«ديلي تايمز»: لماذا نتوقع تغييرا وشيكا في النظام السعودي؟

السبت 17 أكتوبر 2015 01:10 ص

إلى متى سننتظر لنري تغييرا في النظام في المملكة العربية السعودية؟ كان هذا هو السؤال الذي سأله الكاتب «جوناثان باور» كاتب عمود الشؤون الخارجية في صحيفة «إنترناشيونال هيرالد تريبيون» لمدة 20 عاما في مقال نشره بجريدة «ديلي تايمز» الباكستانية، أما الإجابة التي خلص لها في نهاية مقاله فهي: «لا أحد يعرف ما إذا كانت المملكة العربية السعودية قد وصلت إلى نقطة اللا عودة أم لا، ولكن يمكن للمرء أن يشعر أن تغييرا كبيرا وحقيقيا في الطريق».

يمكن في هذا الصدد رصد عدد من المؤشرات التي ذكرها الكاتب ليؤكد توقعه بأن هناك تغييرات قادمة ربما تطرأ على نظام الحكم في المملكة العربية السعودية:

 انهيار أسعار النفط

السعودية، بحسب الكاتب لم تبن فقط منزلا على الرمال حين مضت في استراتيجية إغراق الأسواق بالنفط وتخفيض السعر، أملا فيما قيل عن توجيه ضربات للنفط الصخري الأمريكي ومعاقبة روسيا وإيران عبر تركيعهما اقتصاديا، ولكنها بنته على »رمال متحركة» سوف تبتلعها.

فصادرات النفط السعودية، بحسب «جوناثان باور» تشهد تراجعا منذ سنوات مع ارتفاع استهلاك الطاقة الداخلية بشكل كبير في المملكة، وهناك تدهور في أحوال السعودية الاقتصادية وبطالة بين الشباب (30% من السعوديين تحت سن 30 عاما ويشكلون ثلثي السكان و30% منهم لا يجدون وظائف)، وهو ما يهدد أغنى دولة في العالم العربي بأن تهوي إلى الفقر.

هنا يشير تقرير «ديلي تايمز» أن «السعودية بلد مريض اقتصاديا»، حيث تراجعت أسعار النفط بمقدار النصف العام الماضي، وتنقل عن (فورين بوليسي): «أن الاستراتيجية السعودية كانت السعي للحفاظ على إنتاجية عالية من النفط بهدف ضمان حصة في السوق، والسماح بهبوط الأسعار، بما يعرقل النفط الصخري الأمريكي المرتفع في تكلفة الاستخراج، ولكن ما حدث هو أن هذه الاستراتيجية فائقة الأنانية لم تفيد الدول المنتجة للنفط، وأصبحوا يخسرون أكثر من إيرادات النفط، وما يكسبونه ينفقونه على مبيعات الأسلحة».

وتقول «ديلي تايمز» أن ميزانية السعودية لعام 2015 بنيت على افتراض أن النفط سيباع بحوالي 90 دولارا للبرميل، وهو ما لم يحدث ما أدي لعجز في الميزانية بنسبة 20 في المائة، مما أدى إلى استنزاف احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي بنسبة قياسية بلغت 12 مليار دولار في الشهر.

وتكمن خطورة هذا الوضع أنه إذا استمر الانخفاض في سعر النفط وانخفضت العوائد فإن هناك خطورة من هروب رؤوس الأموال من المملكة وانخفاض التصنيف الائتماني لها. أما الأخطر فهو أن الحكومة ستواجه مشاكل في استمرار سياساتها الحالية المتمثلة بدعم الغذاء، والسكن، والمياه، ومجموعة واسعة من السلع الاستهلاكية، والطاقة، ما يعني مزيدا من المشاكل الاقتصادية.

تدهور حالة حقوق الإنسان

لم تعد الاتهامات التي توجه للسعودية بانتهاك حقوق الإنسان تصدر فقط من منظمات حقوقية يجري تجاهلها، ولكن حتى «هيلاري كلينتون»، المرشح للرئاسة الأمريكية، والتي كانت حتى وقت قريب حليفا قويا لآل سعود، انتقدت علنا ما أسمته «السجل المروع للمملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان».

