استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

متوالية الانحناء الانقلابي

الجمعة 9 أكتوبر 2015 03:10 ص

لم تكن انحناءة عابرة والسلام، ولم تكن فعلة غريبة على أعراف الساسة والرؤساء في مثل هذه المحافل وغيرها فقط، إنما كانت لقطة مكملة لمشهد الانحناء والركوع الحقيقي والتمثيلي الذي تأسس عليه الانقلاب والمنقلب.

وما معنى الانحناء من معنى الانقلاب ببعيد، بل إن في الانقلاب انتكاساً وانعكاساً وسقوطاً وارتماء تحت أقدام الأقوى، مما لا يعد الانحناء والركوع إلا مظهراً متوسطاً منه.

لقد اعتدنا من المنقلب على مشاهد الكوميديا الساخرة والمضحكة حتى البكاء، لكن الحقيقة أكثر قتامة من أن تسمح لنا بالضحك، فهو لا ينحني فقط بشخصه، أو حتى بعصابته الفاسدة، بقدر ما ينزل معه بالدولة والوطن والإنسان في مصر، وما يتبعها من قطار أقطار الأمة.

هذا المنقلب المنحني حين يركع في نيويورك، وعلى منصة الحلفاء المنتصرين، إنما يعلن عن استعداده التام لمواصلة دور ووظيفة تركيع عالمنا أمام هذا العالم المستعلي والمستكبر، يعلن إخلاصه في الركوع والتركيع، والخضوع والإخضاع.

ركع وانحنى أمام عربٍ باركوا انقلابه وعزّزوه، وركع وانحنى أمام أصحاب الرز والحبايات، التي لا تزال تقيمه وتسنده. وركع وانحنى أمام كل من أعطاه ريقاً ولو أقلّ القليل، وكل من موّل ودفع ونفع واستنفع. وركع أمام اليونان وقبرص، لينال أي قدر من الغاز، ولو على حساب حقوق مصر وفلسطين الاقتصادية والسيادية.

وركع أمام إملاءات الخليج، فأرسل جنود مصر ليموتوا لقاء تمويل انقلابه والحفاظ على أوهام مجده.

وركع أمام مطالب العالم في مؤتمر اقتصادي «فنكوشي» كسائر أفعاله، ثم لم يعطوه شيئاً حقيقيا.

وركع وانحنى لـ«بوتين» الباحث عن دور ومخرج في مسرح العبث الدولي، لكي يمنحه جاكيتاً وزيارة هنا وهناك.

وانحنى وركع أمام الأوروبيين، ومعه الراقصون والراقصات، لكي يحصل على صفقة طائراتٍ أو عقد بناء محطات كهرباء أو أية أشياء، لو لم يكن انقلابيا إرهابيا لجاءته تسعى، ولتعاقد عليها فاتح الصدر مرفوع الرأس..

ولكن، هيهات هيهات.

منذ الوهلة الأولى لانقلابه وعيناه على الخارج، عينه الأولى الكسيرة لغدره وخيانته المشينة التي هم أعرف بها، وهم شهود عليها، بل رعاتها، وعينه الأخرى الخائنة التي بدا فيها اليقين الصلب أنهم شركاؤه الذين يتظاهرون بالتوقف عن مساندته، وهم أكثر منه خيانة وحقداً على هذه الأمة وشعوبها، وحرياتها وحقوقها، وذاتيتها واستقلالها..

فحين يُسأل عن الشعب وانقسامه، لا يأبه، ولا يبالي بالملايين التي ترفضه وتمقته، ولا يعدّهم شعباً ولا ناساً، إنما فرائس لدمويته، وجثث يرقى فوقها إلى أوهام السلطة. وحين تحدثه عن الأمة، فكأنما كفرتَ بكل مقدس، مدعياً أن الأمة هو وأمنه ومصلحته، وحين تحدّثه عن الإسلام، فليس إلا إسلامه هو الذي سماه إسلام الدولة، واحتكره ليتاجر به، هو ومن نافقه من عملاء الدين. وما عدا إسلامه وإسلامهم ليس إلا الإرهاب والتطرف والتكفير، وهم في الحقيقة أهل ذلك والأحق به.

أما حين يأتي ذكر اللات والعزّى؛ الولايات المتحدة وربيبتها الصهيونية، فإذا بالصوت الفرعوني يتصاغر ويتضاءل في نفسه، حتى يكاد يتلاشى، ولا تسمع له حسّاً، وإذا بالخطاب المتعجرف يتحول إلى حكمة زائفة وموازنة عقلانية ظاهرة: مشكلتنا معهم ليست جوهرية، إنما قانونية شكلية، مسألة وقت وتمر، فحتى لو أداروا هم لنا ظهورهم، لن ندير لهم ظهورنا؛ لأن تحالفنا أقوى مما يتصور، زواجنا كاثوليكي، وليس، كما قال نبيل فهمي، وزير خارجيته الأول، نزوة ليلة واحدة وتمر.

