار أمني جديد؟

ومع ذلك، توفر بداية العام الجديد 2021 بعض الأمل. وتمثل عودة قطر فرصة لمجلس التعاون الخليجي لتشكيل جبهة موحدة. علاوة على ذلك، نظرا لكون مصر من الدول الموقعة على إعلان "العلا"، فإن ذلك يعزز الرابط الأمني والدبلوماسي بين مصر ومجلس التعاون الخليجي.

ويوفر التغيير في رئاسة الولايات المتحدة بانتخاب الرئيس "جو بايدن" أملا في إعادة الاتفاق النووي الإيراني، بالرغم من معارضة إسرائيل. ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية في وقت لاحق من هذا العام. ولا شك أن عودة جميع المشاركين إلى الاتفاق النووي الإيراني ستساعد في انتخاب مرشح معتدل وتعزز خيارات المصالحة في المنطقة. لكن إيران تصر على رفع العقوبات الاقتصادية ومراعاة مصالحها وطموحاتها "المشروعة" في المنطقة.

وبدأ البلد الرئيسي الآخر في شمال الخليج، العراق، يتنفس الصعداء بعد قتاله مع تنظيم "الدولة". وتبذل الحكومة الحالية قصارى جهدها لكي يُنظر إليها على أنها كيان ذو سيادة وشرعي، بعيدا عن النفوذ المباشر من إيران المجاورة. ولحسن الحظ، تجمع مجلس التعاون الخليجي والعراق علاقة جيدة حاليا، وقد يسهل هذا فهما أفضل للمخاطر والمخاوف الأمنية عبر طرفي الخليج.

ويتعين على دول المنطقة البحث عن حلول مبتكرة لسد الفجوة بين الضفتين الشمالية والجنوبية لمياه الخليج. ويعد وجود هيكل أمني مناسب للتطورات الإقليمية والدولية أمرا ضروريا وعاجلا، ليس فقط لمنطقة الخليج، ولكن لمنطقة غرب آسيا بأكملها. وبالنظر إلى انعدام الثقة عميق الجذور والصراعات الأيديولوجية والمنافسات الإقليمية، فإن هذه مهمة صعبة بالفعل.

ولا تعتبر الهياكل الجيوسياسية غير المكتملة مثل مجلس التعاون الخليجي حلا للمعضلة الأمنية التي تتطلب إطارا جيوسياسيا يشمل جميع الدول المعنية، ويكون بمثابة منصة فعالة للحوار.

وشهد العالم إعادة توحيد ألمانيا، وأصبحت اليابان حليفا رئيسيا للولايات المتحدة بالرغم من كونها الدولة الوحيدة التي تعرضت للقصف بالأسلحة النووية من قبل الولايات المتحدة. وتشير هذه الأمثلة إلى أنه يمكن التغلب على الاختلافات التاريخية والأيديولوجية طويلة الأمد.

ولكن حتى ذلك الحين، يظل مجلس التعاون الخليجي، القائم على مصالح دول جنوب الخليج، أداة غير كافية وغير فعالة لتحقيق الأمن الإقليمي.

المصدر | رجيف أجاروال/إيدسا للدراسات الدفاعية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مجلس التعاون الخليجي الأمن الخليجي العلاقات الخليجية الإيرانية المظلة الأمنية الأمريكية

بعد قمة العلا.. الناتو يشيد بجهود الكويت لتعزيز أمن واستقرار الخليج

مجددا.. السيسي يؤكد ارتباط أمن الخليج بأمن مصر

الحجرف: قمة العلا شكلت انطلاقة جديدة لتعزيز التضامن الخليجي