استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السلم الأهلي والمتحد السياسي

الثلاثاء 13 أكتوبر 2015 05:10 ص

تتلخص الأزمة التي علقنا تحت ركامها، منذ إجهاض «الربيع العربي»، في الانتقال بالمجتمع من نموذج حكم فردي سلطوي إلى نموذج حكم ديمقراطي أكثر عدلاً، يراعي مصالح الناس. أدت هذه الانتكاسة، غير محسوبة النتائج، إلى صعود الجماعات الجهادية، وإلى انبعاث فرق الموت.

في النهاية، جرت رياح الربيع بغير ما تشتهي نخبه، ونقيض طموحات جماهيره، فوصلنا إلى نار الحروب الأهلية التي لم تُبق ولم تذر. 

تتمثل الحلقة المفقودة في المجتمعات العربية قبل «الربيع العربي» في الفشل في صناعة دولة المواطنة. دولة قائمة على متحد سياسي، تساهم جميع القوى الاجتماعية في بنائها، من خلال مؤسسات سياسية فاعلة، قادرة، في الوقت نفسه، على الاستفادة من التنوع المذهبي والعرقي، بتوحيد الأمة خلف أهدافها الكبرى.

ويحتاج تحقق هذا المتحد السياسي إلى مسيرة طويلة من تطور المؤسسات السياسية في البلد، ونوع مختلف من العلاقة بين الجماعات الأهلية التي تؤهل النخب السياسية.

لكن، للأسف الشديد، بقي الوضع في الوطن العربي في حالة شلل سياسي، حيث استبدت النخب الحاكمة بكل ما له علاقة بالسياسة والمجتمع، ما أبقى الأمة عاجزة عن التحرك خارجياً في صد العدوان الاستعماري، وداخلياً، باستيعاب الجماعات الأهلية التي في جوفها، بل أكثر من ذلك، تسابقت النخب على رمي بعضها بتهم العمالة للخارج. 

لم تكتف هذه النخب بنبش «التراث» واستثماره سياسياً، بل عملت على التنكيل بالدولة الوطنية، وذلك بفضل مشاريع المحاصصة الطائفية والقبلية، والتي حولت التنافس السياسي، إلى سباق على كسب مزيد من الخيرات العامة لمصلحة مجموعات فاسدة، وراحت كل جماعة تبني لنفسها دويلة داخل الدولة، لكن مستقلة عنها وجدانياً، وقابلة للانفصال عنها عملياً.

فالطائفة نجحت في العيش منعزلةً بأفرادها عن الجماعة الوطنية، وأحياناً، بلا حاجة لمؤسسات الدولة، كما نقلت الصراع مع الشركاء المحليين إلى مستوى الصراع مع العدو الأجنبي، أو لنقل باللغة الدخيلة علينا، والتي باتت تحظى برواجٍ غير معقول، مع أن ليس لها أي معنى حقيقي في قواميس المفاهيم السياسية، حيث بات الآخر، وفق أدبيات الحرب الطائفية الجديدة، «مستوطناً محلياً»، يجري التعامل معه بوصفه «محتلاً»

من المناسب، في ذروة الجنون، تذكير الناس بالبديهيات، أي بأهمية الأمن، وحماية السلم الأهلي، لحفظ المجتمعات العربية من الاندثار، وضمان إمكانية نهوضها مستقبلاً. فلا تنمية بلا استقرار سياسي، ولا استقرار سياسيا في ظل حكم سلطوي فاسد، ولا أمل بتحول ديمقراطي في دويلات الطوائف التي نخرت عضد الدولة، حيث تعدّت فيها رائحة فساد النخبة السياسية، رائحة الزبالة المهملة في الشوارع. 

السلم الأهلي «على كف عفريت»، حتى في الدول التي لم تصل إليها الثورات، هي كذلك مُعرضة للاختلال، إما بسبب سيطرة طغم حاكمة على ثروات العباد والبلاد، وإن كانت هذه الطغمة لا تملك الشرعية، ولا المؤهل اللازم لقيادة البلد، أو لأسباب عديدة، منها وجود نخب مُحبطة، وجدت أن لا مناص أمامها للهروب من إحباطاتها سوى التمترس خلف طوائفها. 

الفشل الذريع في بناء المتحد السياسي القادر على حفظ الدولة الوطنية تتحمل مسؤوليته الأنظمة القمعية التي لم تنظر إلى مصالح الأمة العليا، فآثرت أن تحكم بالسلاح، أو بالطائفة، أو بالاثنين مجتمعين، على حساب أمن الوطن الذي لا يمكن أن يتحقق بلا متحد سياسي، يقبل التعددية السياسية داخل الوطن، ويملك التأهيل اللازم لإدماج الجماعات المختلفة في نظامه السياسي.

أخطر ما في هذه المرحلة أنها أوصلت المجتمعات إلى حالة قنوط من البقاء موحدين في وطن واحد، مع آخرين مختلفين سياسياً ومذهبياً وعرقياً، حتى صارت كل جماعة مشغولة بحماية وجودها، وتكافح في سبيل إبادة الآخر. 

ثمة نظرة خاطئة لأولويات حل أزمة الدولة العربية. الغرب، وفي مقدمته الإدارة الأميركية تروج مساراً واحداً، جوهره أن الانتخابات والحرية السياسية، إذا ما وجدت، ستتكفل ببناء الدولة الوطنية، لكن هذه الفلسفة أثبتت فشلها في أكثر من مكان.

في العراق، مثلاً، لا شك أن المؤسسات السياسية والحريات العامة اليوم أكثر بكثير مما كانت عليه في عهد حزب البعث(؟!)، لكن غياب المتحد السياسي حوّل الانتخابات لنقمة ولمناسبة لتجديد النزاعات الأهلية؛ وذلك لأن النخب السياسية منقسمة طائفياً بشكل حاد، وهي تتخذ من الانتخابات مناسبة لتذكير الناس بهوياتهم الأصلية، وضرورة المحافظة على وجودهم، من خلال انتخاب الزعامات نفسها، فتؤجج بواعث الصراع الأهلي. 

هذا الانقسام الاجتماعي، بشكله الحالي، يعيق مؤسسات الدولة من مزاولة عملها بفعالية، ما يجعل النظام الحالي أقل كفاءة من الذي سبقه، على الرغم من أنه أكثر ديمقراطية، بحسب المقاييس الغربية، وإلا فكيف نقرأ فشل النظام في بناء جيش وطني، والاستعاضة عنه بمجموعة مليشيات طائفية. 

الخلاصة، لا ديمقراطية بلا دولة، ولا دولة بلا متحد سياسي. يستحيل إيجاد متحد سياسي ما دامت كل جماعة تنظر إلى الأخرى عدواً. تبدد الانسجام الاجتماعي في مجتمعاتنا جعل الممارسة الديمقراطية بلا قيمة، فالمتحد السياسي هو شريان حياة كل عملية سياسية. 

  كلمات مفتاحية

الربيع العربي النخب الحاكمة الديموقراطية الحرية السلم الأهلي الحروب الأهلية الطائفية

هل تحتاج الدول العربية وزارات حقوق الإنسان؟

عن الحروب العربية ضد الذات

إفلاس السلطوية العربية

التغريبة العربية .. حشود بلا وطن

الانتفاضات العربية كشفت زيف الأنظمة

خطورة النظام السياسي وخياراته