كبارا وصغارا.. كورونا يحول بين القطريين وعادات رمضانية

الثلاثاء 27 أبريل 2021 11:03 ص

تعد المجالس من أبرز العادات التراثية التي يحافظ عليها المجتمع القطري، لكن فيروس كورونا أطفأ بريقها بقلة روادها، تحت وطأة إجراءات احترازية للوقاية من الوباء.

خلال رمضان، تتميز هذه المجالس باستضافتها لموائد الإفطار و"الغبقة"، غير أن القطريين يفتقدون هذا العام للعادات والتقاليد الرمضانية المتعارف عليها، وعلى رأسها الزيارات الاجتماعية.

ففي مارس/آذار الماضي، قررت السلطات القطرية منع التجمعات والزيارات الاجتماعية بالأماكن المغلقة في المنازل والمجالس، والسماح بتواجد 5 أشخاص بحد أقصى في الأماكن المفتوحة منها.

ولهذا أصبحت الزيارات الاجتماعية العامرة في الشهر الفضيل أولى ضحايا الجائحة، بالإضافة إلى الخيم الرمضانية التي لم تنصب هذا العام.

وعقب أداء صلاة التراويح، كان الناس يتجمعون في المجالس، ويتبادلون أطراف الحديث، وهي من بين تقاليد وعادات يتوارثها القطريون.

تأثيرات قاسية

ووفق "خولة مرتضوي" وهي باحثة في الحضارة والإعلام، رئيس قسم الإعلام والنشر بجامعة قطر، فإن "جائحة كورونا أرخت بظلالها القاسية على مختلف مظاهر الحضارة الإنسانية الحالية، وقد تأثر الاجتماع الإنساني أيما تأثر".

وأضافت: "كانت الجماهير التي أبعدتها دوامة الحياة والاتصالات الافتراضية عن واقع الحياة الاجتماعي الطبيعي، تنتظر رمضان بشوق لتنتظم في فيلق المناسبات الاجتماعية المختلفة التي كانت تعقد بالتواتر في أمسيات الشهر الفضيل.".

وتابعت أنه "في قطر كانت صلاة التراويح في الجوامع لوحدها من أبرز المناسبات الشعائرية التي كانت تجمع القاصي والداني بعد عام تام".

واستطردت: "الغالبية كانت تتجمع في تلك الصوامع الجماهيرية تآزرا على الطاعة ونوعا من التواصل والتآلف الاجتماعي من خلال الصلوات الجماعية، التراويح والقيام".

وأردفت: "هذه الصلوات التي لا تؤدى حاليا في المساجد؛ حفاظا على سلامة المصلين وأمن الصحة القومية؛ ترافقت مع قرار منع الزيارات الأسرية والمناسبات التي كانت تعقد في المطاعم والفنادق، مثل الغبقات والسحور وأحيانا الإفطار (في الخيام الرمضانية)".

وقالت "مرتضوي": "إضافة إلى أن الموجة الثانية من الوباء أصبحت تهاجم بشراسة الأطفال الصغار؛ ما جعل أمر عقد الاحتفال الشعبي التراثي (القرنقاعوه)، الذي كان يصادف ليلة منتصف رمضان ويشارك فيه بالأساس الأطفال قبل الكبار، أمرا مستحيلا وسط هذه الأجواء التي تحكمها الشرائط الصحية والقانونية".

وختمت: "أرجو من الله تعالى أن يعيد تمظهراتنا الحضارية واجتماعنا الإنساني إلى سابق عهده وأفضل من ذلك، وأن يرفع الله عنا وعن الإنسانية جمعاء هذا الوباء والبلاء".

أكلات تراثية

ليس المجالس وحدها، كعادة اجتماعية هي فقط الباقية، إذ تحتفظ موائد القطريين منذ عقود من الزمان بأطباق مختلفة حافظت الأجيال المتعاقبة على معظمها.

