استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مجلس حقوق الإنسان ظاهرة صوتية

الأربعاء 23 سبتمبر 2015 05:09 ص

بينما تتواصل العالم، عمال الدورة الثلاثين لمجلس حقوق الانسان في جنيف تزداد صورة اوضاع هذه الحقوق في العالم العربي وضوحا، فتتعمق الآلام إلى درجة الغثيان. فليس هناك عالم يعاني من الاضطهاد السياسي كعالم الشرق الاوسط، حتى لكأن من يحكمه عدو لدود لشعوبه، لا يكترث بعهود او مواثيق. وتزداد الصورة إيلاما حين يظهر هذا المجلس عجزه عن وقف تلك الانتهاكات وتنحصر سلطته باصدار البيانات وقرارات الشجب والتنديد و «التعبير عن القلق».

ويبلغ الامر احيانا مستوى يكفر النشطاء فيه بجدوى منظومة العمل الحقوقي، ويتساءل بعضهم عن ما إذا كانت هذه المنظومة مصيدة لهم ووسيلة للتخدير وحماية انظمة القمع التي تعيش ربيع ايامها، فالعالم العربي، من شرقه إلى غربه، يعاني من الاضطهاد والقمع وانتهاك حقوق الانسان، وجميعها من سمات انظمة الاستبداد والمجموعات الإرهابية. ويضاعف هذا الألم عدد من الظواهر الكريهة التي يُضفى عليها احيانا طابع قانوني. ومن ذلك ما يلي: اولا: ظاهرة «الافلات من العقاب» التي تحول دون معاقبة المعذبين والجلادين، وتشجع الانظمة على الاستمرار فيها. 

هذه الظاهرة منتشرة بشكل واسع في الدول العربية، ولم يحدث قط ان قامت حكومة بمعاقبة من يقمع السجناء او المحتجين، وان تظاهرت احيانا تحت الضغط بانها تفعل ذلك، فانه يكون شكليا، وسرعان ما يخلى سبيل المتهم بالتعذيب. فهذه الانظمة تعتمد القمع وسيلة فاعلة لكسر ارادة معارضيها، فلا يمكن ان تعاقب موظفيها الرسميين الذين يمارسون ذلك، ويخشى المسؤولون «الكبار» كذلك ان يتهموا باعطاء اوامر القمع (سواء ضد المحتجين السلميين ام المعتقلين السياسيين) ويصبحوا بذلك متهمين بما يعتبر «جرائم ضد الانسانية». 

ثانيا: تفشي ظاهرة «الانتقائية» التي حولت المنظومة الحقوقية إلى وسيلة ضغط بايدي الدول الغربية للضغط على مناوئيها في الدول الاخرى. ويلاحظ ان الدول الغربية الكبرى حولت الاجهزة الحقوقية الدولية إلى ادوات للضغط على الانظمة المختلفة معها سياسيا وايديولوجيا، فالصين وروسيا وإيران مثلا تستهدف بشكل مباشر ومتواصل من هذه الاجهزة، بينما يتم التغاضي عن الانظمة الصديقة للغرب التي تمارس سياسات قمعية مشابهة بحق من يطالب بالاصلاح والديمقراطية. 

ثالثا: إفراغ المنظومة من محتواها وتحويلها تدريجيا إلى ظاهرة كلامية تساهم في تخفيف الاحتقان في صفوف ضحايا القمع السلطوي في العالم. فالسجين الذي يودع زنزانات انفرادية شهورا او سنوات ويتعرض للتعذيب اسابيع وشهورا، يعتقد، في عالمه المحصور بين جدران اربعة، ان مجلس حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية الدولية ستنقذه من وضعه المأساوي، بدون معرفة دقيقة بان هذه الجهات جميعا ليس لديها وسائل عملية لمنع القمع او تنفيذ قرارات مجلس حقوق الانسان. 

رابعا: ان هذا المجلس انما يتألف من حكومات تربطها علاقات ومصالح، ويسعى بعضها لحماية بعض. ويعترف القائمون عليه بوجود نفوذ كبير لانظمة القمع التي تمتلك المال وتستخدمه لممارسة النفوذ. وحين يتصدى اي من هذه الدول لانتقاد دولة ما حول ملفها الحقوقي فانها تتعرض للتهديد بشكل مباشر. وهذا ما حدث الاسبوع الماضي، عندما توعد وزير الخارجية البحريني، سويسرا باجراءات صارمة من دول مجلس التعاون، في إثر تصديها للاوضاع في البحرين.

