انسداد قناة السويس يربك العالم ويفتح شهية القراصنة

الاثنين 29 مارس 2021 12:45 ص

أدى جنوح سفينة الحاويات الضخمة "إيفر جيفن" في قناة السويس إلى انسداد شريان تجاري عالمي رئيسي.

تبلغ سعة السفينة العملاقة 20 ألف حاوية، وكانت في طريقها من ميناء يانتيان في الصين إلى ميناء روتردام في هولندا عندما جنحت وسدت الممر المائي العالمي.

وسفينة "إيفر جيفن" مملوكة لشركة "شوي كيسن" اليابانية، ومستأجرة من شركة "إيفر جرين" التايوانية، ولم يتبين حجم التأثير المضاعف للحادث على حركة الشحن إلا الآن.

وهذه ليست المرة الأولى التي تعلق فيها سفينة في قناة السويس التي تعد ممرا حيويا بين الشرق والغرب.

فقد تضمنت عمليات الجنوح السابقة سفنا أصغر حجما، بما في ذلك السفينة "فابيولا" التي عرقلت سير القوافل المتجهة جنوبا في القناة لمدة يومين عام 2016، وسفينة "ميرسك شمس" التي تسببت في القليل من الاضطراب عام 2015، قبل إعادة تعويمها في نفس اليوم.

لكن الأمر مختلف هذه المرة. إذ يعد الانسداد الحالي للقناة بمثابة دعوة للاستيقاظ لضمان إبقاء نقاط الاختناق (المناطق الضيقة) في قناة السويس بعيدة عن مثل هذه الحوادث.

إذا أُعيد فتح القناة بسرعة؛ فمن المفترض أن تتمكن السفن المنتظرة الآن من تعويض الوقت دون حدوث الكثير من الاضطراب في سلاسل التوريد العالمية المثقلة بالفعل جراء ازدحام الموانئ وتأخيرات النقل الداخلي بسبب جائحة فيروس "كورونا".

إذن، حدث الانسداد في قناة السويس بينما يعاني الجنس البشري من الوباء؛ حيث الجسد مريض.

لم يتضح بعد سبب جنوح السفينة "إيفر جيفن"، لكن التقارير الأولية أشارت إلى أنها واجهت مشكلة في المحرك.

غير أن متحدثا باسم المديرين الفنيين للسفينة استبعد تعرضها لأي عطل ميكانيكي أو فني.

وجار حاليا محاولات إنقاذ لـ"إيفر جيفن" بالتنسيق مع هيئة قناة السويس من أجل تحريك السفينة وإعادة فتح القناة، لكن التقديرات تختلف حسب المدة التي تتطلبها عملية استئناف حركة الملاحة بالكامل.

السؤال الرئيسي الآن هو: ما هي الحلول الممكنة؟

تشمل الحلول انتظار ارتفاع حركة المد (ارتفاع مستوى الماء)، أو إنشاء دائرة انعطاف واسعة للسفينة عن طريق حفر ضفاف القناة، لكن هذا الحل سيستغرق وقتا ويتطلب معدات متخصصة.

خيار آخر هو تخفيف حمولة السفينة رغم أن هذه ستكون عملية إنقاذ أكثر تعقيدا.

فنظرًا لحجم السفينة، التي يعادل طول 4 ملاعب كرة قدم، وحقيقة أنها محملة بالكامل، فإن الجهود المبذولة لإنزال الحاويات التي تحملها باستخدام رافعة عائمة ستكون صعبة.

سيتعين على شركات الشحن قريبا إعادة توجيه مسارهم إلى طريق رأس الرجاء الصالح لمواصلة خدمات الشحن في آسيا وشمال أوروبا وآسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة. ستتطلب هذه الخطوة تكاليف تأمين إضافية، وتكاليف شحن أخرى، إلى جانب تأخير التسليم لأسابيع. ولن تزيد جائحة "كورونا" الأمر إلا صعوبة.

تمثل البضائع المعبأة في حاويات حوالي 26% من إجمالي حركة الشحن عبر قناة السويس؛ حيث تُقدر القيمة اليومية للبضائع المتجة عبرها غربا بحوالي 5.1 مليارات دولار، وشرقا بنحو 4.5 مليارات دولار.

في اليوم الأول من انسداد القناة، كانت هناك 165 سفينة إما عالقة داخل مجرى القناة أو تنتظر عند أحد طرفيها، بما في ذلك 41 من ناقلات البضائع السائبة، وسفينتا زيت خام، و20 سفينة من نوعي "باناماكس" (سفن كبيرة لا يزيد طولها على 295م وعرضها على 32.25م، وعمق غاطسها على 13.5م) و"سوبر ماكس" (سفن متوسطة الحجم لا يزيد طولها على 199م وعمق غاطسها على 12.2 م).

وبات العطل الذي تشهده القناة أكثر إثارة للاهتمام.

فقد علق بسببه 24 ناقلة نفط؛ بما في ذلك 3 ناقلات عملاقة (VLCCs)، و9 سفن من نوع "سويس ماكس" (مصطلح يستخدم لوصف السفن الكبيرة القادرة علي عبور القناة بأقصى مقاييسها). إضافة إلى 33 سفينة حاويات؛ 4 منها (بما في ذلك إيفر جيفن) يزيد وزنها على 197 ألف طن. و16 من ناقلات البترول المسال أو الغاز الطبيعي، و8 ناقلات سيارات، و15 ناقلة بضائع، بما في ذلك السفن طويلة المدى التي تحمل 90 ألف طن من وقود الطائرات أو الديزل إلى أوروبا.

ويبلغ حجم الأعمال المتراكمة (جراء انسداد القناة)، لسفن الطاقة وحدها، حوالي 50 سفينة في اليوم.

إن حماية السفن المكتظة (كما هو حاصل اليوم جراء انسداد قناة السويس) أمر حيوي بسبب تهديدات الأمن البحري.

إذ ترسل مثل هذه التأخيرات إشارات إلى أن هذه السفن مهيأة للهجوم أو لأعمال القرصنة؛ ما يلهم بعض الجماعات للاستفادة من الموقف.

لذا، فإن حادثة "إيفر جيفن" قد تجعل بعض شركات الشحن إلى التوقف مؤقتا.

ومع احتمال اضطرار السفن إلى تحويل مسارها حول الطرف الجنوبي لإفريقيا، تصبح القرصنة أيضا تهديدًا في خليج غينيا، ويجب أن تكون الدول الواقعة على ساحل الخليج في حالة تأهب قصوى خلال الأسابيع المقبلة.

إن انسداد قناة السويس يجعل من الأهمية بمكان ضمان عدم تكرار الأمر بالممرات المائية الأخرى.

فحادثة "إيفر جيفن" هي نداء إيقاظ لقطاع الشحن العالمي، وواحد من الدروس التي يجب تعلمها.

وفي الماضي، عانت قناة بنما، التي تربط المحيطين الأطلسي والهادئ، من مشاكل خاصة بها، وحالات من هذا النوع في الممرات المائية الضيقة، وهذا يؤكد أن مراقبة تدفق التموينات هو مفتاح الأمن الاقتصادي العالمي.

المصدر | أوراسيا ريفيو | ثيودور كاراسيك - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر قناة السويس إيفر جيفن قراصنة

ديفيد هيرست: قناة السويس تكشف خطورة السيسي على العالم وليس مصر فقط

قناة السويس الجديدة.. أزمة "إيفر جيفن" تكشف فشل رهان السيسي

بعد أزمة قناة السويس.. روسيا تروج للنقل عبر الطريق البحري الشمالي