في النهاية كل شيء تفجر

الخميس 15 أكتوبر 2015 07:10 ص

«بيبي يقسم القدس». هذا في واقع الأمر هو ما يحصل هذه الايام، حين يقرر الكابنت فرض «حصار متنفس» على الأحياء الشرق مقدسية ويقيم فاصل بيننا وبينها، فاصل لن يمنع الماء، وبالتأكيد لن يمنع حملة السكاكين. وبعد أن يلفظ الحصار المتنفس أنفاسه سيفرض حصار غير متنفس، واذا ما استمر الوضع في التدهور – ستنظر (إسرائيل) في فرض حظر تجول. وفي النهاية سنضطر إلى النظر في إمكانية إعادة الحكم العسكري. أما حلول أخرى فلا توجد.

هذه ظاهرة شعبية، واسعة، منتشرة، غير متوقعة، لا تقاس ولا يمكن السيطرة عليها. وحتى ألف «أبو مازن» لن يتمكنوا من وقفها. هؤلاء الشباب الفلسطينيون، بعضهم أطفال، ممن يهاجمون بالبلطات والسكاكين، يعيشون في كيان آخر تماما، دافعهم آخر تماما، وهم يجسدون حلم «الربيع العربي» الذي اجتاح الأنظمة، الحدود والدول، للخريف الفلسطيني الذي يغمر الآن الشوارع من القدس وحتى رعنانا، عبر جدار غزة. منذ زمن غير بعيد، في بداية هذا العقد، كان هناك من حذرنا من «تسونامي سياسي» في أعقابه قد يأتي «تسونامي» عنف على الارض. وقد تبددت نبوءات الغضب ولم يحصل شيء. وواصلنا كالمعتاد، مقدسين للوضع الراهن، نعيش الحياة الطيبة ومقتنعين بأن كل شيء على ما يرام. أما الآن فكل شيء يتفجر.

تهتاج القدس منذ سنتين. في السنة الماضية أصبح الهياج عنيفا وقابلا للانفجار. وقد سجلت كل العناوين بأحرف حمراء على كل الحيطان، ولكن «نتنياهو» لم يفعل شيء. باستثناء إلقاء الخطابات، بالطبع. كل الخطوات البطولية التي «يبادر اليها ويدفعها إلى الأمام» الآن سبق أن تقررت ودفعت إلى الأمام في السنة الماضية وفي تلك التي سبقتها. وفي النهاية يكاد يكون كل هذا علاقات عامة. «نتنياهو» يحظر على الوزراء إجراء المقابلات الصحفية، يبعث إلى التلفزيون بوزرا «ئه» (شتاينتس، ميري ريغف)، يحصد المكاسب على مشاريع القوانين التي ترفض ويسرب إلى قنوات التلفزيون «خطوات الكابنت» قبل لحظة من النشرة الإخبارية، لتهدئة الجمهور. ولكن الجمهور لا يهدأ. لا يوجد ما يدعوه إلى الهدوء.

منذ زمن غير بعيد هدد «نتنياهو» من إنه إذا صعد «تسيبي وبوجي» إلى الحكم سيتعين علينا السفر إلى المبكى في مجنزرة. نصف هذه النبوءة تحققت. «تسيبي وبوجي» ليسا في الحكم، ولكن المجنزرات في الطريق الى القدس. الخطوات الأمنية التي يتخذها «نتنياهو» الآن صحيحة. وهو يبدي ضبط النفس ويتصرف بحذر. المشكلة ليست في ما يفعله الآن بل ما لم يفعله حتى الآن. من يقدس الوضع الراهن ولا يفعل شيئا في عشية السبت، يأكل العصيدة التي طبخها في السبت.

الفلسطينيون محرضون، مفعمون بالكراهية وبالأخيلة. وهم لا يتصرفون ببربرية فقط، بل ويكذبون بعد ذلك ويجعلون القتلة قديسين معذبين. كل هذا نحن نعرفه. المشكلة هي أننا نتجاهل دورنا في هذا التدهور. دور اليمين المسيحاني الذي يتحدث بصوت عال عن بناء الهيكل في الحرم، والذي يحج بوتيرة متعاظمة إلى الحرم ويعطي للمتطرفين الاسلاميين بنية الأدلة الأساس لجعل الذبابة فيلا أو التلة جبلا. مشوق أن نرى كم انتفاضة سينتجها الحرم، إلى أن نتعلم هذا الدرس.

  كلمات مفتاحية

فلسطين القدس الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو ثورة السكاكين الانتفاضة الثالثة (إسرائيل)

الإعلام العبري: دول عربية تضغط لوقف الانتفاضة

هبة أم انتفاضة أخرى؟

قمة التواطؤ: حكومات عربية تهب لنجدة نتنياهو وتتدخل لوأد الانتفاضة

انتفاضة ثالثة؟ لكن الشروط لم تكتمل بعد

«نتنياهو» يلغي زيارة إلى ألمانيا وسط تحذيرات من اندلاع انتفاضة ثالثة