استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل تحتاج الدول العربية وزارات حقوق الإنسان؟

الأربعاء 7 أكتوبر 2015 05:10 ص

من بين مفارقات تنفيذ «حزمة» إصلاحات «حيدر العبادي»، رئيس الوزراء العراقي، بسبب ضغوط التظاهرات الاحتجاجية الجماهيرية، وتبنيها من قبل المرجعية الشيعية، للقضاء على الفساد وتوفير الخدمات، إلغاء خمس وزارات من بينها حقوق الإنسان، وشؤون المرأة. وجوهر المفارقة هو كون الوزارتين من أهم أسباب تبرير غزو واحتلال العراق في 2003، بعد ذريعة أسلحة الدمار الشامل.

وخطابات الرئيس الأمريكي السابق «جورج بوش» وأعضاء تيار المحافظين الجدد والنسويات «الاستعماريات» الغربيات منهن والعراقيات، حافلة بالدعوة إلى «تحرير» المرأة العراقية و تكريس حقوق الانسان. كلا الادعائين سرعان ما انهار، ليقف كل من اصطف مع الغزاة، عاريا تماما بعد أن سقطت ورقتا التوت، وأيقن ساسة النظام ان الافلات من المسؤولية والعقاب ممكن ما داموا يتمتعون بحماية دول أخرى قادرة على التلاعب بالقانون الدولي.

عالميا، لم يثر الخبر أي اهتمام، فالعالم ـ وأعلامه - يشيح بنظره عن العراق متحاشيا النظر إلى ما اقترف، والكل مشغول بالإرهاب هنا وهناك، ومؤخرا بدخول روسيا على خط قصف سوريا رسميا. محليا، تباينت ردود الافعال حول إلغاء الوزارتين. احتج البعض لأسباب محاصاصاتية سياسية وإن جرت محاولات لبرقعتها بالغيرة على حقوق الانسان.

وبينما رحب عدد من الكتاب بالغاء الوزارة لأنها لم تنجز أيا من مهامها، اعتبر الوزير «محمد البياتي» القرار غير قانوني وغير دستوري، كما قام مواطنون بقطع طريق «بغداد – كركوك» احتجاجا على إلغاء الوزارة وإحالة وزيرها المعين ضمن المحاصصة القومية، للتقاعد. معتبرين الإلغاء استهدافا للحصة التركمانية بالحكومة. اقتصار الاحتجاج على إلغاء الوزارة باعتبارها جزءا من المحاصصة السياسية، ومع صمت الأغلبية على إلغاء وزارة طالما طالب الكثيرون بتأسيسها، يدفع إلى التساؤل عما إذا كان الصمت مؤشرا إلى يأس المواطنين أو لا جدوى الوزارة. يشير الواقع إلى أن كلا السببين جزء لا يتجزأ من يقين المواطن بفساد الحكومة وساستها أيا كانت الوزارات أو الأحزاب وما تدعيه من تمثيل ديني أو طائفي أو قومي. 

إن وزارة حقوق الانسان بالعراق ليست فريدة من نوعها في تخليها عن المواطن، اذ هناك في كل بلد عربي، تقريبا، وزارة مماثلة.

الهدف المفترض من تأسيسها هو، كما يدل اسمها، الدفاع عن حقوق الإنسان/ المواطن. ولست هنا بصدد استعراض ما يعنيه مفهوم الحقوق وكيفية حمايتها والتوعية بها وتحقيق العدالة، فتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والعربية، ومنظمات المجتمع المدني في كل بلد عربي، مهما كانت نوعية حكومته ودرجة ديمقرطيتها أو استبدادها، تفصيلية بما فيه الكفاية. إلا أن ما يعنينا، كمواطنين في بلدان أبتليت بالنزاعات والحروب والاحتلال ومحاولات التقسيم، هو مدى قيام الوزارات بواجبها.

يتبين من متابعة عمل الوزارات، في مختلف البلدان العربية، ان وجودها، في معظم الحالات، تزويقي وقد جاء نتيجة ضغط دولي على الحكومات وليس نابعا من رغبة حقيقية باحترام حقوق المواطن وكرامته. ويبدو التقصير واضحا في تنفيذ مهامها المفترضة واستخدامها، أحيانا، كواجهة لحماية النظام وليس المواطن، بالاضافة إلى الانتقائية السياسية والأمنية في عملها مما ينعكس سلبا حتى على مفهوم حقوق الانسان ويلوث عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة الساعية في ذات المجال. 

