مدعومة بضغوط.. مؤشرات على تعثر مسار التقارب المصري التركي

الثلاثاء 22 يونيو 2021 01:46 م

ما بين إشارات متناقضة، يبدو أن التقارب الحاصل بين تركيا ومصر لم يستند بعد إلى أرض صلبة، وقد يظل مستقبلا عرضة لرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن.

وعلى الرغم من المساعي الحثيثة من أنقرة لتسريع خطى التقارب مع القاهرة، فإن الحذر يبدو سيد الموقف المصري، الذي يخضع لضغوط إقليمية لا تحبذ إتمام هذا التقارب.

وتبدي اليونان وقبرص، وهم حليفتان لمصر، انزعاجا من هذا التقارب، خاصة في ما يتعلق بقضايا شرقي المتوسط، وحقوق التنقيب عن الطاقة.

ولا شك أن القاهرة تدرك مخاوف الحلفاء إزاء تقاربها مع أنقرة، وهو ما يبرر تباطؤ خطواتها، وتعدد اشتراطاتها على طاولة التفاوض مع الجانب التركي، الأمر الذي يحمل مؤشرات تعثر لهذا المسار.

انتقادات "أقطاي"

اللافت أن التهدئة الحاصلة بين الجانبين، والتي امتدت إلى لقاء دبلوماسي بين وفدين دبلوماسيين من البلدين، في القاهرة، مايو/أيار الماضي، لم تحل دون توجيه انتقادات من أنقرة لأحكام الإعدام الصادرة بحق معارضين لنظام الرئيس المصري الحالي "عبدالفتاح السيسي".

وبلغة صريحة، ولهجة حادة، هاجم مستشار الرئيس التركي، "ياسين أقطاي"، أحكام الإعدام التي صدرت ضد قيادات وعناصر جماعة "الإخوان المسلمون"، في قضية "فض اعتصام رابعة"، الشهر الجاري.

واعتبر "أقطاي" أن إصدار قرار الإعدام بشكل جماعي بحق مئات الأشخاص لا يمكن تخيّله فضلًا عن الإقرار به، ولا يمكن أن يصدر كأي قرار عادي عن محكمة شفافة عادلة، مهما كانت مزاعم الاتهام مقنعة.

وقال "أقطاي"، في مقال بصحيفة "يني شفق" التركية، إنه "لا يمكن وصف هؤلاء الذين يحاكمون بالإعدام على أنهم جناة أو مجرمون، بل هم مجرد ضحايا العنف الذي فُرض عليهم. ولا يمكن أن يكون هناك إنصاف على الإطلاق في قيام الانقلابيين بشنّ انقلاب دموي وفوق ذلك بإعدام من تبقى بشكل جماعي".

وحذر مستشار الرئيس التركي، مصر، من تصفية المعارضين السياسيين، والاستمرار في أحكام الإعدام الانتقامية في وقت هي بأمس الحاجة فيه إلى مزيد من الدعم الشعبي، والمزيد من إدارة التفهم والتصور الدبلوماسي على صعيد الساحة الدولية بسبب ملف "سد النهضة" المتنازع مع إثيوبيا.

غضب مصري

ولم تمر انتقادات "أقطاي" مرور الكرام، بل سارع البرلماني والإعلامي المصري المعروف بقربه من السلطة "مصطفى بكري"، إلى مهاجمة تركيا، واعتبار تصريحات مستشار الرئيس التركي تدخلا سافرا في الشأن الداخلي المصري.

وتساءل "بكري": "إلي متي ستصمت مصر أمام تطاول أردوغان وعصابته، واصفا تصريحات "أقطاي" بأنها "وقحة".

وأضاف عبر "تويتر": "وعن سياسة القمع وإرهاب المجتمع المدني التي يمارسها نظام أردوغان، قنوات الإفك والضلال التي تبث إرسالها من تركيا لا تتوقف في هجومها وأكاذيبها ضد مصر، مطلوب رد حكومي قوي علي تصريحات أقطاي والإساءه التي وجهها لقضاء مصر الشامخ".

