فورين أفيرز: آن أوان قطع التمويل الأمريكي عن الاستبداد المصري

الأحد 18 يوليو 2021 01:11 م

طالبت "سارة ليا ويتسن" المديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية في العالم العربي الآن" (DAWN)، الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بوقف تمويل حكم الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" عبر المساعدات الاقتصادية والعسكرية، واصفة قمع نظامه بأنه "ليس تصرفات عرضية أو نتيجة ثانوية لبعض التجاوزات، بل استراتيجية مدروسة وأساسية لبقاء ديكتاتوريته".

وشددت "ليا ويتسن"، في مقال نشرته بمجلة "فورين أفيرز"، على ضرورة إلغاء المعونات الأمريكية تماماً، وليس تخفيضها، وذكّرت "بايدن" بوعوده في بداية حملته للانتخابات الرئاسية 2020، عندما تعهد بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع الحكومات الاستبدادية.

وأورد المقال أن مكانة مصر تراجعت في المؤشرات العالمية لقياس التحول الديمقراطي منذ أن تولى "السيسي" منصبه في عام 2014، حيث وثقت منظمات حقوق الإنسان انتهاكات حكومته الممنهجة، بما في ذلك مذابح مروعة وإعدامات خارج نطاق القضاء واستخدام للتعذيب على نطاق واسع.

الديكتاتورية الأكثر قمعا

وأضافت "ليا ويتسن": "اختفت الحريات المدنية الأساسية تقريبًا بموجب القوانين الجديدة التي تسمح بمحاكمة المعارضين بتهمة الإرهاب، إضافة إلى اعتقال أكثر من 60 ألف شخص بتهمة ارتكاب جرائم سياسية".

وأشارت الحقوقية البارزة إلى تصديق القضاء المصري، في 14 يونيو/حزيران الماضي، على الحكم بإعدام على 12 رجلاً، معظمهم من كبار قادة جماعة "الإخوان المسلمون"، بتهم ملفقة، وسجن آخرين لمدد طويلة في محاكمة جماعية ضمت ما يقرب من 800 شخص.

كما أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي خلُص في تغريدة، نشرها في يوليو/تموز الماضي، إلى أن "السيسي أحد أكثر الحكام المستبدين سوءًا في العالم"، متعهدا "بعدم إعطاء المزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب المفضل".

واستنكرت "ليا ويتسن" سير العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر كالمعتاد حتى الآن، وبعد نحو 6 أشهر من فوز "بايدن" برئاسة الولايات المتحدة، واصفة حكم "السيسي" بأنه "الدكتاتورية العسكرية الأكثر قمعًا في تاريخ مصر الحديث".

وتابعت: "مع اقتراب بايدن من منتصف عامه الأول في المنصب، عليه أن يفي بوعده بإعادة ضبط نهج واشنطن تجاه القاهرة (..) لقد حان الوقت لقطع المساعدات الضخمة التي تقدمها الولايات المتحدة عامًا بعد عام للنظام المصري، الذي يورط الأمريكيين في انتهاكات السيسي".

وأوضحت أن التدفق المستمر للأموال من واشنطن إلى القاهرة على مدى عقود بلغ أكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية بالإضافة إلى 30 مليار دولار إضافية من المساعدات الاقتصادية منذ عام 1978، معتبرة أن هكذا تدفق يبعث برسالة مهمة إلى المصريين، مفادها أنه بغض النظر عن التعذيب أو الإرهاب، الذي ترعاه الدولة ويعانون منه، فإن الولايات المتحدة تدعم الحكومة المصرية.

ضرر المساعدات

وأكدت "ليا ويتسن" أن المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر ليست أقل ضرراً من المساعدات العسكرية، حيث امتكلت واشنطن القدرة، في وقت سابق، على توجيه المساعدات الاقتصادية إلى مجموعات المجتمع المدني المستقلة، لكن "هذه المجموعات لم تعد موجودة فعليًا في مصر تحت حكم السيسي" بحسب المقال.

