انتخابات الفلسطينيين: إشكاليات الجسد الممزق

السبت 13 مارس 2021 07:00 ص

انتخابات الفلسطينيين: إشكاليات الجسد الممزق

تساؤل عن إمكانيّة حصول ديمقراطية مجزأة على أقسام الشعب الفلسطيني، الخاضع كل قسم منه لظروف مختلفة؟!

أي محاولات للتعبير عن هوية موحدة سياسيا ولو بطريقة رمزية تتعرض لأشكال من القمع والقسر والضغوط من الاحتلال.

انعكس التشتت الفلسطيني بفعل الاستيطان والاحتلال واللجوء بشكل فادح على قدرات الفلسطينيين على تمثّل هوية فلسطينية واحدة.

*     *     *

تحوّل الفلسطينيون، بعد نكبة 1948 ثم هزيمة ثلاث دول عربية في حزيران 1967، إلى جسد مقسّم بين الذين ظلوا ضمن ما يسمى «الخط الأخضر» وصاروا «مواطنين» في الكيان الإسرائيلي الناشئ على أنقاض بنيتهم الوطنية الفلسطينية، ولاجئين في الدول العربية المحيطة، وخاضعين لسلطة احتلال في الضفة الغربية وغزة.

تحوّل سكان الضفة وغزة، بعد اتفاقات أوسلو، وعودة منظمة التحرير إلى فلسطين، إلى سكان في جغرافيا مقسّمة لخرائط بأسماء الأحرف، تحكمها سلطة وطنيّة فلسطينية تسعى للحصول على سيادة مكتملة ووضعية دولة.

ثم انقسموا، مجددا، بعد نزاع «فتح» و«حماس» عام 2007، ليصبحوا مواطنين تحكمهم سلطتان وطنيتان مهددتان دائما بالهجمات الإسرائيلية، والحصارات، وإمكانية إعادة الاحتلال، كما نشأ تشطير جديد، وخصوصا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، في حقبة دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، لفصل المقدسيين عن باقي الجسد الفلسطيني.

إضافة إلى انعكاس التشتت الفلسطيني، بفعل الاستيطان والاحتلال واللجوء، بشكل فادح على قدرات الفلسطينيين على تمثّل هوية فلسطينية واحدة، فإن أي محاولات للتعبير عن هذه الهوية سياسيا، ولو بطريقة رمزية، تتعرض لأشكال من القمع والقسر والضغوط، من السلطات الإسرائيلية التي تعتبر أي شكل من أشكال التوحّد الفلسطيني تهديدا مباشرا لها.

مفيد في أجواء الانتخابات الحالية، التي ستجري في الضفة وغزة والقدس، وكذلك الانتخابات الإسرائيلية التي سيشارك فيها الفلسطينيون، أن نحاول فهم ما يجري على ضوء هذا المنظور، بدءا من التطوّر المؤسف الذي حصل بين مواطني دولة الاحتلال الفلسطينيين، والمتمثّل في انفصال أحد مكوّنات «القائمة المشتركة» عنها، على خلفيّة وعود انتهازيّة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويظهر الأثر السيئ لهذا الانقسام حين نقارنه بالنجاح الكبير الذي حققته «المشتركة» في الانتخابات السابقة، مما أدى لجعل الصوت الفلسطيني وازنا ضمن الكنيست وتحسب الكتل السياسية الأخرى، وخصوصا اليمين المتطرّف العنصري والاستيطاني، حسابا له، وهو ما أدى إلى تغيير نتنياهو لتكتيكاته السياسية تجاه العرب، واستجابة البعض لهذه التكتيكات.

كان ملحوظا أيضا، في سياق مناطق السلطة الوطنية، الصراعات الناشبة داخل حركة «فتح» والتي كان آخر تداعياتها فصل عضو لجنتها المركزية ناصر القدوة من الحركة.

كما طفت على السطح أنباء عن خلافات مع القائد الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، الذي أعلن نيته خوض الانتخابات الرئاسية ثم تراجع عن ذلك، والقيادي في الحركة نبيل عمرو الذي أعلن أيضا إمكانية ترشحه خارج قائمة «فتح».

من جهتها، فقد نجحت «حماس» في إنجاز انتخابات داخلية أسفرت عن فوز جديد لقائدها يحيى السنوار بعد معركة صعبة مع القيادي نزار عوض الله.

لكن الإجراءات لم تخل من نقد يطالب، على لسان القيادي يحيى موسى، بـ«دمقرطة» كاملة للحركة، من حق الترشح والدعاية وتقديم البرامج وتشكيل القوائم والتحالفات الانتخابية والنشر والاعتراض والطعون، والانتقال إلى تبني فكرة المؤتمر العام، وهو طرح تجاوز طروحات المعترضين الفتحاويين الكثر.

تدفع هذه الظواهر للتساؤل عن إمكانيّة حصول ديمقراطية مجزأة على أقسام الشعب الفلسطيني، الخاضع كل قسم منه لظروف مختلفة، ويزداد السؤال خطورة حين يوضع ضمن منظور مواجهة الفلسطينيين (المجزئين جغرافيا وسياسيا بشكل لا يشبه أي شعب آخر في العالم) لخصمهم الإسرائيلي، الذي يحاول التلاعب في انتخاباتهم، والحد من نزوعهم الديمقراطي، بقدر ما يهمّه إبقاء سيادتهم منقوصة وانشقاقاتهم مستمرة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الفلسطينية، الانقسام، فلسطين، فتح، حماس، التشتت، الاستيطان، الاحتلال، هوية،

فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية الفلسطينية