ويبدو أن هناك دوائر داخل نظام الحكم في مصر، لا يروق لها التقارب مع تركيا، أو على الأقل تضع اشتراطات معينة يجب تلبيتها قبل المضي قدما في هذا المسار، أبرزها تسليم معارضين بعينهم، وإغلاق قنوات تبث من تركيا، وهو ما ترفضه أنقرة.

يضاف إلى ذلك، أن "السيسي" أعاد استخدام الورقة اليونانية، مؤكدا خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء اليونان "كيرياكوس ميتسوتاكيس"، الإثنين الماضي، تضامن بلاده مع أثينا ضد ما يهدد سيادتها، شرقي المتوسط، في إشارة إلى خلافاتها مع تركيا.

ووفق مصادر دبلوماسية مصرية؛ فإن الإمارات واليونان وقبرص تحاول عرقلة التقارب المصري التركي، عبر التشكيك في النوايا التركية، والتأكيد على رفض انضمام أنقرة إلى منتدى غاز شرق المتوسط، بحسب "العربي الجديد".

وخلال أقل من 3 أشهر، توافد إلى مصر، ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، وولي عهد السعودية "محمد بن سلمان" ورئيس وزراء اليونان "كيرياكوس ميتسوتاكيس"، ضمن سياق إقليمي يسعى لعرقلة مسار التقارب المصري التركي.

تعثر قائم

وتؤكد المصادر أن المشاورات المشتركة بين مصر وتركيا لاستعادة العلاقات بين البلدين، شهدت أخيراً بعض التعثر في شقها الدبلوماسي، بسبب تأخر أنقرة في الرد على مطالب مطروحة بقوة من قبل القاهرة.

ومن الملفات التي يشهد التفاهم بشأنها تعثرا، ملف المعارضة المصرية، والمطالبة بإبعاد عدد من قيادات الإخوان البارزين، وبعض الوجوه الإعلامية، إلى خارج تركيا.

كذلك، يطرح ملف غزة نفسه على الطاولة، في ظل رغبة مصرية في الإمساك بتفاصيل الملف دون تدخل تركي، وهو ما قد يبرر رفض السلطات المصرية إدخال شحنات مساعدات تركية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، الشهر الماضي، بينما سمحت بمرور مساعدات تونسية ومغربية وكويتية للقطاع.

كذلك الملف الليبي وتعقيداته، ومستقبل حليف مصر، الجنرال "خليفة حفتر" في المشهد الليبي، وترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا، ووضع القوات التركية على الأراضي الليبية، وهي مسائل لم تحسم بعد.

ويواجه التنسيق الاستخباري بين الجانبين المصري والتركي، عقبات تتعلق بالملف الأمني، إضافة إلى ضغوط تحاول فرملة هذا التنسيق، مع الأخذ في الاعتبار أن قطيعة الـ8 سنوات بين البلدين تحتاج المزيد من إجراءات إعادة بناء الثقة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي التركي "عبدالله أيدوغان"، في حديثه لـ"الجزيرة"، أن العلاقات المصرية التركية تمر عبر 3 مراحل، الأولى تتمثل في توقف التصريحات الهجومية المتبادلة، والثانية في عودة العلاقات الدبلوماسية، والثالثة عودة العلاقات كما كانت قبل العام 2013، وهي مرحلة ستأخذ مزيدا من الوقت.

ويبدو أن صانع القرار المصري، يسعى بحذر شديد لعدم الإضرار بعلاقاته بكل من الإمارات والسعودية واليونان وقبرص، وفي الوقت نفسه تحقيق القدر اللازم من التقارب مع تركيا، وربما تسعى مصر إلى دفع تركيا نحو تنازلات جديدة، تنعكس بوضوح على وضع المعارضة المصرية وتحجيم أدواتها الإعلامية التي تتخذ من إسطنبول منصة لها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التقارب المصري التركي السيسي أردوغان إعدامات الإخوان ليبيا شرقي المتوسط الإمارات اليونان إعدام الإخوان مصر تركيا

صحيفة تركية: مصالح شرق المتوسط وراء تقارب مصر وتركيا

مصادر خاصة للخليج الجديد: تركيا تطلب وقف برامج المعارضة المصرية الرئيسية

تركيا تبدي رغبة في تطوير التعاون مع السعودية ومصر