شراكة السعودية والإمارات على المحك مع احتدام المنافسة على تنويع الاقتصاد

الجمعة 19 فبراير 2021 03:50 م

منذ عدة سنوات حتى الآن، عملت السعودية والإمارات على التنسيق فيما يتعلق بسياستهما الخارجية.

ويمكن وصف الصداقة الوثيقة بين الحاكمين الفعليين للبلدين، ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، بأنها أهم تحالف في منطقة الشرق الأوسط.

فهي تسمح للبلدين بفرض رؤيتهما على دول مجلس التعاون الخليجي؛ ما يثير قلق الأعضاء الآخرين في المجلس، بجانب وضع جدول الأعمال للعالم العربي الأوسع.

يشترك الزعيمان، المعروفان اختصارا باسم "مبس" (MBS) و"مبز" (MBZ)، في الخوف من إيران، وكراهية تركيا وجماعة الإخوان المسلمين، وشكل بلداهما تحالفات مع دول عربية أخرى؛ لخوض حرب في اليمن، وفرض حظر (رُفع مؤخرا) على قطر.

وخارج منطقة الشرق الأوسط، تعاون البلدان للتوسط في اتفاق سلام بين إثيوبيا وإريتريا، ومتابعة التحالفات العسكرية والأمنية في آسيا وأفريقيا، بل تعهدا، في بعض الأحيان، بشراكة اقتصادية، في الداخل وفي أماكن أبعد.

مسار تصادمي 

ورغم أن البلدين متحدان في الغالب من خلال ما يجمعهما من مصالح، لكن هناك هدفا مشتركا ربما يهدد بانفصام عرى الشراكة بينهما، فكلاهما حريص على الحد من الاعتماد على صادرات النفط والغاز من خلال تنويع اقتصاد بلديهما، وهذا يضعهما في مسار تصادمي.

إذ يسعى السعوديون والإماراتيون إلى تنويع الاقتصاد في نفس القطاعات مثل السياحة والخدمات المالية والخدمات اللوجستية والبتروكيماويات والتكنولوجيا، ونظرًا لأن كلاهما يفتقر إلى المواهب المطلوبة للنهوض بهذه القطاعات؛ فيجب عليهما التنافس لاقتناص الخبرات الأجنبية والاستثمارات الخارجية.

ومن المتوقع أن تزداد حدة المنافسة بين البلدين مع استنزاف الثروات المتراكمة لديهما بفضل عقود صادرات النفط والغاز.

ويعتقد صندوق النقد الدولي أن صناديق الثروات السيادية الخليجية ستصبح خاوية بحلول عام 2034. إذ أدى تدهور أسعار النفط الناجم عن تداعيات وباء "كورونا" إلى تركيز التوجه في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي نحو الحاجة الملحة إلى تنويع الاقتصاد.

ولدى الإمارات هنا ميزة على الدول الأخرى بالمنطقة؛ فهي منذ عقود تجتذب، خاصة دبي وأبوظبي، العمال الأجانب المهرة من ذوي الياقات البيضاء، كما أن الإمارات تعد المركز الإقليمي المفضل للشركات متعددة الجنسيات.

وعلى مدار العامين الماضيين فقط، كانت هناك منافسة شديدة على المواهب بين دبي والسعودية؛ حيث تقدم الأخيرة نفسها باعتبارها سوقا أكبر، وذلك لتعويض أسلوب الحياة الأكثر ليبرالية الذي تتميز به الإمارات.

السعوديون يرفعون المخاطر

ورفع السعوديون سقف المخاطر الآن؛ فابتداءً من عام 2024، سيُطلب من الشركات الأجنبية التي تسعى للحصول على عقود من الحكومة ومؤسساتها نقل مقارها الإقليمية إلى المملكة. وهذه رسالة غير مباشرة للشركات الأجنبية الموجودة حاليا في الإمارات مفاها: انتقل إلى السعودية، أو اخصر فرصًا تجارية تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات في أكبر أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.

