الاجتماع القطري التركي الروسي حول سوريا.. هل تضحي موسكو بطهران لإنقاذ الأسد؟

الجمعة 12 مارس 2021 03:03 م

أثار الاجتماع الوزاري القطري الروسي التركي حول سوريا في الدوحة تساؤلات بشأن ما إذا كان ذلك مسارا بديلا لـ"مسار أستانة" لحل الأزمة السورية، الذي لم يحقق شيئا يذكر رغم انطلاقه منذ سنوات.

كما تساءل آخرون حول سر استبعاد إيران من هذه المحادثات، وهل هذا يعني تخلي موسكو عن طهران والتضحية بها؟ ولماذا لجأت روسيا إلى فتح هذا المسار الآن؟

وعقب اجتماعهم في الدوحة، الخميس، أصدر وزراء خارجية الدول الثلاث القطري "محمد عبدالرحمن"، والروسي "سيرجي لافروف"، والتركي "مولود جاويش أوغلو"، بيانا مشتركا قالوا فيه إنهم بحثوا سبل التعاون فيما بينهم بما يسهم في حل سياسي دائم للصراع في سوريا.

وأكد الوزراء عزمهم على محاربة الإرهاب في سوريا بجميع أشكاله ومظاهره، مشددين على أهمية دور اللجنة الدستورية وضرورة الالتزام بالنظام الداخلي ومبادئ عملها الأساسية من قبل الأطراف السورية.

إدراج طرف عربي

وفي تفسيره لهذا الاجتماع الثلاثي، الذي يبدو لافتا في كونه استثنى إيران التي عادة ما كانت طرفا أساسيا في كل مسارات الحل في سوريا، رجح مصدر مطلع، في تصريح لـ"الخليج الجديد"، أن الاجتماع لا يعني إطلاق مسار جديد.

وأضاف المصدر أن هذا الاجتماع يبدو محاولة روسية لإدراج طرف عربي في المباحثات حول مستقبل سوريا، وهو ما تفتقده منصة أستانة، التي تتكون من تركيا وإيران وروسيا.

لكن المصدر رجح أنه إن لم يكن هناك تحول في الموقف القطري الرافض لاستمرار نظام "بشار الأسد"، فـ"لا يمكن أن تصل هذه المجموعة الثلاثية إلى شيء ملموس".

ولفت -في هذا الخصوص- إلى أن المشكلة، أيضا، لا تزال في الموقف الروسي المتمسك بببقاء "الأسد" في الحكم.

ومتفقا مع هذا الرأي، قال الباحث والناشط السوري "وائل عبدالعزيز" إن "اللقاء التشاوري الثلاثي التركي القطري الروسي، لا يبدو أنه بديل عن مسار أستانة".

وأضاف عبر حسابه على "تويتر": "ربما هو محاولة لفتح خط جديد ومنفصل عن إيران مع الدول الحليفة لواشنطن، التي تُوصف بأنها دول حليفة للثورة" السورية.

إنقاذ النظام من الانهيار الاقتصادي

أيضا، اعتبر "عبدالعزيز" التحرك الروسي الجديد محاولة لانقاذ النظام السوري من الانهيار الاقتصادي الذي يواجه حاليا.

وقال إن الجولة الخليجية التي قادها "لافروف"، واختتمها بالدوحة، "كانت بهدف رئيسي هو طلب المساعدة لوقف انهيار النظام الاقتصادي والمساعدة في تخفيف العقوبات عنه، وعودة النظام إلى جامعة الدول العربية".

ولفت إلى أن الإمارات أيدت الجولة وهدفها، ودعت إلى دعم عودة النظام إلى الجامعة العربية، فيما كان موقف السعودية وتركيا وقطر واضحا ومفاده أن الأسباب التي أخرجت النظام من جامعة الدول العربية وفُرضت لأجلها العقوبات لا زالت موجودة؛ وبالتالي فأي انفراجة في هذا السياق مقرونة بانفراجة في الحل السياسي.

واعتبر "عبدالعزيز" أن "لافروف" أخفق في جولته؛ كونه فشل في إقناع السعودية في تغيير موقفها، الذي يعد الأهم عربيا اليوم.

واتفق الكاتب السوري المتخصص في الشؤون الروسية "سامر إلياس" في أن روسيا تأمل من هذا المسار الذي تفتحه تقوية "الأسد" عبر البوابة الخليجية قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في سوريا منتصف العام الجاري.

