القدس العربي: إيران خططت لتطبيق التغيير الديموجرافي قبل الثورة السورية

الأحد 21 مارس 2021 12:16 ص

اعتبرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية أن إيران خططت لتطبيق التغيير الديموجرافي في سوريا قبل الثورة التي اندلعت عام 2011 واسفرت عن مقتل آلاف السوريين وتهجير قسري طال 13 مليونا من إجمالي السكان.

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان "فضل عبدالغني" إن النظام السوري مارس عدة مخططات في الهندسة السكانية والتغيير الديموجرافي، مستبعدا نجاح "بشار الأسد" في إحداث تغيير ديموجرافي في البلاد، على اعتبار أن الغالبية السكانية هي من الأكثرية السنية.

وقال لـ"القدس العربي": إن "النظام السوري غير ديموجرافيا عدة مواقع سورية، لعل أبرزها محافظة حمص وسط وفي محيط دمشق ودير الزور وريف حلب، وهنا استخدم النظام العديد من الأدوات للتغيير الديموجرافي، منها المجازر الطائفية والعنف الجنسي بهدف إرهاب السكان، والقوانين التي تسمح له بالسطو على أملاك السوريين.

ويرى مدير الشبكة السورية، أن التغيير الديموجرافي مرتبط إلى حد كبير بالتهجير القسري للسوريين، فعدد المهجرين اليوم يقدر بحوالي 13 مليونا بين نازح داخليا ولاجئ خارج الحدود، وهي حرب تهدف إلى التغيير الديموجرافي.

كما أن "الأسد" يقوم بتجنيس غير السوريين، وهو غير قانوني وغير شرعي، كما اعتبر المصدر أن النظام ارتكب جرائم ضد الإنسانية بغية الوصول إلى مبتغاه، إضافة إلى استغلال "الأسد" لفقر السكان المحليين، لتغيير توجههم الديني، في خطوة تتبع لسياسات النظام الإيراني.

ويرى خبراء في الشأن السوري، أن ملف التغيير الديموجرافي في سوريا، لم يولد بسبب انطلاق الاحتجاجات الشعبية في البلاد عام 2011 بل إن الثورة كانت من أهم العوامل الكاشفة لخفايا المشروع الذي تقوده إيران في المنطقة العربية، والذي يشمل عددا من الدول العربية كالعراق ولبنان، سوريا واليمن.

وباتت دمشق مهيئة لتنفيذ ذلك المخطط مع سيطرة "الأسد" على السلطة بعد تعديل الدستور خلال فترة وجيزة للغاية، وهو ما شرع الأبواب على مصراعيها للتغلغل الإيراني وتطبيق التغيير الديموجرافي على عدة مستويات باستخدام أدوات ناعمة بداية لاقتحام المجتمع السوري، واستغلال وجود بعض المواقع المذهبية لطهران في سوريا والتي شكلت معسكرات لإحداث التغيير في النسيج الاجتماعي المحلي.

مخطط إيراني

وقال الخبير في العلاقات الدولية "محمد العطار" إن "التغيير الديموجرافي الفعلي بدأ في سوريا منذ عام 2005 جراء تعاون وتماهي الأسد مع الرغبات الإيرانية، واستقبال قوافل الحجيج الإيراني إلى ما يسمى المناطق المقدسة-المراقد الدينية في سوريا".

وهي سياسة ساهمت بمضاعفة أعداد الإيرانيين في البلاد أضعاف ما كانت عليه في عهد والده حافظ "الأسد"، مضيفا، حتى تلك المرحلة، لم يصل المخطط إلى مرحلة التغيير الديموجرافي في النسيج السوري، بل يمكن وصفه بالتغلغل الديني المذهبي، ثم بدأت مرحلة استغلال الفقر والعجز المالي لبعض السوريين في مواقع مختلفة من العاصمة دمشق إلى سهول حوران جنوبا، وصولا للشرق السوري ووسط البلاد.

