الانتخابات الجزائرية تعزز الانقسامات السياسية

السبت 19 يونيو 2021 08:27 ص

أظهرت الانتخابات النيابية في الجزائر التي جرت في 12 يونيو/حزيران عمق الانقسام الذي تعيشه البلاد.

فمن ناحية، يوجد نظام سياسي يقوده الرئيس "عبدالمجيد تبون" ويدعمه الجيش الذي يرفض التغيير العميق، وعلى الجانب الآخر يوجد أغلبية الشعب الذي فقد الثقة بالنظام القديم.

وأشارت النتائج الأولية التي تم الإعلان عنها في 15 يونيو/حزيران إلى عودة الأحزاب السياسية التي فقدت مصداقيتها والتي كانت تدعم بقوة الرئيس السابق "عبدالعزيز بوتفليقة"، ولكن الرئيس "تبون" أصبح أكثر عزلة من أي وقت مضى.

ويشير عدم اهتمامه بالتراجع القياسي في نسبة التصويت إلى المسافة بينه وبين معظم الجمهور الجزائري.

نتائج أولية

كانت جبهة التحرير الوطني، التي هيمنت على السياسة الجزائرية منذ الاستقلال، في أزمة قبل عامين.

لكن بعد انتخابات 12 يونيو/حزيران، سيكون لديها أكبر كتلة برلمانية مع 105 مقعدا من أصل 407.

وفي حين تراجع نصيب جبهة التحرير الوطني بشكل كبير عن برلمان 2017، فإنها ستجمع بسهولة بعض الكتل الحزبية الأخرى والمستقلين في ائتلاف الأغلبية لدعم الرئيس "تبون".

ونجحت حركة الاحتجاج الضخمة في الشوارع، المعروفة باسم "الحراك"، في تأمين مقاطعة واسعة للانتخابات.

وأظهرت نتائج السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 23% فقط ممن لهم حق التصويت، انخفاضا من 40% الذين صوتوا في انتخابات 2019 الرئاسية، و35% في انتخابات 2017 التشريعية.

وتتطابق نسبة الإقبال البالغة 23% تقريبا مع نسبة 24% في الاستفتاء الدستوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وكان الإقبال في 12 يونيو/حزيران منخفضا بشكل خاص في المنطقة المضطربة ذات الأغلبية البربرية شرق العاصمة.

وأدى نجاح "الحراك" في تفعيل المقاطعة إلى تسهيل حصول الأحزاب الموالية للحكومة على الأغلبية في البرلمان الجديد.

بالإضافة إلى ذلك، أدى انتشار الأحزاب السياسية الجديدة والقوائم المستقلة اسميا، المدعومة من الحكومة، إلى تشتت الأصوات المناهضة للحكومة.

ومن التغييرات الكبيرة التي طرأت انخفاض عدد النائبات ​​من 112 في مجلس 2017 إلى 34 فقط في البرلمان الجديد.

مواجهة المشاكل المزمنة

ومن المقرر أن يبدأ البرلمان الجديد عمله في أوائل يوليو/تموز.

وسيعين "تبون" رئيس وزراء جديد بمجرد تشكيل ائتلاف برلماني يدعم برنامجه.

وسيواجه الفريق الجديد تحديات اقتصادية هائلة.

ويتوقع قطاع المحروقات في الجزائر تراجع الإنتاج والصادرات، وبالتالي انخفاض الإيرادات الحكومية وعائدات النقد الأجنبي.

وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد بشكل حاد على مدى الأعوام الـ 10 الماضية.

وتتفاقم المشاكل المزمنة مثل البطالة ونقص المساكن وضعف القوة الشرائية.

وقد أدركت الحكومة منذ فترة طويلة الحاجة الملحة لتطوير قطاعات جديدة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، لكنها لم تكن قادرة أبدا على خلق بيئة تنظيمية ومناخ أعمال يجذب استثمارات محلية وأجنبية.

وفي الوقت نفسه، لا تزال جائحة "كوفيد-19" تلقي بظلالها على البلاد، حيث تعاني منظومة الرعاية الصحية مثل جميع الخدمات العامة الأخرى.

ومن المحتمل ألا يجد "تبون" ورئيس الحكومة المقبل الكثير من الأفكار الجديدة والإبداعية من داعميهم في البرلمان.

ويمكن للجيش و"تبون" وداعميهما أن يشعروا بالارتياح لعدم تجدد الأزمة التي واجهت النظام في عام 2019، عندما خرج الملايين إلى الشوارع في مسيرات احتجاجية ضد إعادة انتخاب الرئيس "بوتفليقة".

وقامت القوات الأمنية، في الوقت الحالي على الأقل، بقمع الاحتجاجات التي نظمها "الحراك"، واعتقلت المئات وحكمت على عشرات الناشطين بالسجن لردع المزيد من الاحتجاجات.

ومن المرجح أن يمضي "تبون" والحكومة قدما دون اعتبار للمعارضة لأن "الحراك" لم يطور قيادة واضحة أو برنامجا بديلا يمكن للجمهور الالتفاف حوله.

وكان "تبون" قد دعا إلى ظهور طبقة سياسية جديدة مرتبطة بالمجتمع المدني الجزائري ومتميزة عن النظام السياسي القديم الفاسد.

لكن بدلا من ذلك، رسخت نتائج انتخابات 12 يونيو/حزيران هذا النظام القديم.

وحتى من بين من يسمون أنفسهم بالمستقلين، الذين حصلوا على 78 مقعدا في البرلمان الجديد، هناك العديد من الأعضاء السابقين في الأحزاب الموالية للحكومة، وبالتالي فإنهم لا يعتبرون ابتعادا كبيرا عن الماضي.

المصدر | روبرت فورد/معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحراك الجزائري الانتخابات الجزائرية عبد المجيد تبون الجيش الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

نسبة المشاركة المتدنية بانتخابات الجزائر تهدد شرعيتها

الرئاسة الجزائرية تعلن 27 نوفمبر موعدا لانتخابات محلية مبكرة