لعبة تقويض النفوذ.. الكاظمي يحرز تقدما ملحوظا على المليشيات العراقية

الخميس 3 يونيو 2021 02:20 ص

في 26 مايو/أيار، أمر رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" باعتقال قائد الميليشيا القوي "قاسم مصلح" بتهمة قتل المتظاهرين السلميين وتنفيذ هجمات على قاعدة جوية تستضيف القوات الأمريكية والدولية في العراق.

ومن خلال هذا الأمر بالاعتقال، يحرض "الكاظمي" الدولة العراقية بشكل مباشر ضد الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران.

وفي يونيو/حزيران 2020، أمر "الكاظمي" باعتقال 14 مقاتلا من الميليشيات المدعومة من إيران أثناء تحضيرهم لهجمات صاروخية على مطار بغداد الدولي.

ومع ذلك، بعد دخول المسلحين المنطقة الخضراء مطالبين بالإفراج عن زملائهم، أطلق "الكاظمي" سراح المقاتلين.

ومع نجاح "الكاظمي" هذه المرة، باعتقال "مصلح" وقدرته على إبقائه رهن الاعتقال رغم ترهيب الميليشيات، فقد اكتسب إشادة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؛ لأن ذلك يشير إلى تغييرات كبيرة في العراق، حيث تستعد البلاد للانتخابات البرلمانية في أكتوبر/تشرين الأول.

ويظهر أمر الاعتقال أن ميزان القوى بين مؤسسات الدولة والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، تميل أخيرا لصالح الدولة.

وكرئيس للوزراء، فإن "الكاظمي" هو المسؤول قانونا عن جميع قوات الأمن، وكبح جماح قوات الحشد الشعبي وهو أمر حيوي لإرساء القانون والنظام.

وكان تحرك الدولة لممارسة سلطة حقيقية على قوات الحشد الشعبي مطلبا طويل الأمد للمجتمع الدولي والعديد من العراقيين.

وجاء اعتقال "مصلح"، قائد لواء "الطفوف" التابع لقوات الحشد الشعبي، ردا على مقتل زعيم الاحتجاجات "إيهاب الوزني" في 6 مايو/أيار في كربلاء.

واندلعت مظاهرات حاشدة أمام القنصلية الإيرانية في كربلاء فور مقتله، وهي رسالة قوية وواضحة تعارض التدخل الإيراني في العراق.

وفي 25 مايو/أيار، اندلعت احتجاجات كبيرة مرة أخرى، بشكل أساسي في بغداد. واتهم المتظاهرون "مصلح" بإصدار الأمر بقتل "وزني".

يشار إلى أنه قُتل أكثر من 600 عراقيا معظمهم من الشباب منذ بدء المظاهرات في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وفقا للأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان.

واستخدمت القوات المسلحة الذخيرة الحية لقتل منظمي الاحتجاجات، واتُهمت مليشيات في قوات الحشد الشعبي باغتيالات مستهدفة لقادة الاحتجاج.

وبحسب مسؤولين عراقيين، فإن "مصلح" متهم أيضا بالتورط في عدة هجمات على قاعدة "عين الأسد" الجوية، حيث تتمركز قوات من الولايات المتحدة وقوات دولية أخرى.

وفي إشارة ثانية على التغيير، قرر "الكاظمي" استخدام مؤسسات أمن الدولة الرئيسية، وقد يشير ذلك إلى تنامي قوة الدولة وهو الأمر الذي يمثل انتكاسة كبيرة لقوات الحشد الشعبي.

وقام جهاز مكافحة الإرهاب، الذي كان مسؤولا إلى حد كبير عن هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية"، بالقبض على "مصلح" ونقله بواسطة مروحية إلى مكان لم يكشف عنه.

وبعدها، حاولت الميليشيات ترهيب "الكاظمي" من خلال نشر قواتها في المنطقة الخضراء، وطوق مقاتلو الميليشيات منزل رئيس الوزراء.

وخلال اجتماع مجلس الوزراء في 26 مايو/أيار، قال "الكاظمي" إن استعراض قوات الحشد الشعبي للقوة في المنطقة الخضراء كان "انتهاكا خطيرا للدستور".

