المنافسة على سوق الهيليوم العالمي تحتدم وقطر في الصدارة

الخميس 11 مارس 2021 12:27 ص

في عام 2013، افتتحت قطر المصنع الثاني لإنتاج الهيليوم المعروف بـ"هيليوم 2" والذي يتميز بقدرة إنتاجية تبلغ 1.3 مليار قدم مكعب في اليوم (ضعف قدرة المصنع الأول)، لتصبح قطر أكبر مصدّر وثاني أكبر منتج لغاز الهيليوم في العالم. وأصبح هذا المصنع المملوك لشركة "قطر غاز" أكبر منشأة لمعالجة الهيليوم على مستوى العالم، بطاقة إنتاجية يومية تبلغ 17.3 مليون طن من الهيليوم السائل.

ويستخدم الهيليوم بشكل أساسي في تبريد معدات التشخيص الطبي ويستخدم للحفاظ على درجات حرارة منخفضة في المختبرات؛ كما أن له تطبيقات في صناعات الإلكترونيات والدفاع والفضاء.

ووفقًا للمؤسسة المالية البريطانية "إتش آي إس ماركت"، فإن الولايات المتحدة تمتلك أكبر احتياطيات من الهيليوم في العالم، تليها قطر وإيران، لكن إيران لم تستغل إمداداتها.

وفي عام 2019، كانت الولايات المتحدة أكبر منتج للهيليوم، حيث أنتجت 68 مليون متر مكعب، بينما أنتجت قطر 51 مليون متر مكعب في نفس العام، وأنتجت الجزائر 14 مليون متر مكعب، أما أستراليا وروسيا فأنتجتا 4 و 2 مليون متر مكعب على التوالي.

لكن استهلاك الولايات المتحدة للهيليوم مرتفع للغاية. فقد تصدرت قائمة الدول المستهلكة للهيليوم على مستوى العالم في عام 2015، بشكل جعلها تستنفذ 4% من احتياطياتها الاستراتيجية من الهيليوم في هذا العام وحده. و وحذرت السلطات المعنية وقتها من أنه إذا استمر هذا الوضع إلى ما بعد عام 2021، فسيتم استنفاد الاحتياطيات. وحتى لو قام القطاع الخاص بسد الفجوة في إنتاج الهيليوم، فإن العلماء الأمريكيين قلقون بشأن مستقبل استهلاك الهيليوم وتكلفته.

أما قطر، فبفضل زيادة إنتاجها من الهيليوم والاحتياطيات الهائلة في حقل القبة الشمالية، فقد أصبحت الدولة الآن في وضع يمكنها من زيادة حصتها بسرعة في سوق تصدير الهيليوم.

وتجدر الإشارة إلى أن شركات النفط تجمع الهيليوم تحت سطح الأرض داخل غرف الغاز الطبيعي، وهي عملية بطيئة وصعبة يتم خلالها تشتيت الهيليوم في غرف الغاز الطبيعي بواسطة صخور اليورانيوم الناتجة عن الاضمحلال الإشعاعي.

أكبر منتج ومصدر للهيليوم

يشكل حقل غاز القبة الشمالية في قطر أكثر من 28% من احتياطيات غاز الهيليوم في العالم. واعتبارًا من عام 2013، أصبحت البلاد صاحبة أكبر احتياطي من هذا الغاز فائق الخفة، تليها إيران (التي تشاركها الحقل)، وروسيا، والولايات المتحدة.

وباعتبارها أهم شريك حالي في الغاز الإيراني في جنوب بارس، تعتبر قطر أيضًا أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال وكذلك في تحويل الغاز إلى سوائل على مستوى العالم.

وحققت شركة "قطر غاز" إنجازًا هامًا عندما قامت بتحميل الشحنة رقم 10 آلاف من الهيليوم من مصنع "هيليوم 2"، مما عزز أهمية قطر في سوق الهيليوم  وأضاف إلى سجلها الحافل بالأمان والموثوقية والجودة. وبحلول نهاية عام 2021، يمكن أن تصل قطر إلى نحو 35% من إنتاج الهيليوم في العالم، بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 2.6 مليار قدم مكعب سنويًا.

ومن خلال مصنعي "هيليوم 1" و"هيليوم 2"، تمتلك شركة "قطر غاز"، التي تنتج وتخزن الهيليوم في قطر وتوفر خدمات التحميل في موقعها في رأس لفان، القدرة على إنتاج 2.2 مليار قدم مكعب قياسي سنويًا. وافتتحت قطر هذا العام مصنع "هيليوم 3" بطاقة إنتاجية تبلغ 400 مليون قدم مكعب قياسي، مما سيرفع طاقتها الإنتاجية الإجمالية إلى 2.6 مليار قدم مكعب قياسي سنويًا في نهاية العام الجاري.