جزء من هذا الانتهاك لحقوق الإنسان،وفقا للصحيفة، يتعلق بالخارج والتدخل السعودي في اليمن، إذ يشير الكاتب الأمريكي في مقاله إلى أن التدخل العسكري السعودي في اليمن أدي لقتل الآلاف من المدنيين، وأن الدافع السعودي وراء التدخل وهو محاصرة الدعم الإيراني للحوثيين، «يبدو مشكوكا فيه»، بحسب تعبيره.

كما أن هناك شكوكا حول دعم السعودية للجهاديين المتشددين بما يؤدي لقتل أبرياء أيضا، وقد ألمحت «هيلاري كلينتون» لأن الاتهام هنا لا يتعلق فقط باتهام أفراد أثرياء سعوديين بإرسال التبرعات للتنظيمات الإسلامية الجهادية المتشددة، ولكنها اتهمت الحكومة نفسها بأنها فعلت ذلك، وفقا للكاتب.

صفقات فاسدة

يشير الكاتب هنا لغضب في المملكة المتحدة مما كشفته الصحف عن صفقات اقتصادية جرت بين بريطانيا والنظام في السعودية من أجل التغطية على فضائح سعودية عديدة، وينوه لما ذكره محرر شؤون الشرق الأوسط بصحيفة الغارديان البريطانيّة «إيان بلاك» من أن العلاقات البريطانية المضطربة مع السعودية تشهد توتراً متصاعدا.

فالعلاقات بين البلدين مبنية في الأساس على الشراكة الاقتصادية، حيث يتشاركان في نحو 200 مشروع اقتصادي تصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 17.5 مليار دولار، كما أن هناك ما يزيد على 20 ألف بريطاني يعيشون ويعملون في المملكة، أضف إلى ذلك مبيعات الأسلحة، فقد عقدت صفقات بما قيمته 4 مليارات جنيه إسترليني خلال الأعوام الخمسة الماضية.

وهذه الصلات الأمنية السرية، يعتبرها الجانبان أساسية خاصة في الأوقات التي تشهد فيها العلاقات اضطرابا، بحسب الجارديان، التي تضرب مثلاً بالأزمة الحالية بسبب ملف اعتقال ومحاكمة المسن البريطاني «كارل أندريه»؛ بسبب امتلاكه خموراً منزلية الصنع وهو ما أدى للحكم عليه بالجلد.

فالعلاقات بين البلدين دوما تشهد فضائح كل بضعة سنوات يتناولها الإعلام مثل فضيحة فيلم «موت أميرة» الذي سجل عام 1980 لإعدام أميرة سعودية وعشيقها بتهمة الزنا وهي الأزمة التي أدت لقيام الرياض بطرد السفير البريطاني لديها وفرض عقوبات اقتصادية على لندن، وفضيحة صفقة اليمامة عام 2006، وتهديد الرياض بقطع العلاقات الاقتصادية مع لندن؛ إذا لم تفرض الحكومة إلغاء التحقيقات المتقدمة في ذلك الوقت في اتهامات بالفساد والرشوة طالت مسؤولين سعوديين وبريطانيين في صفقة أسلحة بريطانية.

يضاف لهذا الغضب البريطاني مما كشفته الغارديان مؤخرا «أن المملكة المتحدة أجرت صفقة في عملية التصويت السرية بمجلس حقوق الإنسان، تقوم بموجبها لندن بدعم انتخاب السعودية ضمن أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رغم سجل المملكة السيئ في هذا المجال».

ونوهت الصحيفة إلى استغلال رئس الوزراء السابق «توني بلير» دوره لوقف التحقيق في جرائم احتيال خطيرة ورشاوى مدفوعة لكبار السعوديين لتسهيل بيع مقاتلات بريطانية للرياض، والذي كانت النيابة العامة تعتبره إضرارا بمصالح الأمن في المملكة المتحدة.