وأوضح وزير الدفاع "جمعة عناد" أن الميليشيات لن تخيف الدولة، قائلا: "استخدام ثقافة لي الذراع لا يمكن أن تخيف دولة أو جيش".

وصرحت الجهات القضائية أن مصير "مصلح" سيتحدد من خلال الإجراءات القانونية الواجبة.

وبعد هذا الدعم المؤسسي القوي لـ "الكاظمي"، أمرت قيادة الحشد الشعبي مقاتليها بالانسحاب من المنطقة الخضراء في مساء يوم 26 مايو/أيار.

لكن في محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه، لجأت قوات الحشد الشعبي إلى الدعاية وبدأت في توزيع مقاطع فيديو على الإنترنت تدعي خطأ أنه تم الإفراج عن "مصلح".

وقال "قيس الخزعلي"، زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران، إنه يجب تسليم "مصلح" إلى قوات الحشد الشعبي، لأنها فرع من جهاز أمن الدولة العراقي.

وقد يؤدي الاعتقال إلى تعزيز حركة الاحتجاج ودعم المجتمع المدني العراقي الأوسع لـ "الكاظمي" والدولة.

وكان ضغط المحتجين، الذين يطالبون بمعاقبة الميليشيات التي استهدفتهم منذ بدء المظاهرات الحاشدة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عاملا رئيسيا على الأرجح في قرار "الكاظمي" بالقبض على "مصلح".

وقبل أيام قليلة من الاعتقال، أخبر قادة الاحتجاج، الذين شكلوا أحزابا سياسية جديدة للتنافس في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، الرئيس "برهم صالح" أنهم سيقاطعون الانتخابات ما لم تفرض الدولة القانون والنظام.

وفي حين سترسل المقاطعة رسالة قوية إلى الحكومة العراقية، التي هي في حاجة ماسة إلى إقبال قوي للناخبين يمكن أن يعيد درجة من الشرعية للنظام السياسي، إلا أنه سيكون له تأثير عكسي أيضا على أهداف المتظاهرين.

وسيؤدي انخفاض نسبة التصويت إلى إطالة أمد نظام المحاصصة الراهن، الذي يسمح لجيل أقدم من النخب السياسية الشيعية بالبقاء في السلطة، وهو أمر يقاتل المتظاهرون ضده.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته "جالوب إنترناشيونال العراق"، في أبريل/نيسان، أن الثقة العامة في الحكومة وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق؛ حيث قال 22% فقط من العراقيين و17% من الشيعة إنهم يثقون بالحكومة.

وفي نفس الاستطلاع، قال 75% من العراقيين، و80% من الشيعة، إن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ.

ويوجد دعم واسع داخل المجتمع العراقي للحركة الاحتجاجية. وكانت الشعارات واللافتات أثناء الاحتجاجات ذات طابع قومي ساحق، بما في ذلك شعار "نريد وطنا".

وتقول مصادر أمنية عراقية إن المزيد من الاعتقالات ستتم في المستقبل القريب.

وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تستمر عمليات اغتيال المتظاهرين في محاولة لوقف زخم الانتفاضة الجارية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.

ومع ذلك، قد تكون معادلة القوى الدولة العراقية اختلفت الآن؛ فعلى عكس حادثة يونيو/حزيران 2020، التي قوضت سلطة "الكاظمي" وسلطة حكومته، يبدو أن الحسابات السياسية تغيرت.

وإذا مرت القضية المرفوعة ضد "مصلح" عبر العملية القضائية كما وعد، فقد يكون هذا تغيرا في اللعبة، ليس فقط بالنسبة لعلاقة الدولة مع قوات الحشد الشعبي ولكن أيضا مع جيل الشباب الذي يناضل من أجل الإصلاح.

المصدر | جنيف عبده/معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحشد الشعبي مصطفى الكاظمي قاسم مصلح لواء الطفوف المنطقة الخضراء إيهاب الوزني

بلومبرج: الوساطة العراقية بين إيران والسعودية ترفع رصيد الكاظمي بواشنطن

الكاظمي في مواجهة شاقة مع مليشيات إيران بالعراق.. من ينتصر؟