وقد بدأ مصنعا "هيليوم 1" و"هيليوم 2" عملياتهما في سبتمبر/أيلول 2005 ويونيو/حزيران 2013 على التوالي، حيث قام الأخير بتحميل شحنته رقم 5 آلاف في مايو/أيار 2017. ومع ذلك، فبعد اندلاع الأزمة الخليجية عام 2017، أدى الحصار المفروض على البلاد إلى اضطراب قصير في إنتاجها للهيليوم.

مسار سوق الهيليوم العالمي

بالنظر إلى تطبيقات الهيليوم في المجالات التي تتطلب التكنولوجيا الفائقة، بما في ذلك الطب وتصنيع الرقائق واستكشاف الفضاء، فمن المتوقع أن يزداد الطلب العالمي بنسبة 2 إلى 3% سنويًا.

ونظرًا لانتشار فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي (التي تستخدم الهيليوم) وفائدتها المتزايدة في التشخيص المبكر للأمراض المزمنة وكشف السرطان والاضطرابات العصبية، سيزداد استخدام الهيليوم والطلب عليه بشكل طبيعي.

ويستخدم القطاع الصناعي الهيليوم لضمان عدم حبس الفقاعات في كابلات الألياف، وبما أن صناعة أشباه الموصلات قد نمت مؤخرًا، لا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإن الأسواق الآسيوية تستخدم الهيليوم بشكل متزايد في تصنيع الألواح المسطحة وأشباه الموصلات والألياف الضوئية.

كما أن الهيليوم ضروري لتصنيع الإلكترونيات، ما سيزيد من الطلب عليه في بعض الدول الآسيوية، وخاصة الصين والهند وكوريا الجنوبية وتايوان.

أما بالنسبة لروسيا، فإن الطلب المتزايد على الهيليوم للصناعات الحيوية المختلفة، سيمكن منشآت الإنتاج الجديدة لشركة "غازبروم"، التي توشك على الاكتمال في سيبيريا، من زيادة حصة روسيا في سوق الهيليوم العالمي إلى ما يقرب من 30%. وتعتزم "غازبروم" تصدير الهيليوم على شكل سائل مبرد من ميناء فلاديفوستوك، والذي ستحصل من خلاله المصانع الصينية والأمريكية على إمداداتها.

المنافسة تحتدم بين ثلاثة

بالنظر إلى القدرات الإنتاجية الحالية للدول في سوق الطاقة العالمي، يبدو أن المنافسة الرئيسية على المدى القصير والمتوسط ​​ستكون بين قطر والولايات المتحدة بشكل رئيسي.

وإذا لم تواجه روسيا مشكلة في تمويل مشروع إنتاج الهيليوم الخاص بها، فمن المفترض أن تشهد زيادة مفاجئة في حصتها في السوق، وستؤدي زيادة الحصة السوقية لروسيا إلى تعزيز المنافسة في السوق بين هذه الدول الثلاثة الأكبر إنتاجًا.

وتتنافس هذه الدول أيضًا في سوق الغاز الطبيعي المسال على المستوى الإقليمي والعالمي؛ حيث أصبح سوق الغاز الطبيعي الأوروبي على وجه الخصوص موقعًا للمنافسة المتزايدة بين روسيا والولايات المتحدة.

في الوقت الحاضر، لا تؤثر إيران على أسواق الغاز الطبيعي والهيليوم، حيث تحتاج إلى رأس مال وتكنولوجيا أجنبية لزيادة قدرة إنتاج النفط والغاز وبناء مرافق إنتاج الهيليوم، لكنها لم تتمكن من الحصول على أي منهما في ظل نظام العقوبات الحالي.

ولا يمكن لإيران أن تكون منافسًا جادًا على المدى القصير، حتى تتوصل إلى اتفاق مع إدارة "بايدن" لرفع العقوبات وتأمين الاستثمار والتعاون مع الدول المتقدمة.

من ناحية أخرى، من المرجح أن تستمر قطر في الظهور كقوة رائدة في سوق الهيليوم خلال العقد الجاري، حيث تتوفر الظروف المثالية لجذب رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا لزيادة قدرتها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال والهيليوم، فضلاً عن التكلفة المنخفضة للإنتاج، والاستقرار المحلي للبلاد، والسياسة الخارجية الناجحة، والدبلوماسية الاقتصادية.

كما سيؤثر انتهاء الأزمة الخليجية بشكل إيجابي على سياسات قطر المتعلقة بالطاقة وسياستها الخارجية، مما يدعم ويعزز دورها المهم في سوق الطاقة.

المصدر | أوميد شكري كالهصار | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر الغاز الولايات المتحدة الهيليوم

قطر تستحوذ على 35% من الإنتاج العالمي للهيليوم في 2021

رغم الحصار.. قطر تواصل تصدير «الهيليوم» لتلبية الطلب العالمي