فانحنى لكل رائحة تأييد تأتي من ناحيتهم: عضو كونغرس، لقاء صحافي، كلمة من هنا أو من هناك، وأنفق أموال البلاد على شركات التسويق والتلميع، وما هي إلا شراكات الاسترقاق والتركيع... وبينما أبواقه الإعلامية هكذا، يظهرون الترفع والمخاصمة، بل الصراع مع الأميركان، وأنهم متآمرون مع «الإخوان» على مصر، وما إليه من ترهات الأسطول السادس، وألاعيب حروب حسب الله السابع عشر، فإنه لم يكفّ عن تقبيل الأكف، واستدرار العطف، والانحناء المستديم لإظهار الولاء والاستعداد التام للعب دور الخادم المطيع.

لم يظهر هذا الانحناء المخزي أمام الخارج، بل أمام الأعداء، في مقابل مظاهر الاستئساد البشع الدنيء على الأبناء والأهل، كما يفعل بشأن فلسطين وسورية وليبيا واليمن، فضلا عن مصرنا؛ أي بلاد الثورات والمقاومة، بلاد الحرية والكرامة والعدالة..

توجه إلى الصهاينة بما لم يستطعه المتصهينون الأوائل، وأعلن أنه حامي حدودهم وحارس بواباتهم، والحريص على أمنهم وسلامهم من كل طريق، فيما هو يحاصر ويحارب ويقتل غزة والفلسطينيين والمقاومة الغرّاء.

يتحدث وخارجيته بكل بجاحة ووقاحة عن القدس الشرقية عاصمةً، وهو لا يعرف شرقية ولا غربية، فقط يمنح الصهاينة خطوات واسعة من شرعنة الاحتلال، فوق ما أفسده سابقوه.

ويتجاهل محاولات تهويد الأقصى، وتركيع المقدسيين، داعياً إلى توسيع رقعة سلام الصهاينة والاستسلام لمشروعهم، وإدخال البقية فيها، وإن تلك للانحناءة الكبرى. 

ينحني للوحوش التي أطلقها تعوي وتنهش في البلاد من القتلة والزبانية، ومن رؤوس الاستبداد والفساد، ومن جوقة الكذب وصناع الكراهية، ومن مموليه والمتبرعين له، بينما تأبى فرعونيته إلا أن يسوم الفقراء والضعفاء سوء العذاب، ويطارد الأحرار الشرفاء بالتصفية المباشرة والقتل في السجون والاعتقال المظلم والاختطاف والتنكيل والمطاردات، عبر أرجاء الوطن.

يريد أن يمد متوالية انحنائه إلى الوطن والمواطن، ويقيم من الانحناء سياسات عامةً، وأعرافاً جديدة لمكان مصر ومكانتها. إن خسة الانقلاب تفرض هذه النزعة، وتفسر تلك الحالة، وتشي باستمرار هذا المنقلب ومنظومته، في محاولات النزول بمصر إلى أسفل سافلين.

لكن الثورة التي كسرت يوماً ظهر المتسلطين، ودفعت بالسجان إلى سجنٍ أياً كان، وقادت الشعب، فترة، إلى ميادين التحرير والتغيير، تأبى أن تنحني للمنحني، أو تركع لرقيق سياسي مستحكم، ويريد أن يغتال تاريخ مصر وسيادتها، ويبيع حقائق كرامتها وخمائر عزتها في أسواق نخاسته، فلا يصدق فيه إلا قول المتنبي:

أكُلما اغْتَالَ عَبدُ السُـوءِ سيـدَها/ وخانَه فَلَهُ في مصــرَ تَمهيـدُ. صار الخَصِيُّ إِمام الآبِقـين بِهـا/ فالحُـرّ مستعبَد والعَبـدُ مَعبُـودُ. نامَت نواطِيرُ مِصـر عَن ثَعالِبِها/ فقد بَشِمْنَ وما تَفْنـى العناقـيـدُ. 

بين منحنى المنقلب الهابط، يأتي الانحناء الساقط. هذا هو حال المنقلب يستأسد على بني وطنه، وينحني أمام أسياده. ما أقبحك وما أقبح أفعالك.

  كلمات مفتاحية

مصر الانقلاب السيسي الانحناء إسرائيل أمريكا الخليج اليونان قبرص

«مجتهد»: «السيسي» يبتز السعودية .. الدعم المالي أو فضح الأمراء ودعم إيران

«السيسي» يحث «بوتين» على أهمية التوصل لتسوية سياسية لأزمات المنطقة

«محلل إسرائيلي»: سوريا بداية توغل روسي إقليمي بضمان «السيسي» و«روحاني»

دعوة السيسي لدمج (إسرائيل) فى المنطقة

«السيسي»: حرية الإعلام في مصر غير مسبوقة وعلاقتنا مع أمريكا أكبر من السلاح