في مصر.. أجواء رمضان تعود ولا إجراءات لموجة كورونا الثالثة

الاثنين 19 أبريل 2021 04:58 م

شتان بين رمضان العام الماضي، وهذا العام، رغم أن فيروس "كورونا" المستجد لم يغادر، بل يصفه البعض بأنه بات أكثر شراسة.

ولكن في مصر، عادت أجواء رمضان من جديد، بعد عام من الاختفاء، فازدحمت الشوارع بالمتسوقين لشراء الحلوى ومستلزمات شهر رمضان وسط أجواء أقرب إلى العادية، رغم التحذيرات المتصاعدة وأرقام الإصابات التي ترتفع يوما بعد آخر، واحتمال حدوث موجة ثالثة للجائحة.

فالعام الماضي، كانت "القاهرة حزينة"، وشهدت صمتا وخوفا وتباعدا، وفرحة لم تكتمل؛ بسبب تداعيات فيروس "كورونا"، حسبما وصف "سعيد عبدالشافي"، ولكن "الروح عادت" هذا العام، حسب قوله.

ويحكي أن المصريين الذين اعتادوا أن ينقلوا للعالم بهجة الشعور بالشهر الفضيل، افتقدوا روحانياته وطقوسه ولياليه العامرة بالقاهرة، العام الماضي.

فالعام الماضي، فاجأ كورونا الجميع بإجراءات لا ترحم؛ كانت سببا في خسارة فادحة لأصحاب الورش وكثير من المحال، هؤلاء البسطاء الذين لا يملكون من حطام الشهور سوى رزق رمضان الذي ينعش أحوالهم ويعوّض خسارتهم عن بقية الشهور.

فلم يسمح سوى للمطاعم بفتح أبوابها لتوصيل الطلبات وأُغلقت المساجد وفُرض حظر تجوال ليلي، لكن هذا العام تعمل المطاعم بشكل عادي والمساجد مفتوحة للمصلين مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي واتباع الإرشادات الصحية.

وتتخوف الحكومة المصرية من ارتفاع أعداد الإصابات بشكل كبير خلال شهر رمضان الحالي، حيث حذّر رئيس الوزراء "مصطفى مدبولي"، من بعض "العادات المصرية" المتعارف عليها خلال شهر رمضان، والتي قد تؤدي إلى تزايد أعداد حالات كورونا، الأمر الذي يستوجب "الحرص الزائد من الجميع".

إلا أن هذه التحذيرات لا تجد صدى بين المواطنين، فالعزائم والولائم مستمرة، بل إن بعضهم يحاول تعويض ما فاتهم من العام الماضي.

تقول "سعاد"، وهي زوجة وأم مصرية: "رمضان الماضي كان الأول في حياتي الزوجية الذي أقضيه كاملا في منزلي، دون ولائم للأهل والأقرباء والأصدقاء".

وأضافت لـ"الخليج الجديد": "حتى والدتي ووالدي، منعنا من الذهاب إليهما والإفطار معهما ولو ليوم واحد، وهو ما سنعوضه في رمضان المقبل".

بدأت "سعاد" الاستعداد لرمضان منذ شهرين تقريبا، بداية من تجهيز ما تحتاج إليه من لحوم ودجاج مبرد ومتبل، وخضروات مغسولة ومعدة للطهي.

كما أن الشوارع مزدحمة بشكل كبير، وغرامات فرض الكمامة غير مطبقة، والمولات التجارية مكتظة بالمواطنين، سواء لمن يشتري أو من يخرج للتنزه.

ووقت الإفطار، تبدو المطاعم كاملة العدد، وصفوف المصريين متراصة جنبا إلى جنب، وهو ما يتكرر في النوادي الاجتماعية، والمتنزهات، التي يلجأ لها المصريون عادة لكسر حرارة الجو.

وعقب الإفطار، عادت من جديد الخيام الرمضانية، حيث يجتمع المصريين في أماكن أغلبها مغلقة، ويقدم بعضها "الشيشة"، حتى وإن كانت محظور تقديمها طبقا لقرارات حكومية.

