من مدينة أشباح إلى الأكثر ازدهارا.. كيف أصبحت الرمادي بعد الدولة الإسلامية؟

الأحد 11 يوليو 2021 11:21 ص

"منشآت متطورة.. وفندق فاخر.. ومستشفى مجهزة".. بهذه الكلمات رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حركة الإعمار في مدينة الرمادي العراقية عاصمة محافظة الأنبار، بعد الدمار الذي لحقها إثر سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليها في صيف 2014، قبل أن تستعيدها القوات العراقية لاحقاً.

وفي تقرير لها، السبت، رصدت الصحيفة، بناء منشآت متطورة في المدينة خلال السنوات القليلة الماضية، وحتى الآن، منها فندق فاخر ومستشفى يملك أدوات جراحة، غير متوفرة في إقليم كردستان، إضافة إلى منتجعات ومجمعات سكنية، بملايين الدولارات.

وأشارت إلى إعمار البنى التحتية، مثل الشوارع والكهرباء، التي طالها الدمار خلال سنوات سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، مبينةً أن إدارة المدينة أصدرت أكثر من 200 ترخيص استثماري تصل قيمتها إلى أكثر من 5 مليارات دولار.

وتشمل هذه الاستثمارات محطات للطاقة الشمسية ومصانع للأسمدة ومجمعات سكانية ومدارس.

وحصل المستثمرون العراقيون، وفق الصحيفة على 70% من التراخيص، والباقي لمستثمرين من ألمانيا والهند وتركيا والإمارات ودول أخرى.

وبينما تكافح مدن عراقية أخرى للتعافي من آثار معارك سابقة، بدأت الرمادي في الازدهار.

وغيرت المباني الحكومية شكل المدينة التي لا تزال بعض مناطقها السكنية مدمرة.

فبدلا من الشوارع المزدحمة والمليئة بالحفر وأعشاش الأسلاك الكهربائية المعلقة في كل مكان في مدن عراقية أخرى، تفتخر الرمادي الآن بنظام طرق معاد تنظيمه وكابلات كهربائية تحت الأرض ومكاتب حكومية مركزية.

ولفتت الصحيفة إلى مشاهد بناء أول فندق منذ عقود في مدينة الرمادي، مكون من 20 طابقًا به حمامات سباحة ومنتجع صحي ومطاعم تنطلق في المياه الزرقاء والخضراء على حافة العراق.

يكشف المقاول العراقي لفندق الرمادي الجديد، الذي لم يحمل اسمًا بعد "ماهر عثمان": "سيكون هذا مركزًا ترفيهيًا، وليس مجرد فندق".

ويقول إن شركته جزيرة العطا، خططت لإنفاق ما لا يقل عن 20 مليون دولار من إجمالي تكلفة البناء على حمامات السباحة والمطاعم والمحلات التجارية ومنتجع صحي على الطراز المغربي.

وفي المجمع الفندقي، يقوم العمال ببناء 30 شاليهًا من 3 طوابق مخصصة للعائلات والأزواج الذين يقضون شهر العسل، سيكون لكل منها حديقة خاصة ومسبح خاص على السطح مع منطقة للشواء وإطلالات شاملة على نهر الفرات.

وإلى جانب الفندق الذي تبلغ تكلفته 70 مليون دولار، بدأ تشييد أحد أكبر مراكز التسوق في البلاد، حيث تقدم الشركات عطاءات لإنشاء مطار دولي.

ودللت الصحيفة على رقي مراكز التسوق في الرمادي، بالقول: "الآن تصطف في المراكز التجارية البراقة في الرمادي، قهوة ستاربكس، وعلى الرفوف سيجد العراقيون الدقيق الخالي من الغلوتين".

يقول رئيس هيئة استثمار الأنبار "مهدي النعمان"، بينما كان يعاين المدينة على إحدى الطرق السريعة الجديدة المحاطة بأكشاك نباتية من زهور البتونيا: "في عام 2016 كانت الرمادي مدينة أشباح".

ويضيف: "الآن لن ترى حتى القطط والكلاب الضالة".

ويحلم "نعمان" بإنشاء مطار دولي، وقد خصصت الحكومة بالفعل 70 مليون دولار لمرحلة التخطيط الأولي له.

وفي مستشفى الصفوة التخصصي الخاص الجديد، يقوم المدير "محمد مصلح"، بتشغيل هاتفه عبر الباركود الموجود على باب لمعلومات المريض.

ويوجد بالمستشفى معدات، مثل المجاهر الخاصة بجراحة المخ والأعصاب ، غير متوفرة حتى في إقليم كردستان العراق الأكثر تطوراً.

وعلى بعد أميال قليلة من حافة الرمادي بالقرب من محطة السكة الحديد، يراقب رائد الأعمال الأردني الأمريكي "مهند حيمور"، الأرض التي تم تطهيرها من مئات المتفجرات، حيث يخطط لبناء مدرسة ستكون جزءًا من نظام البكالوريا الدولية، وهو نظام عالمي، يشكل شبكة مدارس تلتزم بالمعايير الدولية.

كما يخطط "حيمور" لبناء مجمع يضم فندقًا وسكنًا ومتاجرًا ومرافق ترفيهية.

وكانت بغداد وواشنطن اعتبرت استعادة الرمادي، أول نصر كبير للجيش العراقي، بدعم أمريكي، منذ اجتياح التنظيم لشمال وغرب البلاد في منتصف عام 2014.

واستغرقت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة 3 سنوات لطرد مقاتلي "الدولة الإسلامية" من البلاد، وكانت تلك المعارك في المقام الأول هي التي تركت الرمادي أضرارًا جسيمة وخالية إلى حد كبير من المدنيين.

أما الآن، يقوم المستثمرون العراقيون الذين ركزوا على مشاريع خارج البلاد، على مدارا السنوات الـ18 الماضية، بإعادة بعض أرباحهم إلى الأنبار، بينما تلقي الشركات الأجنبية نظرة جديدة على مدينة أعيد بناؤها إلى حد كبير بعد القتال ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".

يقول محافظ الأنبار "علي فرحان": "قررنا أن يتم البناء بطريقة جديدة لمواكبة التخطيط العمراني الحديث"، مشيرا إلى أن "سكان الأنبار لم يعدوا مستعدين لتحمل الخطاب المتطرف الذي سمح لالدولة الإسلامية بالحصول على موطئ قدم هنا، وعانوا من الكثير من الدمار بسببه".

وعندما استولى تنظيم "الدولة الإسلامية" على الرمادي عام 2015، فر الفقراء في هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون شخص، إلى الصحراء حيث مخيم مؤقت بائس للنازحين العراقيين، بعدما منعت السلطات الحكومية معظم النازحين من دخول العاصمة بغداد، التي تقع على بعد كيلومترات قليلة (100 كلم غرب بغداد) .

بينما انتقل العديد من سكان الرمادي، القادرين ماديا، إلى إقليم كردستان شمالا، أو غادروا البلاد إلى الأردن وتركيا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الرمادي داعش تنظيم الدولة الإسلامية إعادة إعمار العراق الدولة الإسلامية

الكویت تمنح العراق 85 ملیون دولار لإعادة الإعمار