كورونا: "سلالة دلتا" تهدد التعافي الاقتصادي

وصول نسبة تلقي اللقاح 115% من السكان ببريطانيا و75% بفرنسا لم يوقف عداد الإصابات عن الارتفاع، او المخاوف من موجة ثالثة!

رغم توجهات جادة لفتح الحدود ورفع حالة الطوارئ فإن شبح إغلاقات شاملة وجزئية ما زال يهيمن على أوروبا بالمعابر البرية والبحرية والمطارات.

هلع وقلق انعكسا على أسواق النفط فشهدت أسعاره انخفاضا في ظل أخبار متتابعة عن انتشار سلالات جديدة خاصة الهندية في أكثر من 80 دولة.

سلالة دلتا تضع الاقتصاد العالمي أمام خيارات صعبة: إما المضي بإجراءات الرفع الجزئي والكلي للإغلاقات وفتح الحدود والتعويل على اللقاحات أو العودة للإغلاقات.

*     *     *

أوقفت الولايات المتحدة رحلاتها الجوية من وإلى الإمارات بعد ارتفاع معدل الاصابة بفايروس: "دلتا" و"بيتا" و"ألفا"؛ اذ سجل متحور دلتا الهندي 33.9% من مجمل الاصابات، في حين سجل المتحور الجنوب إفريقي "بيتا" 39%. أما المتحور البريطاني "ألفا" فسجل 11.3% من مجمل الاصابات في الإمارات.

حالة الهلع والقلق انعكست على اسواق النفط؛ اذ شهدت أسعار النفط انخفاضا طفيفا في ظل الاخبار المتتابعة عن انتشار السلالات الجديدة، وخصوصا الهندية، في اكثر من 80 دولة حتى اللحظة.

فسرعة انتشار السلالة الجديدة تتفوق على سرعة حملات التلقيح العالمية التي تواجه إشكالات: لوجستية، وأخرى إنتاجية تتعلق ببروتوكولات التصنيع والملكية الفكرية المنحصرة بعدد محدود من الشركات والمؤسسات الصناعية.

كما أن المنظومة الدولية الصحية تعاني من البطء رغم الوعود التي قدمتها دول مجموعة السبع بتوفير أكثر من مليار جرعة لقاح مجانية؛ إذ لم تتعدَّ حتى اللحظة نسبة مَن تلقوا اللقاحات 37% على مستوى العالم، في حين يتطلب الأمر تطعيم 70% من سكان الكوكب للوصول الى نتيجة مرضية في مكافحة الوباء.

ورغم التوجهات الجادة لفتح الحدود، ورفع حالة الطوارئ، فإن شبح الإغلاقات الشاملة والجزئية ما زال يهيمن على القارة الأوروبية بالمعابر البرية والبحرية والمطارات؛ فالوصول الى نسبة 115% من مجموع السكان في بريطانيا خضعوا للقاح لم يمنع من وقوع اصابات جديدة!

كما أن وصول النسبة الى 75% في فرنسا لم يوقف عداد الإصابات عن الارتفاع، او المخاوف من موجة ثالثة؛ مادفع اليابان الى العودة للحظر الجزئي نتيجة ارتفاع الاصابات التي فاقت توقعات المسؤولين فيها.

سلالة دلتا الجديدة تضع الاقتصاد العالمي من جديد أمام خيارات صعبة؛ فإما المضي بإجراءات الرفع الجزئي والكلي للإغلاقات، وفتح الحدود، والتعويل على اللقاحات، أو العودة الى الاغلاقات بسبب ضعف آليات التلقيح التي لم تحقق على مستوى العالم نتائج مُرضية حتى اللحظة؛ ما يعني إمكانية تعرض دول بعينها لعزل وإغلاق للمعابر، وتضرر اقتصادات بعضها يعاني الانهيار والفشل، وأخرى تمثل روافع قوية كاليابان.

وعليه؛ فالتأرجح حالة لن تنتهي بين يوم وليلة، وبعض الدول ستدفع أثمانًا أعلى من غيرها لأسباب موضوعية تتعلق باللقاح، وأخرى تتعلق بقدرتها على الانفتاح وضبط حدودها كما هو واضح لدى الدول التي تعتمد على التجارة والعمالة الأجنبية في الآن ذاته.

إنها نماذج غير منضبطة للتفشي تُعقد آليات النمو والانفتاح؛ ما يجعل التعافي العالمي معادلة خاضعة للتجريب والاختبار هذا العام؛ فالحذر أفضل الخيارات وأكثرها واقعية لتطوير نماذج جديدة للوقاية لا تضر بالاقتصاد في الدول المنهكة والمحدودة الموارد.

* حازم عياد كاتب صحفي أردني