ولا يختلف الحال كثيرا عند السحور، خاصة في الأماكن الأثرية، كالأزهر وشارع المعز، بالقاهرة الفاطمية، حيت يجتمع الآلاف يوميا على المقاهي وعربات الفول، دون أي تحسب لإجراءات احترازية أو تباعد.

تلك "أيام لا يريد أحد أن يتذكرها"، كما يقول صاحب إحدى مقاهي شارع المعز، الذي أضاف لـ"الخليج الجديد": "اعتدنا طوال العقود الماضية ألا يكون هناك موطئ لقدم في الشوارع في أثناء ليالي رمضان، لم نصدق ما حدث العام الماضي الذي كان فارغا مظلما بلا بشر ولا أنوار".

وتبدو منطقة "تحت الربع"، المعروفة بأنها قبلة المصريين في الأيام القليلة التي تسبق الشهر الكريم، شاهدة على هذا التغير بين العام الماضي والحالي.

فشوارع المنطقة، حيث ورش الفوانيس ومراكز بيع أقمشة الخيامية، بالإضافة لياميش رمضان بأسعار تناسب محدودي ومتوسطي الدخل، مكتظة بالآلاف يوميا.

وتغيرت الأحوال هذ العام، فلم يعد أحد يهتم بالموجة الثالثة للفيروس، فالمارين في المنطقة لا يكادون يرتدون الكمامات.

يقول "عبدالرحيم"، صاحب إحدى ورش الفوانيس في حديثه لـ"الخليج الجديد": "العام الماضي تكبدنا خسارة كبيرة، خاصة أننا كنا قد اشترينا الخامات من النحاس والألومنيوم، ثم جاءت قرارات الحظر في منتصف مارس (آذار)، لتكون ضربة لم تتحملها الكثير من ورش المنطقة، إذ كان موسمنا شهرين فقط في العام، ومع الأسف فقدناه العام الماضي".

لا يرتدي "طارق"، صاحب "فرشة" الأشغال الرمضانية على مدخل الغورية، الكمامة ولا مساعده كذلك، تلامس يده كل شيء، ورغم ذلك لا تنقطع أسئلة الزبائن عن أسعار البضاعة وأشكال الزينة وأحجام المفارش وأحبال الإنارة والقطع الممغنطة بالرسوم الرمضانية.

ويقول لـ"الخليج الجديد": "فرق شاسع بين رمضان ورمضان، تلك الأيام ربنا لا يعيدها".

يأتي هذا التجاهل العام للإجراءات الاحترازية، رغم مناشدات مسؤولين رسميين، من موجة ثالثة من فيروس "كورونا"، تتزامن مع قدوم شهر رمضان.

ويستند المسؤولون لقولهم بأن "المنحنى الوبائي في إيطاليا وقراءته يشبهان مصر، لكن إيطاليا تسبقنا بشهر ونصف"، ما يعني أن مصر ستشهد الموجة الثالثة للفيروس مع منتصف أبريل/نيسان.

ويؤكد ذلك، الصعود المتزايد لأعداد الحالات المصابة بالفيروس خلال الأسابيع الماضية، فيما ارتفع مؤشر الوفيات مجددا ليصل عند مستوى 5.9%..

ومنذ 7 مارس/آذار الجاري، تشهد مصر زيادة تدريجية في حالات الإصابة، إذ سجلت حينها 581 حالة، وصولا إلى 850 حالة الأحد.

ويقول الخبراء، إن الأرقام الرسمية لا تعكس في الغالب سوى نسبة صغيرة من الإصابات الحقيقية، وذلك بسبب "محدودية المسحات"، وعدم الاعتداد بنتائج الفحوص الخاصة.

وتقوم الحكومة حاليا بحملة تطعيم، لكنها لم تتلق حتى الآن سوى كميات محدودة من لقاحي "سينوفارم" من الصين، و"أسترازينيكا" من برنامج "كوفاكس العالمي".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر كورونا أجواء رمضان لقاح كورونا الخيام الرمضانية الإجراءات الاحترازية

مسؤولون مصريون يحذرون من موجة ثالثة لكورونا في رمضان

كورونا.. مصر تسمح بإقامة صلوات التراويح في رمضان المقبل

الحكومة المصرية: تزايد إصابات كورونا يتطلب حرصا وتطبيقا للاحترازات