تنطبق هذه المواصفات على الوزارة بالعراق بالإضافة إلى تميزها بجوانب أخرى تجعلها تحتل مركز الصدارة باستحقاق. من بينها اختلاق الاخبار وتوزيع المعلومات التضليلية التي تساهم بخلق أجواء الخوف بين المواطنين. ولا تجد الوزارة غضاضة في التستر (عمدا أو صمتا) على جرائم حكومية ومليشياوية، وإهمال المطالبة بالتحقيق فيها بل وإصدار بيان تهنئة ومباركة لما ترتكبه مليشيا كالحشد الشعبي (موقع الوزارة 26/7) من اعتقالات، وتعذيب، وحرقٍ للجثث معتبرة إياه انتصارا.

وهي الجرائم التي استنطق عنها الوفد الحكومي العراقي في اجتماعات الدورة 55 لمجلس حقوق الانسان، بجنيف، في 14/8/2015 اذ تم التأكيد على مسؤولية الحكومة عن جرائم الميليشيات وما يسمّى «الحشد الشعبي»، ووجوب تقديم مرتكبي هذه الأعمال إلى القضاء. فمن البديهي أن تطبيق القانون هو من مسؤولية الحكومة وعليها أن تضمن خضوع حلفائها، كالحشد الشعبي، وأن تضعه تحت إدارتها الكاملة. وكما أكد احد الخبراء بالمجلس: «لا يمكن أن نعيب على داعش أموراً ونقبل أن يقوم بها الحشد الشعبي». 

وإذا كانت منظمات حقوق الإنسان متفقة على أن عقوبة الإعدام، في أحسن الاحوال، وتحت أكثر النظم القضائية عدالة ونزاهة، لم تقلل من نسبة ارتكاب الجرائم والعنف في المجتمعات، فإن وزارة حقوق الانسان العراقية طالما أكدت إيمانها بعقوبة الإعدام وأصدرت قبل ساعات من إلغائها (14/ 8) بيانا أشادت فيه بالخطوة التي اتخذها رئيس الجمهورية «فؤاد معصوم» بالمصادقة على احكام الاعدام المتراكمة، واعتبر وزير حقوق الانسان هذه الخطوة إيجابية وأنها «تطبيق واضح لمبادئ حقوق الانسان المشروعة في المجتمع العراقي… وبذلك يتحقق الانصاف وتسود العدالة».

واذا ما تفحصنا سيرورة إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بوتيرتها التي تضع العراق على قمة قائمة الدول المنفذة للإعدام، لوجدناها تطابق تقرير مجلس حقوق الانسان الذي بين فيه استخدام قانون مكافحة الإرهاب كأداة للتخلص من بعض الاشخاص، غالبا، على أساس طائفي وتطبيق أحكام الإعدام بمحاكمات غير عادلة، لا تستغرق، أحيانا، سوى دقائق معدودة. إن حملة النظام المحمومة في إصدار أحكام الإعدام بحق 44 تهمة، أبعد ما تكون عن تحقيق الإنصاف والعدالة. إنها حملة انتقام تتم بمباركة وزارة حقوق الانسان لتشكل استهانة بعقول المواطنين واحتقارا لمفهوم حقوق الانسان وكل العاملين على تحقيقه. 

إن إلغاء وزارة حقوق الانسان على الرغم من لا جدواها أحيانا وضررها أحيانا أخرى، ليس حلا. الحل هو في انتخاب حكومة وطنية تطبق القوانين، وحق المواطنة، ويكون صلب عملها تحقيق العدالة الاجتماعية وإخضاعها للرقابة القانونية والشعبية، مهما كانت الظروف. حينئذ، فقط، يصبح لوزارة حقوق الإنسان، كما بقية المؤسسات، دور انساني ورقابي ضروري.

٭ د. هيفاء زنـﮔنة كاتبة من العراق

  كلمات مفتاحية

الدول العربية حقوق الإنسان العبادي العراق مكافحة الفساد الفساد إصلاحات

مجلس حقوق الإنسان ظاهرة صوتية

«العبادي»: سأمضي بالإصلاحات حتى لو كان الثمن حياتي

العراق: إصلاحات الاحتلال وإغراء السلطة (1)

بصمة حقوق الإنسان

هل أقدم «العبادي» على الإصلاحات الأخيرة رغما عن إيران؟

حول مكاسب ومثالب الإعلان الخليجي لحقوق الإنسان

السلم الأهلي والمتحد السياسي

67 عاما على الإعلان العالمي وحقوق الانسان العربي الضائعة

الجامعة العربية: نحتاج 20 مليار دولار لمساعدة 776 مليون شخص بالمنطقة