قمة بغداد الثلاثية: حلف المتضرّرين؟

الاثنين 28 يونيو 2021 08:23 ص

قمة بغداد الثلاثية: حلف المتضرّرين؟

في المنطقة العربية السياسة تقود الوقائع الاقتصادية وعلى مذبحها تُهدر أهم المشاريع الاقتصادية بل تدمّر أوطان بأكملها.

القضايا الصعبة التي يمكن أن تسمح لمشروع اقتصادي «على النسق الأوروبي» بالنجاح تتعلّق بمسائل ببنى النظم العربية نفسها.

الدول الثلاث تعمل على «مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، من شأنه أن يتيح تدفق الرساميل والتكنولوجيا بين البلدان الثلاثة على نحو أكثر حرية».

تتمتع الدول الثلاث بمصادر طاقة كبيرة وخبرات تقنية وسوق ضخم ويشكل سكانها 45% من العرب وتعاني مديونية وبطالة وضعف النمو وعدم استقرار سياسي.

*     *     *

مع إعلان زعماء الأردن ومصر والعراق أمس الأحد اجتماعهم لحضور النسخة الرابعة من القمة التي تجمع بينهم في بغداد يمكن الحديث عن تمكّن هذه الدول من فرض سياق لهذا الاجتماع الذي يبدو، بالمعنى التاريخي والجغرافي، صعبا على الائتلاف والجمع.

من المعلوم تاريخيا أن العائلة الهاشمية كانت تحكم العراق منذ عام 1923، وذلك قبل تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، وأن فرع العائلة الحاكم في العراق تعرّض لمجزرة فظيعة مع انقلاب عسكري جرى عام 1958، وهو أمر ترك جرحا تاريخيا مفتوحا بين البلدين.

كما أنه معلوم أيضا أن العراق ومصر كانا خصمين سياسيين كبيرين يتنازعان محاولة السيطرة على المشرق العربي، وأن هذه الخصومة انعكست على العلاقات بأشكال عديدة خلال العهود الملكيّة والجمهورية، ومنها الخصومة المعروفة بين جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم.

تعتبر زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأولى لزعيم مصري إلى العراق بعد 30 عاماً، حين زارها آنذاك الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1990 للقاء رئيس العراق الأسبق، صدام حسين، وهي زيارة حفّ بها شعور كارثيّ بنذير المحنة التي مثلها احتلال الجيش العراقي للكويت في شباط /فبراير 1991.

وما تبع ذلك من تشكّل حلف دولي وعربي قام بتدمير جزء كبير من الجيش العراقي واستعادة الكويت، وهو حدث هائل جرّ مجموعة من التداعيات السياسية والاقتصادية الكبيرة على البلدان الثلاثة.

تبع حدث تحرير الكويت ترحيل قرابة 400 ألف فلسطيني من الكويت اتجه أغلبهم إلى الأردن، كما بدأ فصل طويل من مأساة العمال المصريين في العراق الذين كانوا يشكلون النسبة الأكبر من العمالة الأجنبية هناك (حوالى ثلاثة ملايين عامل).

ووصلت ذروتها عام 1989 حيث أدى إثقال العراق بالدين وتفشي البطالة وتناقص الموارد وانهيار أسعار النفط إلى حملة ضدهم سميت حينها «النعوش الطائرة» وقد استخدمت السلطات المصرية تلك الأزمة لتبرير مشاركتها في التحالف الدولي ضد العراق.

تتمتع الدول الثلاث بمصادر طاقة كبيرة وخبرات تقنية وسوق ضخم حيث يشكل عدد سكانها حوالى 45% من عدد سكان الدول العربية، كما أنها تعاني مشاكل متشابهة تتعلق بالمديونية والبطالة وضعف النمو وعدم الاستقرار السياسي، وهو ما يجعل تركيز اجتماعات الزعماء الثلاثة على القضايا الاقتصادية منطقيا.

حسب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فإن الدول الثلاث تعمل على «مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، من شأنه أن يتيح تدفق الرساميل والتكنولوجيا بين البلدان الثلاثة على نحو أكثر حرية».

وهو كلام مفيد إذا استخدم كإطار للنوايا الحسنة لأن ما يقود الوقائع الاقتصادية، في المنطقة العربية خصوصا، هو السياسة، وعلى مذبح هذه السياسة، كما رأينا مرات لا حصر لها، تُهدر أهم المشاريع الاقتصادية، بل تدمّر أوطان بأكملها.

ركز الزعماء الثلاثة في اجتماعهم الأخير، على قضايا مثل «مكافحة الإرهاب» و«القضية الفلسطينية» و«سد النهضة» وهي قضايا سياسيّة بامتياز، غير أن القضايا الصعبة التي يمكن أن تسمح لمشروع اقتصادي «على النسق الأوروبي» بالنجاح تتعلّق بمسائل ببنى النظم العربية نفسها، وإذا كانت عمّان تتلمّس طريقها بهذا الاتجاه، فالأغلب أن الوضع أكثر صعوبة وخطورة في كتلتي الميزان الكبريين في العراق ومصر.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

قمة بغداد، العراق، مصر، الأردن، سد النهضة، السياسة، فلسطين، الاقتصاد،

بعد القمة الثلاثية.. وزيرة الصناعة المصرية في العراق للاتفاق على تعاون شامل