ماذا تعني ضريبة القيمة المضافة بالنسبة للتحديات الاقتصادية في عمان؟

السبت 10 أبريل 2021 01:31 ص

تخطط الحكومة العُمانية لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في جميع أنحاء البلاد بدءا من 16 أبريل/نيسان الجاري.

ومن المتوقع أن تصل الإيرادات السنوية من الضريبة الجديدة إلى 400 مليون ريال عُماني، أو نحو 1.04 مليار دولار.

وتوجد حاجة ماسة إلى تدفقات إيرادات إضافية للمساعدة في تمويل الميزانية؛ حيث تتوقع ميزانية 2021 عجزا قدره 5.7 مليار دولار.

وبالرغم من أهمية ضريبة القيمة المضافة، فإنها لا تكفي لمواجهة التحديات الاقتصادية المتصاعدة في السلطنة، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التقدم في الإجراءات المالية خلال الأشهر والأعوام المقبلة.

وكان من المتوقع طرح ضريبة القيمة المضافة في نهاية المطاف منذ اعتماد اتفاقية ضريبة القيمة المضافة الموحدة في مجلس التعاون الخليجي عام 2016.

وعلى عكس السعودية والإمارات، اللتين طبقتا الضريبة في عام 2018 وفقا للاتفاقية، أو البحرين التي فرضت ضريبة القيمة المضافة بعد عام واحد، أخرت عُمان التنفيذ لأكثر من 3 أعوام.

وخلال هذه الفترة، فرضت الحكومة العمانية ضريبة انتقائية على المشروبات المحلاة والتبغ في يونيو/حزيران 2019، وأنشأت هيئة ضرائب جديدة في وقت لاحق من ذلك العام.

وأعاد السلطان "هيثم بن طارق آل سعيد" تنظيم مصلحة الضرائب في أبريل/نيسان 2020 مع تعيين موظفين جدد وإنشاء مديريات جديدة.

ويقال إن بعض أشكال ضريبة الدخل الشخصي على أصحاب الدخل المرتفع قيد الإعداد لعام 2022، وهو إعلان مهم نظرا لعدم فرض أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي حاليا ضريبة الدخل الشخصي.

ومع ذلك، فقد تم فرض ضريبة متواضعة على دخل الشركات في عُمان منذ عدة أعوام.

وبالرغم أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة ليس خطوة جذرية، إلا أنه من المتوقع وجود بعض المقاومة من المواطنين والمقيمين.

وقد تثير الزيادات الضريبية انتقادات في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى التعافي من الانكماش الاقتصادي.

وتقلص الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان بنسبة 6.4% في عام 2020، وارتفع العجز المالي إلى 17.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وزاد دين الحكومة المركزية إلى 81% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعا من 60% في عام 2019. وتتراوح توقعات النمو لعام 2021 من 1.3% إلى 1.8%، وهو أفضل مما كان متوقعا ولكن لا يعد ذلك بوتيرة سريعة للنمو.

ومنذ توليه السلطة في يناير/كانون الثاني 2020، عمل "هيثم بن طارق" على تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية.

وبالرغم أن الفضل يعود إلى السلطان الراحل "قابوس بن سعيد" في تطوير البنية التحتية للدولة العمانية الحديثة إلى حد كبير.

لكنه لم يكن قادرا على دفع الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية.

وتركز الحكومة العمانية الآن على تعديل مفاهيم السياسة الاقتصادية.

وتجنبت السلطنة إلى حد كبير الإعلان عن مشاريع عملاقة وبرامج اقتصادية جديدة باهظة الثمن، كما حدث في السعودية المجاورة.

وبدلا من ذلك، يعد النظام الضريبي المنسق مكونا مركزيا في جهود الحكومة العمانية الأوسع لإدارة مالية الدولة بشكل أكثر فعالية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، وافق السلطان على خطة التوازن المالي متوسطة الأجل، التي تهدف إلى القضاء على العجز المالي في البلاد بحلول عام 2025.

وبالإضافة إلى خطط زيادة الإيرادات، سعت الحكومة إلى الحد من النفقات من خلال خفض فاتورة أجور القطاع العام، والإعانات الموجهة، وعمليات الدمج المختلفة للجهات الحكومية.

ويُعد الالتزام بتطبيق الضريبة في وقتها أمرا بالغ الأهمية للحفاظ لمنع انهيار ثقة المستثمرين في السلطنة.

وفي 2 أبريل/نيسان، أكدت وكالة التصنيف العالمية "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني السيادي للعملات الأجنبية والمحلية على المدى الطويل والقصير "B + / B" للعملات الأجنبية والمحلية، وحافظت أيضا على نظرتها المستقرة لاقتصاد البلاد.