من يحضر دورات مجلس حقوق الانسان التي تعقد ثلاث مرات سنويا، يعيش عالما آخر من المعاناة، يعبر عنها النشطاء الذين يحملون قصصا مروعة عن التنكيل والتعذيب والاضطهاد الذي يعانيه ضحايا القمع السلطوي في كافة انحاء العالم. وتتصدر منطقة الشرق الاوسط ظاهرة الانتهاكات والتنكيل. 

فالكيان الاسرائيلي يمارس ابشع اشكال الاضطهاد والقمع بحق الفلسطينيين. هذا ما اكده تقرير الخارجية الأمريكية في شهر يونيو الماضي الذي قال ان الاسرائيليين يستخدمون القوة المفرطة في التعامل مع الفلسطينيين والاهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة الانسانية.

في شهر مارس الماضي قال المقرر الخاص حول اوضاع حقوق الانسان في الاراضي المحتلة ان الاسرائيليين انتهكوا حقوق الفلسطينين بشكل فظيع في عدوانهم على غزة العام الماضي: «ان وحشية التدمير والنسبة العالية من الضحايا المدنيين في غزة تلقي بشكوك كبيرة على مدى التزام اسرائيل بمباديء القانون الانساني الدولي حول حجم العدوان والتمييز بين الاهداف والحذر عند الهجوم». وتكررت هذه الاتهامات في الدورة الحالية. 

الاسرائيليون يعرفون، قبل غيرهم، ان احدا لا يستطيع الدفاع عن سياساتهم القمعية، حتى حلفائهم، ولكنهم يعرفون ايضا، ان البيانات او القرارات التي تصدر عن مجلس حقوق الانسان او منظمات المجتمع الدولي لا يمكن فرضها عليها، لان القائمين عليها لا يمتلكون سلطة التنفيذ او ادواته. ويعرفون ايضا انهم ليسوا الوحيدين في المنطقة الذين يمارسون القمع والاضطهاد. وتشهد الدورة الحالية نشاطا محموما من نشطاء حقوق الانسان الذين يصطحب بعضهم بعض ضحايا القمع السلطوي في العديد من دول الشرق الاوسط.

فالمصريون يطرحون ملفات الانتهاكات التي تمارس يوميا ليس في السجون فحسب، بل في الشوارع والمحاكم ايضا. وينشط البحرانيون بشكل متميز حاملين معهم قصصا مروعة عما يسمونه «التعذيب الممنهج» و»الافلات من العقاب» و»الاعتقال التعسفي» و»القتل خارج القانون» والحرمان من الجنسية. ويحمل السعوديون كذلك ملفات حول آلاف المعتقلين والمحكومين بالاعدام، وتتعمق شكوكهم في جدوى المجلس عندما يعين السفير السعودي لدى الأمم المتحدة رئيسا لفريق من خمسة مهمته تعيين 70 مسؤولا لرسم الاجندة الدولية للحريات المدنية في العالم.

العالم الحقوقي اليوم يشعر بقدر كبير من الاحباط. فالمؤسسات المعنية بحقوق الانسان تفتقر لادوات التنفيذ، فتتراكم البيانات والقرارات، بدون ان تردع الانظمة عن مواصلة الانتهاكات. فأين هو الخلل؟ بعد الحرب العالمية الثانية ساد الشعور بضرورة تقنين معاملة البشر لبعضهم البعض، ووضع حد للانتهاكات التي حدثت في الحربين العالميتين. فطرحت مواثيق جنيف لتنظيم الحروب والتعاطي الانساني مع ضحاياها، خصوصا معاملة الاسرى وتجريم استهداف المدنيين او تدمير البيئة او استخدام الاسلحة المحرمة.

على الصعيد الحقوقي تحرك العالم لتقنين شرعة حقوق الانسان التي وضعت لها وثيقة تاريخية مهمة اطلق عليها اسم «الاعلان العالمي لحقوق الانسان» واقرت في العاشر من ديسمبر 1945. وشهدت العقود الستة اللاحقة صدور العديد من المواثيق الدولية الهادفة لحماية حقوق الانسان وتقنينها دوليا ثم دفع الدول للتصديق عليها ضمن تشريعاتها المحلية. 