الفشل في إدارة موسم الحج

يقول الكاتب في معرض الإشارة ضمنا لفشل السعودية في إدارة موسم الحج الأخير ومقتل المئات: «إلى متى يجب علينا أن ننتظر لتغيير النظام في المملكة العربية السعودية؟،مشيرا لما قال أنه وفاة أكثر من 769 حاجا في تدافع مني (العدد الرسمي ارتفع إلي 1753 قتيلا)، وأن هذا دفع حتي أصدقاء آل سعود للدعوة للاعتراف أن هناك شئ ما خطأ، وأخذ الأمر على محمل الجد».

صراعات داخل الأسرة الحاكمة

هنا يشير الكاتب إلي ما نشرت صحيفة الغارديان عن رسالتين وجههما أمير سعودي تتحدثان عن دعوات للقيام بانقلاب قصر ضد الملك «سلمان»، بدعوي المشاكل الاقتصادية والسياسية المتراكمة، وأنه لا يدير البلاد وإنما يضع مقاليد الأمور بيد نجله الذي ينتهج سياسات خطيرة تقود البلاد إلى الخراب السياسي والاقتصادي والعسكري، وفقا للصحيفة.

فتحت عنوان «أمير سعودي يطالب بتغير النظام في البلاد، وتنحي الملك سلمان بن عبد العزيز»، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، تقريرا أشارت فيه إلى أن «أحد كبار الأمراء السعوديين المرموقين طالب بتغيير النظام في السعودية بسبب التحديات الضخمة التي تواجهها المملكة بسبب انهيار أسعار النفط والحروب التي تخوضها في اليمن والانتقادات التي وجهت لها بسبب فشلها في إدارة موسم الحج».

ولفتت الصحيفة إلى أن «هذه الدعوة لم يسبق لها مثيل»، موضحة أن «الأمير السعودي، وهو أحد أحفاد مؤسس السعودية عبد العزيز ابن سعود، كشف لها عن انزعاج العائلة المالكة وأبناء السعودية من الملك الحالي الذي يدير شؤون البلاد».

وأشارت إلى أن الأمير الذي لم يكشف عن اسمه لدواعي أمنية، أوضح أنه كتب رسالتين يطالب فيهما بتغيير الملك نظرا لأنه « ليس في وضع مستقر، وفي الحقيقة فإن ابن الملك محمد بن سلمان، هو من يدير شؤون البلاد».

وذكر أ الأمير السعودي، الذي ينتمي لجيل الأحفاد في العائلة الحاكمة، للغارديان أن «أربعة أو خمسة من أعمامه سيجتمعون قريبا لمناقشة الرسائل المرسلة إليهم، وسيضعون خطة مع العديد من أبناء أعمامه، وهذه خطوة جيدة».

أمريكا لا تضمن استقرار النظام

الأهم من كل ما سبق، وما قد يعجل بتغيير نظام آل سعود،وفقا للكاتب، أن الولايات المتحدة لم تعد الضامن النهائي لاستقرار النظام السعودي كما كانت تفعل في ظل التغيرات في منطقة الشرق الأوسط وتحولت السعودية لدولة أقل أهمية للمصالح الغربية الأساسية، بحسب «ديلي تايمز».

وقد يكون من العوامل الداعمة لهذا الموقف الأمريكي هو «ثورة الزيت الصخري» التي وضعت حدا للقبضة السعودية على الاقتصادات الغربية، فضلا عن أن هناك من يري في أمريكا أن ذهاب النظام السعودي الحالي قد يكون مفيدا وأكثر فاعلية في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وفقا لوصف الكاتب.

 

 

  كلمات مفتاحية

آل سعود الملك سلمان انخفاض أسعار النفط محمد بن سلمان خطاب نذير عاجل

الشقاق الملكي في بيت «آل سعود»

«فورين بوليسي»: حان وقت قلق أمريكا من انهيار النظام السعودي

«الجارديان»: دعوة غير مسبوقة في العائلة المالكة لتغيير خط الخلافة السعودي

«ميدل ايست اي»: خطاب «نذير عاجل» يمثل صراع أجيال بين آل سعود