أمريكا وروسيا: من يروّض من؟

الجمعة 16 أبريل 2021 08:23 ص

أمريكا وروسيا: من يروّض من؟

هل يكون لقاء جو بايدن المرتقب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حاسما لوقف التصعيد في العلاقات الأمريكية الروسية؟

عقوبات أمريكية على روسيا ردا على تدخلها بالانتخابات الأمريكية عام 2020 وعمليات تسلل إلكتروني وتسميم نافالني وتهديد أوكرانيا.

شهدنا أمثلة واضحة على خذلان واشنطن لتركيا وأوكرانيا وجورجيا والسوريين إزاء عدوان روسيا في عهد رؤساء جمهوريين وديمقراطيين.

تحاول روسيا بوتين استعادة «أمجاد» السوفيات وبل الامبراطورية الروسيّة القديمة التي وعدت باقتسام الشرق الأوسط وتركيا والبحار الدافئة.  

يأتي الفعل الروسي ضمن رغبة إدارة بوتين بإعلان موقعها كقوة عظمى وخصم لا يمكن عقابه دون رد أما الموقف الأمريكي فيقوم على خيار "العصا والجزرة".

*     *     *

أعلنت أمريكا أمس الخميس عن مجموعة واسعة من العقوبات على روسيا وذلك ردا على تدخلها في الانتخابات الأمريكية عام 2020 ومسؤوليتها عن عمليات تسلل إلكتروني وتهديدها المتعاظم لأوكرانيا إضافة إلى أنشطة «خبيثة» أخرى مثل تسميم المعارض أليكسي نافالني وسجنه.

استهدفت العقوبات شركات روسية، وطرد دبلوماسيين، وفرض قيود على سوق الدين السيادي الروسي، وشملت 32 من الكيانات والأفراد.

من جهتها، وفي سلوك اعتيادي لا يتغيّر، فقد قامت موسكو بإنكار مسؤوليتها عن هذه الأفعال وقالت وزارة خارجيتها أن الرد على العقوبات «سيكون حتميا ومدروسا» ليتم إعلانه في أقرب وقت، لكنّ وسائلها الإعلامية الرسميّة احتفت بإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أن لقاءه المرتقب مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، سيكون حاسما لوقف التصعيد في العلاقات.

يُحتسب الفعل الروسي ضمن الرغبة في الإعلان أن إدارة الرئيس بوتين هي في موقع القوة العظمى، وأنها الخصم الذي لا يمكن عقابه من دون توقع ردّ مقابل، أما الموقف الأمريكي فيقوم على خيار «العصا والجزرة».

يتوقّع الأمريكيون، والمنظومة الدوليّة، من واشنطن التحرّك ضد أي هجوم يستهدفها، كما هو حال التدخل في الانتخابات، أو يتعرّض لتوازنات العالم، كما هو الحال في التصعيد الروسي ضد أوكرانيا، أو حتى بما يتعلّق بالقضايا الروسيّة فيما يخصّ تعامل الكرملين مع المعارضة.

لا ترغب الإدارة الأمريكية، مع ذلك في مواجهة مفتوحة مع روسيا وهذا ينطبق على طبعة الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، الذي اضطرّ أكثر من مرة لمواجهة تهديدات الدب الروسيّ بعقوبات.

لكنّه كان المرشّح الأمريكي المفضّل بالنسبة لبوتين، أو في طبعة الرئيس الديمقراطي بايدن، الذي تعهّد في حملاته الانتخابية بمواجهة روسيا، وقد شهدنا أمثلة واضحة على خذلان واشنطن لتركيا وأوكرانيا وجورجيا والسوريين، وتشارك في ذلك الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون.

تستغلّ إدارة بوتين نزوع الأمريكيين والأوروبيين لتجنّب مواجهة مباشرة مع روسيا بفتح الباب لجواسيسها لتصفية خصومها السياسيين في الخارج (كما حصل عدة مرات في بريطانيا) وبنشر شبكاتها التجسسية الفعلية في أي موقع ممكن (كما كُشف مؤخرا في إيطاليا) وفي التدخّل في عمليات التصويت والانتخاب، ونشر معلومات مضللة، وكذلك بنشر مرتزقة فاغنر في مواقع الصراع العالمية!

ولا تتورّع عن ضم مناطق تابعة لدول أخرى (كما حصل في استيلائها على شبه جزيرة القرم الأوكرانية) أو العمل المباشر على تغيير أنظمة حكم وحكومات.

تردّ أمريكا وأوروبا على هذه التدخّلات بعقوبات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، كما أنها تقوم أحيانا بمواجهات عسكرية مباشرة نادرة، أو بتسليح حلفائها، لكنها تترك دائما أبوابا للتحرّك السياسي والدبلوماسي في محاولة تكاد تكون يائسة لترويض الدبّ الروسي.

في المقابل تتابع موسكو عملها «المعتاد» كما لو أنها غير مكترثة بتراكم العقوبات الاقتصادية والسياسية، في محاولة، من جهتها أيضا، لـ«ترويض» العالم الغربيّ بإيصاله لقناعة أن موسكو لن تتوقف عن أعمالها الحربيّة والأمنية وتمديد مجالها الحيويّ.

وأن عليه أن يكفّ عن معاقبتها لأنها لن تردّ على العقوبات فقط، بل هي مستعدة لدفع الأمور نحو الهاوية التي لا يريد أحد في العالم أن يمضي إليها.

لقد تمكّن العالم الغربيّ سابقا من تفكيك الاتحاد السوفياتي منهيا الحرب الباردة لكنها لا تكفّ عن الاشتعال في أرجاء العالم، مهددة، في أحيان كثيرة، بإبادة الجنس البشريّ بأكمله.

والآن، في مسعاها لوراثة الدور السوفياتي، تحاول روسيا بوتين مجددا استعادة «الأمجاد» القديمة ليس للاتحاد السوفياتي فحسب بل للامبراطورية الروسيّة القديمة التي كانت موعودة باقتسام الشرق الأوسط (بما فيها تركيا) والاتصال الجغرافي بأوروبا والبحار الدافئة، والمراهنة الآن على: من سيروّض الآخر؟

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

أمريكا، روسيا، ترويض، عقوبات، بوتين، بايدن، العصا والجزرة، الحرب الباردة، السوفيات،

روسيا ترد على عقوبات واشنطن بحظر دخول 8 مسؤولين أمريكيين

الجيش الأمريكي يكشف عن مناورات عسكرية قرب الحدود الروسية

الاتحاد الأوروبي: نواجه أوقاتا صعبة مع روسيا.. وموسكو: علاقتنا بأمريكا أسوأ من الحرب الباردة