وصف نفسه بالصهيوني.. وعود بايدن تنهار أمام صمته على الجرائم الإسرائيلية

الثلاثاء 11 مايو 2021 09:22 م

بالرغم من الأجندة التقدمية التي يطرحها الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، لكن التاريخ سيحاكمه بلا رحمة إذا ظل متمسكا بموقفه تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

فقد وعد الرئيس الجديد باستعادة القيادة الأمريكية من خلال طمأنة الحلفاء أن القوة العظمى الرائدة في العالم ملتزمة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، وأن السنوات الأربع من "دونالد ترامب" كانت انحرافا عن القاعدة وليست القاعدة بشأن القيم الأمريكية.

وألغى "بايدن" حظر السفر الذي فرضه "ترامب" على المسلمين، وأعاد الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، وندد بانتهاكات حقوق الإنسان في الصين، وأزال العقوبات من على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، ثم فرضها على المسؤولين الروس على تدخلهم في انتخابات عام 2016.

ولكن بالنسبة لجرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، فقد أكلت القطة لسان "بايدن"، بالرغم أن أعضاء كبارا في حزبه أدانوا بالفعل آخر جولة من العنف ضد الفلسطينيين في القدس المحتلة.

تطهير عرقي

عندما تقارن ما حدث في القدس في الأيام الأخيرة بردود فعل إدارة "بايدن"، فإنك ترى كيف فصل الرئيس الأمريكي نفسه تماما عن الواقع من أجل خدمة إسرائيل.

تتلخص الأحداث في قيام قوات الأمن الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى، وإغراق عشرات الآلاف من المصلين الفلسطينيين بالغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية أثناء تجمعهم لصلاة التراويح في يوم الجمعة الأخير من رمضان، ما أسفر عن إصابة المئات ونقل العشرات للمستشفى.

وكان الدافع الإسرائيلي هو قمع أولئك الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية ضد التهجير العنيف الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية على 28 عائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح، الذي يقع على بعد دقائق قليلة مشيا على الأقدام من البلدة القديمة في القدس.

وتستهدف إسرائيل تهجير جميع الفلسطينيين بالقوة من القدس لتأمين مستقبل المدينة القديمة كعاصمة يهودية للشعب اليهودي، أيّ تنفيذ التطهير العرقي للأحياء المحتلة في المدينة.

استجابة إدارة "بايدن"

في 7 مايو/أيار الجاري، قال بيان لوزارة الخارجية الأمريكية: "نحن قلقون للغاية بشأن المواجهات المستمرة في القدس، بما في ذلك تلك الجارية في الشيخ جراح. ندعو المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التصرف بشكل حاسم لتخفيف التوترات ووقف العنف".

لكن هذا تشويه للواقع مثل ما كان يفعله "ترامب"، فالتهجير العنيف للسكان الأصليين من أرضهم ليس "مواجهة"، بل تطهير عرقي. وبالمثل، فإن الغارة العسكرية على المصلين في المسجد الأقصى ليست أيضا "مواجهة"، بل عمل إرهاب تقوم به الدولة.

وما زاد الأمر سوءا، إقدام إسرائيل على حملة قصف مكثفة على غزة في 10 مايو/أيار الجاري، قتلت خلالها حتى الآن 28 فلسطينيا، ثلثهم من الأطفال. وجاءت الحملة الإسرائيلية بعد أن أطلقت "حماس" صواريخ على إسرائيل ردا على هجومها وحصارها للأقصى.

ولا تحاول السلطات الإسرائيلية حتى أن تخفي نيتها لتهجير الفلسطينيين، حيث قالت نائبة رئيس بلدية القدس، "فلور حسن ناحوم"، لصحيفة "نيويورك تايمز": "هذه دولة يهودية. وبالطبع، هناك قوانين قد يعتبرها البعض تفضل اليهود، لكن هذه دولة يهودية، وهي هنا لحماية الشعب اليهودي".

تبييض جرائم إسرائيل

وعلاوة على ذلك، فإن جهود إدارة "بايدن" لتبييض هذه الجرائم من خلال تحميل المسؤولية لـ"كلا الجانبين" ليست حدثا استثنائيا ولكنها تأتي ضمن توجه عام.

