هكذا نجح الأقصى والقدس فيما فشلت فيه المبادرات السابقة لتوحيد الفلسطينيين

الثلاثاء 18 مايو 2021 07:51 م

عندما أسفرت الزيارة الاستفزازية التي قام بها "أرييل شارون" إلى الحرم القدسي في سبتمبر/أيلول 2000 عن احتجاجات قمعتها القوات الإسرائيلية بشدة، انتفض الفلسطينيون وحاول الجنود الإسرائيليون دون جدوى قمع ما أصبح يُعرف باسم انتفاضة الأقصى.

ويبدو أن هذا السيناريو قد تكرر مرة أخرى مع القدس والأقصى، إلا أن الفلسطينيين خارج المدينة المقدسة يظهرون عزما والتزامًا أكبر لدعم إخوانهم في القدس.

وبخلاف عام 2000، فإن الغالبية العظمى من الانتهاكات التي تعرض لها الفلسطينيون جاءت من المتطرفين اليهود، مع تجاهل الشرطة الإسرائيلية أو قيامها بتدخل رمزي.

ومع قيادة عضو الكنيست اليميني المتطرف المنتخب حديثًا "إيتامار بن غفير" لحشود الغوغاء اليهود، اندلع صراع داخلي غير مسبوق كالنار في الهشيم في جميع أنحاء إسرائيل، لا سيما في المدن المختلطة العربية واليهودية في إسرائيل.

وحدثت أكبر الاضطرابات في اللد ومنطقة بيت يام جنوب تل أبيب، كما ظهرت تقارير عن هجمات في حيفا ، ووقعت اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية في العديد من المواقع.

وقال "جبريل الرجوب"، أمين اللجنة المركزية لحركة فتح، في حديث على تلفزيون فلسطين، إن الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل هي انعكاس لتزايد العنصرية في إسرائيل والتي تمت شرعنتها من خلال "قانون يهودية الدولة".

ويقول هذا القانون الذي تبناه الكنيست في عام 2018، إن حق تقرير المصير يقتصر على اليهود الإسرائيليين فقط.

ذوبان التقسيمات الجغرافية

وقال "علي الجرباوي" أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، إن إسرائيل بذلت جهود كبيرة دائمًا في تقسيم الفلسطينيين وفصلهم عن بعضهم البعض.

وأضاف: "لكن ما يحدث الآن هو أن العنصر الجغرافي قد تم تجاوزه، حيث أن فلسطينيي مناطق 1948 [الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية] يعيدون تأكيد فلسطينيتهم على الرغم مما ترتكبه إسرائيل ضدهم".

ويرى "الجرباوي" أن الوضع الحالي ربما يكون التهديد الوجودي الأكبر لإسرائيل وللمخطط الصهيوني.

أما "عماد حجاج"، وهو رسام كاريكاتير أردني من أصل فلسطيني، فقد لخص الوضع في رسم كاريكاتوري سياسي يجمع بين العلمين الأردني والفلسطيني، حيث يمثل حضن الرجل الطرف الأردني، بينما تمثل يده قطاع غزة، لكن ما يجعل الرسم الكاريكاتيري أكثر دلالة هو أن "حجاج"، الذي ولد في مخيم الأمعري للاجئين في رام الله عام 1967، أزال أي حدود للضفة الغربية، مما يعكس الوحدة التي تشكلت حديثًا بين الفلسطينيين.

ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا في توحيد الشباب في المجتمعات الفلسطينية المختلفة وإعلامها بالمشاكل التي تواجههم وحشدهم للاحتجاج على الجرائم الإسرائيلية.

فضح عنصرية إسرائيل

وقال "عدنان أبو عودة"، مستشار كل من العاهل الأردني الراحل الملك "الحسين" ونجله الملك "عبدالله الثاني" إن أهم تطور اليوم هو فضح جريمة الفصل العنصري التي ينتهجها الاحتلال.

وأضاف: "ربما يكون هذا أهم تطور، حيث أنه جرى فضح الفصل العنصري بطريقة توضح أننا نتعامل مع كيان يمارس التمييز ضد الفلسطينيين، سواء في أراضي الـ48 أو الضفة".

وتطورت الوحدة المصبوغة بالدم بعد قرار قوات الأمن الإسرائيلية استخدام الذخيرة الحية في محاولاتها لفض إحدى الاحتجاجات في قرية كفر كنا وفي اللد، مما يدل على تدهور قدرة الشرطة الإسرائيلية في السيطرة على حشود المتظاهرين باستخدام الوسائل التقليدية غير المميتة.

ومن المؤكد أن هذا العمل سوف يأتي بنتائج عكسية ويبدو أنه أنتج رد فعل أكثر غضبًا لدى الفلسطينيين في تلك المجتمعات.

وقد أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" (الذي لا يزال يواجه تهمًا جنائية ولم يتمكن من تشكيل حكومة) بزيادة الوجود الأمني ​​الإسرائيلي في البلدات والقرى العربية.

وبعد أن رأى "نتنياهو" فشل تشكيل اليميني "نفتالي بينيت" لحكومة مع "يائير لبيد" الوسطي، فمن المحتمل أن يحاول طمأنة المرشحين المحتملين في حكومته مثل "منصور عباس"، زعيم حزب "القائمة العربية الموحدة"، لإبقاء الباب مفتوحًا لخيار تشكيل الحكومة معه.

لكن "عباس" صرح بالفعل أنه سيعلق المحادثات مع أي من الجانبين كعمل احتجاجي على الاستخدام العشوائي والمفرط للقوة من قبل الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة.

وربما كانت المفاجأة الأكبر في الهجوم على الفلسطينيين في مدينة حيفا، حيث إنه لطالما وصفت إسرائيل هذه المدينة الساحلية بأنها رمز للتسامح العربي اليهودي والاحترام المتبادل.

وفي حين أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الهجمات على المواطنين الفلسطينيين في حيفا من جهات خارجية أم من السكان المحليين، فالحقيقة هي أن اليهود المحليين والشرطة لم يفعلوا شيئًا لحماية الفلسطينيين.

وأدت التهديدات المتصاعدة من الغوغاء اليهود المتطرفين إلى توجيه عدد من المنظمات والناشطين دعوات للمجتمع الدولي بالتدخل لحمايتهم حتى يزول الخطر الذي يتعرض له 20% من سكان إسرائيل.

وهناك تناقض حاد يظهر عندما نتأمل سنوات التحريض اليهودي (مثل هتافات الموت للعرب، التي تكررت في القدس مؤخرًا، دون أن يندد بها أي مسؤول إسرائيلي)، ثم نرى كيف يطالب الإسرائيليون والمدافعون عنهم القادة الفلسطينيين بالتنديد بأي عمل يقوم به الفلسطينيون.

من المؤكد أن الأقصى والقدس يوحدان الفلسطينيين، وهذه المرة لم تكن استثناء، ولكن يبدو أن الوحدة الحالية أوسع وأعمق من أي جهود سابقة لتوحيد الفلسطينيين وراء هدف واحد واضح.

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القدس فلسطين إسرائيل الضفة الغربية المسجد الأقصى الضفة الغربية المسجد الأقصى

استيقاظ المارد.. لماذا انتفض فلسطينيو 48 الآن؟

المسجد الأقصى.. مصلون يطردون خطيب الجمعة احتجاجا على خطبته (فيديو)