العراق: من يجرؤ على تحدي الميليشيات؟

الجمعة 28 مايو 2021 09:16 ص

العراق: من يجرؤ على تحدي الميليشيات؟

استهداف الناشطين ليس جريمة فحسب بل أداة إرهاب لمن لا يتماهون مع هذه الأجندة إيران وميليشياتها من المسؤولين!

عجزت الدولة عن تحريك الجيش وقوات الأمن ضد أشكال العصيان والتمرّد، على شاكلة ما حصل في قضية مصلح!

لا تستطيع الدولة العراقية إزاء شبكة السيطرة الإيرانية العسكرية والأمنية والسياسية المعقدة أن تتحقّق كسلطة تضبط النظام والقانون تمتلك شرعيّة حقيقية.

رفعت حسابات الميليشيات على موقع تويتر وسم #ليلة_إسقاط_الكاظمي مع تحرك أرتال عسكرية من محافظتي الأنبار وصلاح الدين للضغط على الحكومة.

تتنازع أجهزة الدولة العراقية مرجعيّات تشكّل إيران أحد عناصرها الفاعلة فتمنع تشكّل قوة وطنية عراقية فعليّة تحافظ على سيادة البلاد وتطبيق القانون والنظام.

*     *     *

تراجعت الدولة العراقية أمس أمام الميليشيات معلنة إطلاق سراح القيادي في «الحشد الشعبي» قاسم مصلح، الذي أصبح (بعد ساعات فحسب من اعتقال قوة أمنية خاصة له في إطار قانون مكافحة الإرهاب) في «عهدة قيادة العمليات المشتركة إلى حين انتهاء التحقيق» معه، حسب تصريح لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أو في عهدة أمن «الحشد الشعبي» نفسها، حسب تصريحات لاحقة صادرة عن قيادة الميليشيات الشيعية المذكورة.

القبض على قاسم مصلح جاء لاتهامه باغتيال الناشط السلمي إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، الذي قتل برصاص مسلحين أمام منزله، وكذلك مقتل ناشط آخر هو فاهم الطائي من المدينة نفسها.

ومعلوم أن الوزني كان ينبه، على مدى سنوات، من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، ويمثّل اغتياله، ضمن هذا السياق، تأكيدا على ارتباط النفوذ الإيراني في العراق مع نفوذ الميليشيات الموالية، وهو ما يجعل التعرّض لأي من الجهتين فعلا محظورا تسهر على تنفيذه (على ما تكشف الوقائع) قوة أكبر من الدولة العراقية نفسها.

بهذا المعنى، لا تكتفي طهران بالسيطرة الكبيرة التي تمتلكها على مقدّرات الدولة نفسها، سواء ضمن أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، وضمن الطيف الواسع من السياسيين من قادة ومسؤولي الأحزاب ونواب البرلمان، بل تعزز هذه السيطرة عبر الميليشيات المسلحة المتعددة الأشكال والأسماء والاختصاصات والوظائف.

الهدف من هذه الثنائيّة هو منع تشكّل دولة عراقية فاعلة يمكن أن تتصرف مع طهران بصيغة الند، أو الحليف/ الشريك، لا التابع والمنفّذ للأوامر فحسب، وخلق مجالات تنافس وصراع بين الدولة والفصائل المسلحة، من جهة، وتوظيف تلك الفصائل في أغراض تخدم الاستراتيجية الإيرانية العالمية والإقليمية، كما هو الأمر في تدخلها العسكري في سوريا، وفي استهداف قوات «التحالف» الدولي في العراق.

تضطلع الفصائل المسلّحة، على شاكلة ميليشيا قاسم مصلح، أيضاً، بضبط حركة الشارع العراقيّ عبر شنّ حملات إعلاميّة تتهمهم بأنواع من التهم كالخيانة والعمالة وخدمة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ودعم تنظيم «الدولة الإسلامية» وبمداهمة مراكز الاعتصام وبقنص المتظاهرين وباغتيال كبار الناشطين منهم.

استهداف الناشطين، ضمن هذا السياق، ليس فعلا جرميّا فحسب، بل هو أداة إرهاب لمن لا يلتزمون مع هذه الأجندة من المسؤولين، وهو ما يفسّر رفع حسابات الميليشيات على موقع تويتر وسم «ليلة إسقاط الكاظمي» بالتناظر مع تحرك أرتال عسكرية من محافظات الأنبار وصلاح الدين للضغط على الحكومة.

لا تستطيع الدولة العراقية، ضمن شبكة السيطرة الإيرانية العسكرية والأمنية والسياسية المعقدة أن تتحقّق كسلطة قادرة على ضبط النظام والقانون وامتلاك شرعيّة حقيقية!

فهي غير قادرة على تحريك الجيش وقوات الأمن ضد أشكال العصيان والتمرّد، على شاكلة ما حصل في قضية مصلح، فأجهزة الدولة العراقية نفسها هي مجال تنازع مرجعيّات تشكّل إيران أحد عناصرها الفاعلة التي تراقب وتمنع تشكّل قوة وطنية عراقية فعليّة قادرة على الحفاظ على سيادة البلاد وتطبيق القانون والنظام.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إيران، العراق، ميليشيات، الحشد الشعبي، الدولة العراقية، الكاظمي، السيطرة الإيرانية، قاسم مصلح، قانون مكافحة الإرهاب، #ليلة_إسقاط_الكاظمي،

ستراتفور: احتجاجات العراق تهدد الحكومة وليس النفوذ الإيراني