وعندما سار مئات المستوطنين الإسرائيليين في شوارع القدس في أبريل/نيسان الماضي وهم يهتفون "الموت للعرب"، أصدرت وزارة الخارجية فقط دعوة للهدوء دون تحديد المستوطنين بالاسم.

وقال "خالد الجندي"، الزميل في معهد الشرق الأوسط: "كان من اللافت بالقدر ذاته عدم قيام عضو واحد من الكونجرس تقريبًا بحشد إدانة عامة للعنف الذي ارتكبه المتطرفون الإسرائيليون".

وأضاف: "لكن لا شيء من ذلك كان مستغربًا. ففي الواقع، تظل واشنطن في حالة إنكار شديدة بشأن الاتجاه المتزايد للتطرف في السياسة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي، وهو واقع مكّنته وغذّته الولايات المتحدة".

واتهمت منظمات حقوق الإنسان المعروفة، بما في ذلك "بتسيلم" الموجودة في إسرائيل و"هيومن رايتس ووتش"، إسرائيل بتنفيذ نظام "فصل عنصري" في الأراضي الفلسطينية.

ومع ذلك،لم يعلق "بايدن" وإدارته بكلمة واحدة على هذه الاتهامات، ما يشكك في العدالة التي وعد بها "بايدن". وربما كان علينا أن نأخذ كلمة "بايدن" على محمل الجد عندما وصف نفسه بأنه "صهيوني" خلال تجمع انتخابي للحزب الديمقراطي 2008.

اعتراضات داخل الكونجرس

لكن ما زال هناك ما يجلب التفاؤل رغم هذه اللامبالاة التي يبديها "بايدن" تجاه الشعب الفلسطيني. مع تزايد التجمع المؤيد للفلسطينيين داخل الحزب الديمقراطي. وقد أصدرت السيناتور "إليزابيث وارن" والسيناتور "بيرني ساندرز" إدانات قوية وواضحة لإسرائيل خلال نهاية الأسبوع.

وغردت "وارن": "التهجير القسري للسكان الفلسطينيين في الشيخ جراح أمر بغيض وغير مقبول. يجب أن توضح الإدارة للحكومة الإسرائيلية أن عمليات الإخلاء هذه غير قانونية ويجب أن تتوقف على الفور".

وغرد "ساندرز": "يجب على الولايات المتحدة التحدث علنًا بقوة ضد العنف من قبل المتطرفين الإسرائيليين المتحالفين مع الحكومة في القدس الشرقية والضفة الغربية وأن توضح أن عمليات إخلاء العائلات الفلسطينية يجب ألا تتم".

ويتجلى في هذه التعليقات أيضا تغير مزاج الناخبين الأمريكيين، الذين أصبحوا أقل ميلًا لمنح إسرائيل شيكًا على بياض، مقارنة بالأجيال السابقة. وقد أظهر استطلاع رأي حديث أن تأييد إسرائيل بين الشباب في أدنى مستوياته، ما ينعكس على الأصوات التقدمية داخل الكونجرس.

وإذا كان "بايدن" ملتزمًا حقا بحقوق الإنسان والديمقراطية الشاملة، فلا يمكنه بعد الآن أن يتجاهل انتهاك إسرائيل المنهجي لكليهما. كما لا يستطيع أن يتجاهل إرادة الشعب الأمريكي الذي يتخذ موقفا بشكل متزايد ضد القسوة الإسرائيلية باتجاه الشعب الفلسطيني.

المصدر | سي جي ويرلمان | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل فلسطين الشيخ جراح القدس المحتلة جرائم إسرائيلية إدارة بايدن

المحكمة العليا الإسرائيلية تؤجل نظر إخلاء حي الشيخ جراح

بايدن لنتنياهو: آمل بانتهاء الصراع عاجلا وليس آجلا ولإسرائيل حق الدفاع عن نفسها

بايدن: اتصالات مع مصر والسعودية لخفض التصعيد في غزة

معهد أمريكي: الحملة الإسرائيلية تهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة

فورين أفيرز: حماس فجرت مفاجأة.. وهكذا سيكون سيناريو المواجهة الحالية