ومن المحتمل أن تؤدي أي تغييرات في اللحظة الأخيرة، خاصة التأخير في تنفيذ الضريبة، إلى إلحاق ضرر اقتصادي أكبر من إلغاء الضريبة تماما.

وينطوي السيناريو الأكثر احتمالا على عدد من الإعفاءات الضريبية التي تحمي بعض الأفراد والشركات من التأثير الكامل لضريبة القيمة المضافة.

وتتضمن الأشكال الأكثر شيوعا للمعاملة الضريبية التفضيلية تصنيفا صفريا، أي فرض ضريبة القيمة المضافة بمعدل 0% على منتج أو خدمة، وكذلك الإعفاءات.

وسيتم إعفاء الرعاية الصحية والتعليم والخدمات المالية والمواد الغذائية الأساسية من ضريبة القيمة المضافة.

ومن المتوقع إعفاءات أخرى في القطاعات المتعلقة بمبادرات التنويع الاقتصادي أو في المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، مثل تلك الموجودة في الدقم.

وسبق لصندوق النقد الدولي أن حذر حكومات دول الخليج من أن التصنيف الصفري والإعفاءات والتعريفات المختلفة للقطاعات الخاضعة للضريبة قد تؤدي إلى انخفاض إجمالي الإيرادات الضريبية بنسبة تصل إلى 50%.

وسعت دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة منذ أعوام. وفي عام 2020، رفعت السعودية معدل الضريبة القياسي إلى 15% بدلا من 5%.

وقاومت الإمارات دعوات مجتمع الأعمال لخفض معدل ضريبة القيمة المضافة خلال العام الاقتصادي الصعب لعام 2020.

وبالمثل، حافظت البحرين، التي طبقت ضريبة القيمة المضافة في عام 2019، على معدلها الأصلي البالغ 5%.

وفي الدول الثلاث، يوجد عدد كبير من الإعفاءات وأشكال أخرى من المعاملة التفضيلية التي تهدف إلى تخفيف الأثر الاقتصادي على المواطنين، مثل شراء المنازل لأول مرة.

ولم تطبق قطر والكويت ضريبة القيمة المضافة بعد.

وبالرغم من عدم إعلان جدول زمني رسمي للتنفيذ في قطر، يقال إن الهيئة العامة للضرائب في البلاد قد نفذت العمليات والأنظمة اللازمة لكنها تنتظر الموافقة النهائية من الحكومة.

وتجد الحكومة والبرلمان الكويتيان صعوبة في الاتفاق على تمويل فوري لرواتب القطاع العام، لذا فإن الموافقة على ضريبة جديدة وتنفيذها تبدو بعيدة.

ويعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة في عُمان خطوة ضرورية لمعالجة العجز في الميزانية وما يترتب على ذلك من مشكلات الديون، التي أصبحت ملحة بشكل متزايد بسبب الصدمات الاقتصادية الحادة لعام 2020.

وفي 4 أبريل/نيسان، أعلنت وزارة المالية العُمانية أنها اقترضت 1.56 مليار دولار من هيئة الاستثمار العمانية (صندوق الثروة السيادي)، و4.6 مليار دولار أخرى من مصادر داخلية وخارجية أخرى.

ويجب أن تتعامل عُمان أيضا مع نحو 10.9 مليار دولار من استحقاقات الديون الخارجية في عامي 2021 و2022.

وربما تساعد الإيرادات الضريبية الجديدة الحكومة على تقليل احتياجات الاقتراض الضخمة، والوفاء بالالتزامات، وجعل دفاترها المالية أكثر جاذبية لوكالات التصنيف الائتماني، ما يقلل في نهاية المطاف من تكاليف الاقتراض.

ومع ذلك، إذا لم يكن العمانيون مستعدين لتحمل ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، فسيكون أمامهم طريق اقتصادي طويل ووعر.

المصدر | روبرت ماغلونيسكي/معهد دول الخليج العربي في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضريبة القيمة المضافة عجز الميزانية التنصنيف الصفري الإعفاءات الضريبية الاقتصاد العماني مجلس التعاون الخليجي

مع نظرة مستقبلية مستقرة.. ستاندرد آند بورز تصنف عمان عند B+ / B

تجلب مليار دولار.. ضريبة القيمة المضافة تدخل حيز التنفيذ في عُمان

تداعيات كورونا والنفط.. تراجع إيرادات عُمان بـ30.5% في الربع الأول

عُمان تطلق 65 استثماراً.. ولا ضريبة دخل في 2023