الحياة في ظل الخوف المتعاظم هي مثل السير مع مسمار مغروز في القفا. أنت تسير، تواصل الخطى، تقوم بكل الأعمال اليومية التي اعتدت عليها، ولكن هذا المسمار لا يترك لك مجالا للراحة. فبين الحين والآخر تجده ينزف.

تحت سلطة الإرهاب والخوف، يصبح كل واحد مشبوها فوريا وهذا هو الأمر الفظيع. في السوبرماركت، في السيارة العمومية وفي الشارع. «انظري، يا له من مسكين مصطفى»، قالت لي أمس صديقة، «يبحث عن عمل بالشموع. ما أن بدأت هذه الفوضى حتى ألغوا له الكثير من الأعمال. اليهود يخافون. والآن هو عندي، يطرش المطبخ». «مصطفى»، من جهة أخرى، يروي لها بهدوء تام بأنه يخاف أن يسير في الشوارع. «هناك فتيان يسألوني ما الساعة. وإذا ما سمعوا لكنة عربية، فإنهم سرعان ما يشبعوني ضربا». «حقا مسكين»، تقول، «آمل ألا يجن جنونه فيمتشق علي سكينا ما. فمع ذلك، هو عربي».

المسمار في القفا في المعركة الاولى، فضلا عن أنه يضايق في كل لحظة معينة، يصبح الصديق الطيب للإنسان المفزوع. إذا كف عن المضايقة، فإن الإنسان الخائف يكف عن الخوف، وعندها سيفقد يقظته. في (إسرائيل) العام 2015 يخاف الأهالي السماح لأولادهم بالخروج، العودة سيرا على الاقدام إلى البيت من المدرسة، الذهاب إلى النوادي أو الخروج إلى حديقة الملاهي. كما أن زيارة إلى حاوية القمامة المجاورة ليست واردة حقا، إذن اذهبوا لتعرفوا من أين يأتي الشر. أهالي الجنود لا يمكنهم أن يغمضوا أعينهم. الاحتياطيون يجلسون متحفزين. الشيوخ تغمرهم الذكريات من النوع الأكثر قرفا.

«هستيرية»، سيقول الشجعان. «لا تريهم الخوف!» سيقول الكفاحيون. السياسيون، من جهتهم، سيواصلون توصيتنا بوقاحة بالحفاظ على روتين حياتنا «ولكن في ظل الحفاظ على اليقظة». وذلك في الوقت الذي يسافرون فيه في سيارة محروسة ونظيفة نمولها لهم من أفضل مالنا.

في (إسرائيل) 2015 الخوف ليس فقط مما يحصل في الشارع هنا والآن. الخوف هو من الغد. فإذا أرادوا أن يقتلوا أحدا ما، فليأخذوا منه الغد.