وازداد الوضع تطورا بعقد قمة خاصة لحقوق الانسان في 1993 بالعاصمة النمساوية، التي اقرت مبدأ عالمية تلك الحقوق. وساد الاعتقاد بان العالم جاد في انهاء اهانة البشر وهدر حقوقهم، وتجريم من يمارس ذلك. ثم صدرت مواثيق لحماية نشطاء حقوق الانسان، فتعمقت القناعة بجدية العالم لتطوير شرعة تلك الحقوق. ولكن هل الامر كذلك اليوم؟ وأين هو الخلل الذي ادى للتراجع الكبير؟ عوامل عديدة ساهمت في ذلك من بينها: تراجع الدول الغربية الكبرى خصوصا أمريكا وبريطانيا عن التزامهما بتلك الشرعة خصوصا بعد حوادث 11 سبتمبر وجنوح أمريكا نحو سياسة اقل احتراما لحقوق الانسان.

وتعتبر تجربة سجن جوانتنامو والسجون السرية الاخرى التي انشأنها وادارتها اجهزة الاستخبارات الأمريكية، والرحلات السرية لنقل السجناء بين تلك السجون، ثم اقرار الادارة الأمريكية في عهد جورج دبليو بوش ممارسة التعذيب لاجبار السجناء على الادلاء بمعلومات، خصوصا «الايهام بالغرق» كل ذلك اصاب منظومة حقوق الانسان في مقتل. وسارت بريطانيا على هذا النهج، فاصبحت تدافع عن حلفائها الذين ينتهكون تلك الحقوق، وتساعدهم على الافلات من العقاب.

بعد هذه التجربة الطويلة من المعاناة تارة، وتصاعد الامل بوقف الانتهاكات اخرى، وهيمنة المال النفطي على السجال السياسي والحقوقي ثالثة، وتراجع دول ما يسمى «العالم الحر» عن دعم منظومة الحقوق، اصبح الوجوم سيد الموقف، واصيب النشطاء بصدمة كبرى.

فسجون انظمة الاستبداد مكتظة بالسجناء، ومن بينهم نشطاء حقوقيون معروفون، والدول الغربية تراجعت كثيرا عن مواقفها المبدئية وتحالفت علنا مع انظمة تمتلك سجلا اسود من الانتهاكات، وتقليص صلاحيات المفوض السامي لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة، كل ذلك ساهم في اضعاف بريق المشروع الحقوقي الدولي وتقوية الانظمة الاكثر انتهاكا لتلك الحقوق.

والصراع المحتدم في الدورة الحالية لمجلس حقوق الانسان بين الانظمة الاستبدادية من جهة ونشطاء حقوق الانسان وضحايا القمع السلطوي من جهة اخرى، يعمق الشعور بان مشروع حقوق الانسان ليس جادا، بل ربما اصبح اداة لتصفية الحسابات وتسجيل المواقف، بدلا من التصدي لحقوق البشر التي يغتالها كل يوم اعداء الحرية والانسانية من الطغاة والديكتاتوريين واصحاب رأس المال.

٭ د. سعيد الشهابي - كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

  كلمات مفتاحية

العالم العربي الإرهاب الصين روسيا الديمقراطية إيران إسرائيل حقوق الإنسان

القاهرة تقرر تعويض المتضررين من عمليات الجيش في سيناء وتتعهد بمراعاة حقوق الإنسان

مفوض حقوق الإنسان: معاملة المجر للمهاجرين قاسية ومعادية للمسلمين

«المركز الدولي للعدالة حقوق الإنسان»: الإمارات تصعد هجماتها ضد معتقلي الرأي

«الشبكة العربية لحقوق الإنسان» تدين منع دخول «ناشيونال جيوغرافيك» إلى المملكة

بصمة حقوق الإنسان

هل تحتاج الدول العربية وزارات حقوق الإنسان؟

الإمارات تفوز بعضوية مجلس حقوق الإنسان للمرة الثانية و«قرقاش» يبارك

67 عاما على الإعلان العالمي وحقوق الانسان العربي الضائعة