وقال في تصريحات متلفزة: "طبيعي أن تأمل روسيا في أن يكون الخليج المصدر الأساسي لتمويل عمليات إعادة الإعمار وعودة اللاجئين وعمليات إنعاش الاقتصاد السوري".

وأوضح أن "منع انهيار النظام بات مهمة ملحة لروسيا في الآونة الأخيرة؛ لأن الأوضاع المعيشية في سوريا أصبحت على شفا الهاوية، وتنذر بتطورات جد صعبة؛ لذلك تطمح موسكو في أن يشارك الخليح في إنعاش هذا النظام وعدم موته".

واعتبر "إلياس" أن روسيا أردات اقتناص فرصة الخلافات بين دول الخليج والإدارة الأمريكية الجديدة.

ورأى أن هناك كلمة سر أساسية في هذا الموضوع، وهو الوجود الإيراني في سوريا، وتساءل في هذا الصدد: "كيف يمكن أن تقايض روسيا هذا الوجود بدعم الخليج للأسد بالأموال وإبقائه في الفترة القليلة المقبلة حتى الانتخابات".

وبين أن "الجانب السعودي لم يكن بذات الوضوح التي أعلنته الإمارات من ناحية القبول ببقاء الأسد؛ إذ كانت أبوظبي من أوائل الدول العربية التي أعادت فتح سفارتها في دمشق نهاية عام 2018".

وقال: "السعودية كان موقفها متحفظا، لكن في المقابل لها مطالبات لها عند المعارضة السورية؛ فهي ترغب في إبعاد المعارضة السورية عن تركيا، وأن يكن لها حصة أكثر وزنا في المعارضة في الفترة القليلة المقبلة".

واختم تصريحاته قائلا: "دول الخليج مهمة جدا لروسيا من أجل إنعاش نظام الأسد، وهي تعمل على هذا الأساس، واعتقد أن هناك ثمنا سيكون مطلوبا في الفترة المقبلة وهي العلاقات بين النظام والجانب الإيراني".

هل تتعاون الإمارات مع تركيا وقطر

وفي هذا الخصوص، تساءل الباحث المتخصص في سياسات روسيا بالشرق الأوسط "صموئيل راماني"، حول قدرة روسيا على جلب الإمارات للتحدث مع تركيا و قطر حول سوريا.

وأضاف "راماني"، عبر حسابه على "تويتر": "حتى الآن، كانت المشاركة بين روسيا والإمارات وروسيا وتركيا على مسارات متوازية. لكن قد يؤدي الاتفاق الروسي القطري التركي والتصريحات الإماراتية هذا الأسبوع إلى تفاعلات"، واصفا ذلك بأنه "متغير مثير للاهتمام، ويستحق للنظر فيه".

 

وكان وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد" أكد في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي "سيرجي لافروف"، الثلاثاء، أن "عودة سوريا إلى محيطها أمر لا بد منه، وهو من مصلحة سوريا والمنطقة ككل، والتحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر الأمريكي". 

المحلل الروسي "يفجيل سادورف" رأى أن هذا المسار الجديد "ربما كان باقتراح من روسيا".

وقال في تصريحات متلفزة: "روسيا تسعى لجذب قطر في جميع جهود التسوية في سوريا احتراما لدورها الإقليمي، وبدافع العلاقات والمصالح المتبادلة معها خاصة الاقتصادية".

فيما قال الخبير في العلاقات الدولية "محمد سرميني"، في تصريحات صحفية، إن الاجتماع الثلاثي يبدو كمنصّة تعاون جديدة بين الدول الفاعلة في سوريا، بما قد يُفضي إلى إطلاق مسار داعمٍ أو موازٍ لمسار أستانة.

وأضاف أن موسكو تسعى للتوصّل إلى صيغة جديدة بشأن سوريا مع حلفاء الولايات المتّحدة في المنطقة، على أمل التوصل إلى تفاهم معهم يمكن تسويقه في واشنطن، لا سيما وأنّ التعاون الثلاثي سيُركّز على ملف المساعدات الإنسانية الذي لا تعارضه إدارة "جو بايدن".