تقدم المملكة الجزرة للمستثمرين الأجانب أيضا، فقد خففت الإصلاحات الاجتماعية لـ"محمد بن سلمان" بعض القيود على نمط الحياة، فعلى سبيل المثال، بات بإمكان للمرأة الآن قيادة السيارات، كما تم السماح بفتح دور السينما في المملكة.

وتوصف مدينة نيوم الواقعة على البحر الأحمر ، وهي مشروع ولي العهد المفضل، بأنها مكان أكثر حرية للعيش والعمل، حتى أن هناك شائعات مثيرة للإعجاب بأنه سيتم السماح فيها بتعاطي الخمور دون قيود.

يأمل السعوديون في أن يؤدي هذا التوجه "تعال عندنا أو غادر" في تسريع الاتجاه نحو تنويع الاقتصاد، ففي مؤتمر الاستثمار "دافوس الصحراء" الذي عقده "بن سلمان" في يناير/كانون الثاني الماضي، قالت 24 شركة متعددة الجنسيات، بما في ذلك "ديلويت توش توهماتسو" الأمريكية و"بكتل" و"بيبسيكو" الأمريكية ، إنها ستنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة.

لكن المحللين يشيرون إلى أن بعض هذه الشركات لديها بالفعل مكاتب في السعودية، ويمكن أن تقوم ببساطة بإعادة تسميتها باسم "المقر الرئيسي" مع الحفاظ على وجودها المهيمن في الإمارات.

كما قد تتجنب شركات أخرى، المنافسة السعودية الإماراتية، من خلال إدارة عملياتها الإقليمية من أوروبا.

ومن المحتمل كذلك أن تتمكن بعض الشركات، لا سيما تلك الموجودة في القطاعات التي تعتبرها الرياض بالغة الأهمية لطموحات تنويع الاقتصاد، من التفاوض بشأن الحصول على إعفاءات من القرار السعودي.

الرد الإماراتي المضاد

في غضون ذلك، ستواجه الإمارات الضغوط السعودية بلا شك بردود مضادة، فهي قد تمنح الأجانب حصة أكبر في اقتصادها من خلال تعديل القوانين للسماح لهم بالملكية الكاملة للشركات.

وسيكون لدى بعض الفئات من الأجانب قريبا فرصة للحصول على الجنسية الإماراتية، وهذه خطوة مصممة خصيصا للحفاظ على ما لديها من عقول ومواهب أجنبية. ومن المحتمل أن تضيف الإمارات المزيد من الفئات التي يحق لها الحصول على الجنسية للحفاظ على هذه الميزة.

سيعتمد الإماراتيون أيضا على ما يُطلق عليه بمزايا الشبكة في دبي وأبوظبي؛ حيث يقيم غالبية الأجانب حاليا، وحيث تتركز غالبية الخدمات الاجتماعية والثقافية التي تلبي احتياجاتهم، والتي تجذب الأجانب الذين يتطلعون إلى الانتقال للمنطقة.

ومن المفيد، في هذا الصدد، أن تتمتع الإمارات بصورة دولية راسخة بأنها ليبرالية نسبيا في الممارسة العملية، في حين بدأت السعودية مؤخرا فقط في تحرير قوانينها.

ولا تزال المنافسة الاقتصادية بين أقرب حليفين بالمنطقة في أيامها الأولى، وبالتأكيد تنتظر شراكتهما اختبارات أكثر صرامة.

المصدر | بلومبرج | بوبي جوش - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات تنويع الاقتصاد

صندوق الذهب السعودي.. أصول إماراتية بقيمة 112 مليون ريال

مصنع نيوم.. استثمارا الـ 5 مليارات دولار بوابة السعودية لصدارة طاقة الهيدروجين

للفوز بالاستثمارات الأجنبية.. حرب باردة بين السعودية والإمارات

سنغافورة.. بوابة رئيسية للتنويع الاقتصادي في الخليج

تعديل العطلة بالإمارات.. ضربة للسعودية واستمالة للأجانب

موقع استخباراتي: الرياض تنافس أبوظبي كمركز سيبراني إقليمي