فنجد على الإفطار الرمضاني مثلا الثريد والهريس والكبسة باللحم أو بالدجاج والمقبلات مثل الشوربة والسمبوسة بالجبنة أو بالخضار أو بالدجاج والساقو والمحلبية.

ويأتي بعدها وجبة الغبقة في وقت متأخر من الليل، وأكثر ما تحتويه المائدة هو السمك الطازج مع الأرز الأبيض والصالونة.

ورغم التطور الاقتصادي والمجتمعي، ما يزال "المجلس" الخليجي يمثل تراثا بصبغة حديثة كعلامة من علامات التواصل بين أفراد المجتمع وتعزيز العلاقات بينهم، وتحافظ عليه الأغلبية حتى لو تغير شكله القديم.

وللمجالس طقوس خاصة بها، فتبدأ باستقبال الضيف ببخار العود الطيب واحتساء القهوة العربية، ولا ينصرف مقدم القهوة إلا بعد تحريك الفنجان بطريقة معينة، كما تقدم له التمور، حيث يعتبران (القهوة والتمر) جزءا من طقوس كرم الضيافة.

ولا تخلو المجالس من أطعمة مختلفة ذات طابع شعبي وتراثي، كالرهش واللقيمات والبلاليط والمناقيش واللقيمات.

عشاء "الغبقة"

ومن أهم العادات التي افتقدتها المجالس في قطر، خلال رمضان هذا العام، هي الغبقة، وتعني عند القطريين والخليجيين عامة، العشاء الرمضاني المتأخر، الذي يسبق وجبة السحور.

و"الغبقة" هي كلمة عربية أصيلة من حياة البادية، ويرجع أصلها إلى "الغبوق"، وهو حليب الناقة الذي يشرب ليلا.

موائد الإفطار

وفي معظم شوارع العاصمة الدوحة، كانت تنتصب في رمضان خيام يكسوها بياض وإضاءات متميزة أمام بيوت العائلات والمجالس القطرية، كأحد طقوس الشهر المبارك، بل وتصمم خيام خصيصا لهذا الشهر.

ويتناول الإفطار في تلك الخيام مئات العمال والمحتاجين والمقيمين الأجانب في الدوحة، حيث يلجؤون إليها لضيق وقتهم وعدم قدرتهم على تجهيز الطعام في البيوت بحكم انشغالهم في العمل وبعدهم عن ذويهم، كونهم مغتربين.

وليست العائلات فقط من تنصب الخيام، بل إن المؤسسات الخيرية تلعب أيضا دورا كبيرا في ذلك، عبر انتشار خيامها في أحياء ومدن قطرية كثيرة.

لكن هذا العام، أعلنت بلدية الدوحة إلغاء جميع الخيام الرمضانية، وتوزيع ما كان يقدم فيها بطريقة التوصيل المباشر للمحتاجين، اتساقا مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات للحد من انتشار "كورونا".

احتفال "قرنقعوه"

في اليوم الرابع عشر من رمضان، يحتفل الأطفال في قطر بليلة "القرنقعوه"، وهو احتفال ترفيهي يتوج جهود الأطفال في الصيام خلال الشهر الفضيل.

وتأتي هذه الكلمة من العبارة الخليجية "قارا"، وتعني صوت طرق الأشياء مع بعضها البعض.

ومباشرة بعد الإفطار وأداء صلاة المغرب، كان الأطفال يرتدون ملابسهم التقليدية، ويحملون أكياسا ملونة عادة ما تكون من القماش، ثم ينطلقون في جولة في الأحياء المجاورة والمجالس، ويغنون أغنية القرنقعوه ويضربون حجرين ببعض لخلق إيقاع مميز.

وفي الماضي، كان الأهالي يقدمون لهؤلاء الأطفال التمر والأرز والقمح والمكونات المستخدمة في "الهريس"، وهو طبق تقليدي، أما في الوقت الحالي فيقدمون لهم مكسرات وحلويات.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

قطر رمضان كورونا قرنقعوه الغبقة

قطر تخفف إجراءات كورونا على 4 مراحل.. تعرف عليها