في 5 أبريل/نيسان الجاري، وقع وزير الطاقة الأوكراني بالإنابة، "يوري بترينكو"، ونظيره القطري "سعد شريدة الكعبي"، مذكرة تفاهم ثنائية حول تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين.

وتشمل الوثيقة، على وجه الخصوص، الاستثمارات القطرية المحتملة في قطاع التنقيب عن الغاز الطبيعي الأوكراني وإنتاجه، وتدرس عمليات تسليم قطر المستقبلية للغاز الطبيعي المسال إلى أوكرانيا.

على هذا النحو، تعكس مذكرة التفاهم تحديين مهمين يواجههما قطاع الغاز الأوكراني في الوقت الحالي؛ وهما الانخفاض المتوقع في الإنتاج المحلي، والحاجة المتزايدة لتأمين المزيد من الإمدادات من مصادر مختلفة.

واقع القطاع الأوكراني

وتكافح أوكرانيا لإنعاش قطاع التنقيب والإنتاج منذ بضعة أعوام بالفعل. وفي عام 2015، أعلنت شركة "نافتوجاز" الرئيسية المملوكة للدولة، أكبر منتج للغاز الطبيعي في البلاد بما يمثل نحو 75% من إنتاج أوكرانيا، عن "استراتيجية 20/20".

وكان الهدف من الاستراتيجية المذكورة هو زيادة إنتاج الغاز الطبيعي حتى عام 2020 بمقدار الثلث، إلى 20 مليار متر مكعب سنويا. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ البرنامج الطموح.

وبالفعل، في عام 2019 اعترفت "نافتوجاز" بفشل "استراتيجية 20/20"، حيث لم يزد إنتاج الشركة من الغاز بشكل كبير.

علاوة على ذلك، تم العثور على ثلاثة أرباع حقول الغاز التابعة للشركة مستنفدة بنسبة تصل إلى 87%.

وبالتالي، أعلنت إدارة "نافتوجاز" عن استراتيجية جديدة للأعوام المقبلة، تركز على جذب المستثمرين الأجانب لتوقيع عقود تعزيز الإنتاج وكذلك اتفاقيات مشاركة الإنتاج مع الشركة، من بين أهداف أخرى.

ومنذ ذلك الحين، اتبعت الحكومة الأوكرانية نفس النهج فيما يتعلق بتطوير قطاع الغاز المحلي.

وأعلنت أوكرانيا عن العديد من مناقصات عقود تعزيز الإنتاج، في وقت مبكر من عام 2019، ولكن لم يتم إبرام الاتفاقيات الخاصة بتطوير 8 كتل إلا في أواخر عام 2020 وأوائل عام 2021.

وأظهر هدف جذب المستثمرين الأجانب حتى الآن نتائج هزيلة. فيما منحت السلطات 7 من العقود الـ 8 لشركات أوكرانية، وذهب عقد واحد فقط إلى شركة أجنبية.

وتم توقيع نصف اتفاقيات مشاركة الإنتاج مع شركة تابعة لشركة "نافتوجاز"، ومع ذلك، لم يشمل أي منها شركاء من الخارج.

ويتناقض هذا بشكل صارخ مع استراتيجية الشركة وخططها الأولية؛ حيث كانت "نافتوجاز" تعتزم تطوير 2 من الكتل الـ 4 التي حصلت عليها مع شركة "فيرمليون إنيرجي" الكندية، لكن الأخيرة انسحبت من الصفقة عام 2020.

وحتى الآن، تظل أهم شراكات "نافتوجاز" في مجال المنبع مع الشركات الأجنبية، هي اتفاقية لتعزيز الإنتاج بقيمة 30 مليون دولار مع شركة "إكسبيرت بتروليوم" الرومانية.

وبصرف النظر عن البحث عن استثمارات في إنتاج الغاز، تناقش أوكرانيا بنشاط أيضا الخيارات الممكنة لواردات الغاز الطبيعي المسال عبر محطات إعادة التحويل إلى غاز في المنطقة.

وفي الآونة الأخيرة، عقد مشغل نظام نقل الغاز "جيتسو" مشاورات مع صانعي القرار في مجال الطاقة في أوكرانيا وكرواتيا، وكان كلا الاجتماعين متعلقين، من بين مواضيع أخرى، بشحنات الغاز الطبيعي المسال المحتملة في المستقبل إلى أوكرانيا.

آمال على قطر وتركيا

ومن المفترض أن يسعى الجانب الأوكراني إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال، ليس فقط لزيادة أمن الإمداد الخاص به، ولكن أيضا لتعزيز تطوير تجارة الغاز باستخدام إمكانات التخزين الهائلة لأوكرانيا، حيث تتسع قدراتها لـ 31 مليار متر مكعب من الغاز في شبه جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا.

وقد يكون الخيار الافتراضي الآخر هو تطوير محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال الخاصة بأوكرانيا في المستقبل.

وتمت مناقشة مثل هذا المشروع عدة مرات في الماضي، لكنه فشل دائما بسبب أمور من بينها عدم رغبة تركيا في السماح للسفن الحاملة للغاز الطبيعي المسال بالمرور عبر مضيق البوسفور.

والآن، ومع ذلك، قد يكون الوضع مختلفا، حيث أعطت تركيا للتو الضوء الأخضر لبدء قناة إسطنبول، وهو مشروع ضخم سيوفر طريقا جديدا لحركة المرور لتحويل الشحنات الخطرة بعيدا عن مضيق البوسفور.

وإذا تم بالفعل بناء القناة في الأعوام القادمة، فقد تمهد أيضا الطريق لإمدادات الغاز الطبيعي المسال المباشرة المحتملة إلى أوكرانيا.

ولا يزال من السابق لأوانه التكهن بما قد تجلبه مذكرة التفاهم بين أوكرانيا وقطر.

لكن من المحتمل أن تكون كييف حريصة على إقناع "قطر للبترول" بدخول قطاع التنقيب والإنتاج في أوكرانيا، بينما تستكشف الدوحة بالتأكيد سوقا جديدة لصادراتها من الغاز الطبيعي المسال، لا سيما أنها تريد زيادة قدرة التسييل المحلي بشكل كبير في العقد القادم.

ويبدو كل هذا واعدا، ولكن يجدر بنا أن نتذكر أن كلا البلدين قد فكرا أيضا في هذا التعاون في مجال الطاقة قبل 3 أعوام، وهو ما لم يأتِ في النهاية بأي شيء.