وعن استبعاد طهران من الاجتماعات، قال "سرميني": "مع أنّ الاجتماع الثلاثي يستبعد إيران، لكن روسيا حاولت إيصال رسائل طمأنة إليها بالتأكيد على أنّ هدف المنصة هو دعم مسار أستانة الذي تتواجد فيه إيران".

وأضاف: "في الواقع قد يكون الغياب الإيراني مردّه إمّا إلى تفاهم مشترك بين موسكو وطهران يقضي بفصل الملف السوري عن المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي والعراق واليمن ولبنان، أو نتيجة عدم الرضا من إيران، التي لا ترغب في تقديم النظام السوري لأية تنازلات في العملية السياسية وغيرها".

استفادة تركيا وقطر 

لكن ما هي استفادة تركيا وقطر مع هذا المسار الجديد؟

ما يهم تركيا كثيرا، وفق مراقبين، هي مسألة الحفاظ على وحدة سوريا، ومنع أي حراك انفصالي فيها؛ حيث يريد الأكراد انفصال الشمال السوري على الحدود مع تركيا.

إذ تخشى أنقرة من أن خطوة كتلك يمكن أن تشجع الأكراد لديها للمطالبة بذلك في إطار ما يعرف بالحلم الكردي بإنشاء "كردتسان الكبري" بالمناطق الكردية في العراق وسوريا وتركيا وإيران.

لذلك دائما ما يكون التأكيد على رفض الانفصالية في سوريا حاضرا كبند رئيسي في أي بيان يصدر عن اجتماعات تشارك فيها تركيا حول سوريا، وهو ما حصل في الاجتماع القطري التركي الروسي الأخير أيضا؛ حيث شدد البيان المشترك على "مواجهة مساعي الانفصاليين التي تضر بسيادة سوريا ووحدة أراضيها والأمن القومي لدول الجوار".

كما أن تركيا في هذا المسار أكثر قوة حسبما رأى "سادورف".

وأوضح المحلل الروسي: "هذا المسار هو في صالح تركيا أكثر من مسار أستانة؛ فمسار أستانة يمكن وصفه رياضيا بأنه 2 مقابل 1 لصالح روسيا (أي روسيا وإيران في مقابل تركيا)، بينما مسار قطر فهو 2 مقابل 1 لصالح تركيا (أي تركيا وقطر في مقابل روسيا)".

كما يعتقد "سرميني" أن قبول تركيا وقطر بالتعاون للتخفيف من الأزمة الإنسانية عن سوريا، وبالتالي مناطق سيطرة النظام، جاء مقابل تنازل أو تعهد بتنازل روسيا في العملية السياسية، على أن تفضي الجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية المرتقبة للتوصّل إلى اتفاق على المبادئ الدستورية، وهو ما قد يلقى قبولا بالنسبة للولايات المتّحدة.

مركز "جسور للدراسات" (غير حكومي) اعتبر في تعليق له أن الاجتماع الثلاثي القطري التركي الروسي "يُشكل فرصة جديدة للخروج من الانسداد في الملف السوري، لكن ذلك يحتاج إلى خطوات تعزز من الثقة بين الدول الضامنة سواء على مستوى العملية السياسية أو المساعدات الإنسانية".

واستدرك، عبر حسابه على "تويتر": "مع ذلك يبقى التوصل لحل سياسي مستدام (في سوريا) أمرا بعيدا".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا قطر الأزمة السورية لافروف محمد بن عبد الرحمن مولود تشاووش أوغلو

واشنطن ترفع البطاقة الحمراء بوجه أستانة

أردوغان: صبرنا في إدلب بدأ ينفد ولم يعد هناك مسار أستانة

الأمم المتحدة: اجتماع أستانة حول سوريا فرصة مهدرة

محادثات أستانة تفشل في التقدم نحو تشكيل اللجنة الدستورية السورية

إيران: ندعم محادثات الدوحة حول الأزمة السورية

قطر تدعو لمسارات جديدة نحو حل سياسي شامل بسوريا

قطر تتعهد بـ100 مليون دولار للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية السورية

قطر: مبادرتنا التشاورية الجديدة حول سوريا لا تهدف للحد من دور إيران

الدوحة: آلية التشاور بين روسيا وقطر وتركيا هدفها مساعدة السوريين

اتفاق قطري تركي على بناء قرية للنازحين شمالي سوريا