وأوضحت الحقوقية البارزة قائلة: "تتحكم الحكومة المصرية في كل دولار من المساعدات تتلقاها، سواء بشكل مباشر أو من خلال ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها بالفعل (..) بالنسبة للولايات المتحدة، هذه ليست مشكلة أخلاقية فحسب، بل مشكلة قانونية أيضًا، فالمساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان هي انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الأمريكي نفسه".

واعتبرت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" أن الولايات المتحدة "متورطة بشكل لا مفر منه في جرائم نظام السيسي" من خلال تقديم الدعم العسكري لحكومة تنتشر انتهاكاتها بشكل ممنهج وواسع النطاق.

وأشارت إلى أن "السيسي" لم يغب عنه أن الثورة المصرية عام 2011، التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس الأسبق "حسني مبارك" اندلعت في أعقاب تخفيف الأخير للقيود المفروضة على التعبير السياسي، ومثل كل مستبد بالمنطقة، يعتقد الرئيس الحالي أنه يلعب لعبة صفرية، مفادها أن المزيد من الحريات يعني زيادة خطر الإطاحة به.

هذا هو السبب في أن "السيسي" لن يخضع أبدًا لمطالب الإصلاح الجاد، حسبما ترى "ليا ويتسن"، مؤكدة أن الرئيس المصري "إذا أُجبر على الاختيار بين خسارة المساعدة العسكرية الأمريكية وتخفيف قبضته القمعية، فإنه سيتخلى عن المساعدة".

وأشار المقال إلى أن إدارة "بايدن" تعد حزمة مساعدات لعام 2022 تتضمن، للمرة الأولى، شرطًا فرضه الكونجرس برهن 75 مليون دولار من المساعدات لمصر بحدوث "تقدم واضحً في إطلاق سراح السجناء السياسيين وضمان الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين".

لكن هذا المبلغ يمثل أقل من 5% من حزمة المساعدات الأمريكية لمصر، البالغة 1.3 مليارات دولار لعام 2022، ولذا شددت "ليا ويتسن" على ضرورة قطع تلك المساعدات بالكامل.

وردا على الزعم بأن استمرار المساعدات الأمريكية لمصر يضمن الوصول التفضيلي للسفن الحربية الأمريكية، التي تمر عبر قناة السويس وحقوق التحليق الجوي في المجال الجوي المصري، تؤكد الحقوقية البارزة بأن هكذا مصالح يجب أن تخضع لـ"نظام تسعير خاص" باعتبارها "صفقة" لها بدائل، وليس ضرورة يجب استمرارها.

وأشارت، في هذا الصدد، إلى أن عدم اتفاق الحكومتين (الأمريكية والمصرية) حول السعر لن يفقد الولايات المتحدة كل شيء، فقد تكون الطرق البحرية والجوية البديلة أكثر تكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، لكنها موجودة بالفعل، وسيكون تنويع هذه الطرق حكيمًا من الناحية الاستراتيجية، كما تشهد بذلك أزمة انسداد قناة السويس الأخيرة.

واختتمت "ليا ويتسن" مقالها بالتأكيد على أن إنهاء المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر لا يعني إنهاء العلاقة بينهما تمامًا، إذ لا يوجد سبب يمنع البلدين من الاستمرار في متابعة المشاركات ذات المنفعة المتبادلة، مثل التعاون في مكافحة الإرهاب، أو التنسيق بشأن النزاعات الإقليمية، مثل استضافة مصر لمحادثات وقف إطلاق النار الأخير في غزة، كما لا يوجد سبب يمنع الولايات المتحدة من الاستمرار في متابعة الصفقات التجارية وتشجيع الاستثمار في مصر أو إجراء تبادلات تعليمية وثقافية.

المصدر | الخليج الجديد + فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي سارة ليا ويتسن هيومن رايتس ووتش المساعدات العسكرية الإخوان المسلمين جو بايدن الإخوان المسلمون

ما الذي ربحته واشنطن من المساعدات العسكرية لمصر؟

قاعدة برنيس المصرية تستقبل أول سفينة حربية أمريكية (بالصور)