نقطة التحول الكبرى، وفق الخبير "العطار"، بدأت بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان "رفيق الحريري"، إذ توجه "الأسد" آنذاك للاستعانة بالقوة الإيرانية المتنوعة، حتى توغلت طهران في مفاصل الدولة السورية بما فيها مؤسسات مدنية وعسكرية، أما على صعيد المجتمع فتوغلت عبر الجمعيات الخيرية والاعتماد على المشافي والمراكز الطبية.

بعد انطلاق الثورة في عام 2011 ساهمت إيران إلى حد ما في دفع النظام السوري نحو الحل العسكري الشامل لمواجهة السوريين، ثم أوعزت لزعيم حزب الله اللبناني "حسن نصر الله" بعبور الحدود اللبنانية-السورية، ليس لحماية النظام السوري فحسب، بل كبداية لتطبيق التغيير الديموجرافي في الجغرافية السورية، وهو ما حصل فعلا، إذ استولى حزب الله على مدن وبلدات وانتشر في مساحات أكبر بحجة الدفاع عن الأسد ونظامه، فارتكب مجازر مروعة بحق السوريين، أسوة بجيش ومخابرات النظام، وكل ذلك تم برعاية وتأييد إيراني مباشر.

وفي خطوة تالية للمخطط الإيراني، بدأ الحرس الثوري الإيراني بشحن آلاف المقاتلين من عشرات الميليشيات المذهبية الطائفية إلى سوريا، وكذلك الميليشيات القومية الموالية للمخططات والمشاريع الإيرانية، وهو ما ساهم بدوره في تثبيت الأقدام الإيرانية في العديد من المحافظات السورية.

ثم بدأت إيران بإرسال المعممين الشيعة إلى سوريا، بهدف الترويج للتشيع عبر استخدام عدة طرق خدمية ومذهبية، خاصة في المدن والبلدات التي تمركزت فيها الميليشيات الطائفية والتي يبلغ تعدادها أكثر من 65 ميليشيا شيعية.

وهنا بدأ النظام السوري بتجنيس عناصر تلك الميليشيات ومنحهم بطاقات الهوية السورية، وهذا ما أكده "الأسد" في خطاب له، عندما تحدث عن مجتمع متجانس، وأن سوريا لمن يدافع عنها فقط.

مصلحة إيران لم تكن بإنهاء الحرب في سوريا والتي كانت هي أحد أبرز أركانها، إذ كانت طهران بحاجة ماسة لعامل الوقت لتأسيس قاعدة اجتماعية ودينية وعسكرية تؤسس لمرحلة بالغة الحساسية في سوريا، تبدأ معها سياسة إحداث حزام أمني مذهبي حول العاصمة، وهو ما تم فعلا إذ انتشرت الميليشيات الإيرانية والحرس الثوري على طول المناطق المحاذية لدمشق، وشيعت العديد من المناطق وعدد ليس بالقليل من العائلات السورية التي كانت تحمل هوية الأكثرية.

وقال "العطار": "إيران خططت لمعادلة التغيير الديموجرافي قبل الثورة السورية وكثفت جهودها في ذلك منذ انطلاق الثورة التونسية، فهي كانت تدرك بأن المجتمع الدولي سيرفض تواجدها في سوريا".

وتابع "لذلك اعتمدت على القوة الناعمة المبنية على حاجة السوريين وتأثرهم بنتائج الحرب لتحقيق ما تصبو إليه، في حال تم إجبارها على الانسحاب العسكري من البلاد، فهي بذلك ستكون قد بنت قاعدة محلية تمهد لإعادتها مستقبلا".

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إيران سوريا تغيير ديموغرافي شيعة سنة شيعة سنة

محاولة إحكام قبضتها ديموغرافيا..إيران تدفع بشيعة المنطقة للسكن بسوريا

ناقلة نفط إيرانية محملة بمليون برميل في طريقها لميناء طرطوس السوري