«ستراتفور»: فوز مفاجيء للحزب الحاكم في تركيا

الاثنين 2 نوفمبر 2015 11:11 ص

بدت «ستراتفور» لدى العديد من المتابعين للشأن التركي كما لو أنها تأكل الكلمات بعد الفوز الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي جرت في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، مما سيمكنه من تشكيل حكومة بمفرده. ضمن حزب العدالة والتنمية حوالي 49.15% من الأصوات محققا قفزة مذهلة من نسبة 40.9% التي حصدها خلال انتخابات يونيو/ حزيران. الحزب المعارض العلماني الرئيسي في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، حقق ارتفاعا ضئيلا من 25% في يونيو/ حزيران إلى 25.7% في نوفمبر/تشرين الثاني. في حين عانى حزب الحركة القومية تراجعا كبيرا من 16.3% إلى 12.21% . حزب الشعوب الديموقراطي الكردي بالكاد تخطى عتبة الـ10% ليحصد 10.52% من الأصوات منخفضا من 13.1% في انتخابات يونيو/ حزيران.

الرئيس «رجب طيب أردوغان» قد يكون شخصية استقطابية للغاية في السياسة التركية، لكنه لا يزال رمزا للقوة بالنسبة لنصف سكان البلاد الذين يتعاطفون مع أسلوب حياة أكثر تدينا ويعزون الفضل لـ«أردوغان» لرفع وضعهم الاقتصادي على مدى السنوات الـ13 الماضية. في أعقاب الانتخابات العامة في يونيو/ حزيران، كان هناك احتمال أن الناخبين الأتراك الذين  يخشون الدخول في فترة طويلة من عدم الاستقرار في ظل حكومات ائتلافية ضعيفة قد حولوا أصواتهم صوب حزب العدالة والتنمية ن أجل إنهاء الأزمة السياسية. ولكن كان هناك أيضا عدد من العوامل التي من شأنها أن تسحب الأصوات بعيدا عن الحزب الحاكم. سوف تثار التساؤلات بشأن المكاسب والصعود لحزب العدالة والتنمية في جنوب شرق البلاد ذات الغالبية الكردية، حيث كان من المتوقع أن يحقق حزب الشعوب الموالي للأكراد أداء أقوى.

اتخذ حزب العدالة والتنمية موقفا أكثر تصلبا تجاه القضية الكردية منذ انتخابات يونيو/ حزيران، وقد أظهرت النتائج أن الحزب قد فقد جزءا كبيرا من أصوات المحافظين الأكراد على أي حال. أكبر دفعة لحزب العدالة والتنمية، جاءت على ما يبدو من الانقسام الداخلي في حزب الحركة القومية. وبالنظر إلى استئناف الأعمال العدائية بين الدولة وحزب العمال الكردستاني المتطرف، جنبا إلى جنب مع اللوم الموجه على نطاق واسع للحزب الحاكم لخلقه لثغرات أمنية مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، فقد كان من المتوقع أن الناخبين القوميين الذين يستجيبون لتطورات القضية الكردية وتهديد تنظيم «الدولة الإسلامية» وخروج «أردوغان» على إرث «مصطفى كمال أتاتورك» الرئيس السابق ومؤسس تركيا الحديثة سوف يتجهون لتكثيف تصويتهم للحزب القومي. ولكن عملية التطهير الداخلية للمنافسين التي أجراها زعيم الحزب، «دولت بهجلي»، جنبا إلى جنب مع الخلافات حول نهجه خلال محادثات الائتلاف قد تسببت قد مزقت الحزب بما فيه الكفاية حيث ذهبت نسبة كبيرة من المصوتين لصالح حزب العدالة والتنمية.

التطلع إلى الأمام

الآن الحزب الحاكم أن لديه ما يكفي من المقاعد للتخلي عن الدخول في محادثات ائتلاف فوضوية وتشكيل حكومته الخاصة. بعض الإحساس بالحياة الطبيعية سوف يبدأ بالعودة إلى تركيا على اعتبار أن حالة الأسواق المالية تتداخل بشكل كبير مع الوضع السياسي المتأزم في البلاد. ومع ذلك فسوف تبقى الأوضاع الاقتصادية راكدة نوعا ما ويبقى البلد عرضة للهجمات من قبل المسلحين الأكراد والجهاديين والمتطرفين اليساريين. ويمكن أن نتوقع أن حزب العدالة والتنمية سوف يواصل المضي قدما في تعزيز سلطته التنفيذية ومع ذلك فإن هذه الخطط سوف تظل رهن الاختيار بسبب افتقاد الحزب للأغلبية المطلقة اللازمة لإصلاح النظام السياسي من جانب واحد.

ومع ذلك، فإن نتيجة الانتخابات لن يكون لها تأثير يذكر على السياسة الخارجية لتركيا. سواء كانت الحكومة حكومة حزب أوحد أو حكومة ائتلافية، فإن البلاد تتجه نحو تعميق تورطها في شمال سوريا من أجل احتواء النشاط الكردي والجهادي وتوجيه جارتها الجنوبية إلى حكم سني. سوف يسعى «أردوغان» للاستفادة من أزمة اللاجئين المهاجرين الجارية لانتزاع تنازلات من الأوروبيين، ولكن أنقرة لن تفعل شيئا يذكر لمنع المهاجرين من استخدام تركيا باعتبارها الطريق إلى شمال أوروبا. والآن بعد أن أصبحت تركيا قادرة على تشكيل حكومة في وقت قصير، فإن روسيا سوف تبذل جهودا إضافية قبيل اجتماع ثنائي بين الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» و«أردوغان» في ديسمبر/ كانون الثاني لدفع أنقرة نحو صفقة لتلقي الغاز الطبيعي بخصومات كبيرة مقابل التزاما أكبر بمد خط أنابيب «تركستريم».

  كلمات مفتاحية

تركيا الانتخابات البرلمانية حزب العدالة والتنمية أردوغان

بعد خيبة أملها من تفوق حزبه.. مواقع إيرانية: «أردوغان» مدين بفوزه لـ«الدولة الإسلامية»

«مشعل» و«هنية» و«رائد صلاح» يهنئون «أردوغان» و«داود أوغلو» بنجاح الانتخابات

نتائج شبه نهائية: «العدالة والتنمية» التركي يحقق الأغلبية ويشكل الحكومة منفردا

«الإخوان المسلمون» ودعاة الخليج يهنئون الشعب التركي بفوز «العدالة والتنمية»

«القدس العربي»: تفويض تركي لـ«أردوغان» بمعالجة الملفات الصعبة

رسالة الانتخابات التركية المطمئنة والمحرجة

علمانية بلا علمنة