فرص الجماعات «السلفية الجهادية» في الانتشار في الوسط الفلسطيني

الأحد 8 نوفمبر 2015 02:11 ص

نشر مركز الزيتونة للدراسات مؤخرا تقديرا استراتيجيا تحت عنوان «الجماعات السلفية الجهادية .. وفرص الانتشار في الوسط الفلسطيني»، تناول خلاله فرص تمدد أنشطة الجماعات السلفية الجهادية في فلسطين، وبخاصة في ظل النجاجات التي تحققها نظيراتها في ساحات مجاورو وبالأخص في سوريا والعراق.

ووفقا للتقدير، فقد تزايد حضور الجماعات الإسلامية المحسوبة على تيار «السلفية الجهادية» في عدد من الأقطار العربية، وتحولت خلال العامين الأخيرين إلى فاعل مؤثر في قضايا المنطقة.

وعدد التقدير سيناريوهين محتملين فيما يتعلق بتمدد هذه الجماعات في فلسطين، الأول هو نجاح تلك الجماعات في التمدد، وتحقيق نجاحات مهمة، تجعلها فاعلا رئيسا وطرفا مؤثرا في الواقع الفلسطيني وفي معادلات الصراع العربي الإسرائيلي، أما السيناريو الثاني فهو فشل تلك المجموعات في التمدد، واستمرار الوضع الراهن من حيث حجمها وحضورها وتأثيرها في المشهد السياسي الفلسطيني.

وذكر التقدير جملة من المحددات لترجيح فرص أي من السيناريوهين، أبرزها: قوة تلك المجموعات وتماسكها التنظيمي، وموقع فلسطين والصراع مع الاحتلال في استراتيجيتها، وقدرتها على تجاوز عوائق الجغرافيا وتحقيق التواصل مع ساحات مجاورة، والحالة الأمنية في فلسطين ومدى توفر فراغ يتيح لها الاختراق والتمدد، وحجم الاحتقان الداخلي، ووجود أو غياب الصراعات الدينية والطائفية، والبيئة الفكرية والثقافية وحالة التعايش في المجتمع.

واقع السلفية الجهادية في فلسطين

التقدير أشار إلى أنه لا يزال حضور هذه الجماعات على الساحة الفلسطينية محدود التأثير على الرغم من محاولتها استغلال الزخم الذي تسببه نجاحات تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، وفي غزة كان التوتر سيد الموقف في العلاقة بين حكومة حركة حماس وبين هذه المجموعات أمثال «جيش الإسلام» و«جند أنصار الله»، المعروفة باسم «جلجلت» و«كتائب التوحيد»، و«جيش الأمة»، و«أنصار الدولة الإسلامية».

وتعود بداية التوتر بين الطرفين إلى سنة 2007 التي شهدت مواجهات بين القوات الأمنية في غزة وبين تنظيم «جيش الإسلام» بقيادة «ممتاز دغمش»، غير أن التصعيد الأبرز في العلاقة بين حماس وحكومتها وبين المجموعات المسلحة وقع في السنة التالية، حيث أعلن «عبد اللطيف موسى» قيام إمارة إسلامية في غزة، وقتل «موسى» مع عدد من أتباعه في المواجهة مع القوات الأمنية، ما وجه ضربة قوية لتلك المجموعات التي تراجع حضورها بشكل واضح في السنوات اللاحقة.

وقد اتسم خطاب المجموعات الدينية المسلحة داخل فلسطين وخارجها بعد تلك المواجهة بموقف أكثر تشدداً وسلبية تجاه حركة حماس، كما كانت أولوياتها تتركز على إعلان إمارة أو دولة إسلامية، قبل  تحرير الأرض ومواجهة الاحتلال.

غير أن تغييرا طرأ على موقف تلك المجموعات في الآونة الأخيرة حيث لجأت لإطلاق عدد من الصواريخ عبر قطاع غزة باتجاه الأراضي الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما رأت فيه أوساط سياسية فلسطينية محاولة لإحراج حركة «حماس» والضغط عليها لإطلاق سراح معتقلي تلك المجموعات عبر التهديد بجرّ القطاع إلى مواجهة جديدة مع الاحتلال.

ومع انطلاق انتفاضة القدس، طرأ تطور ملحوظ في الخطاب الإعلامي للجماعات الدينية المسلحة، حيث أظهرت اهتماما بالمواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، ووجهت رسائل إعلامية كان آخرها عدد من التسجيلات الصوتية التي تضمنت انتقادات شديدة اللهجة لحركتي «فتح» و«حماس».

أما في الضفة الغربية فكان حضور المجموعات الدينية المسلحة أضعف بسبب الإجراءات الأمنية المشددة والضغوط التي تمارسها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، حيث شنت الأجهزة الأمنية في الضفة حملة اعتقالات شملت عشرة شبان فلسطينيين، في أعقاب معلومات (إسرائيلية) عن وجود عناصر تنتمي لتنظيم «الدولة الإسلامية».

وقد التزمت هذه المجموعات حتى وقت قريب على تأكيد استقلاليتها وعدم تبعيتها أو ارتباطها تنظيميا بأي جماعات خارجية، لكن يبدو أن تغيرا ربما يكون طرأ على هذه السياسة في الآونة الأخيرة، حيث أصدر تنظيم «جيش الإسلام» بيانا في سبتمبر/أيلول 2015 أعلن فيه مبايعته لزعيم «تنظيم الدولة»، وتلا صدور البيان نفي من مسؤول التنظيم «ممتاز دغمش» لصحته، فيما تحدثت أوساط سياسية عن خلافات داخل التنظيم حول مبايعة البغدادي، وأكدت صحة صدور البيان عن عدد من قيادات التنظيم.

مستقبل «السلفية الجهادية»

ووفقا للتقدير، ثمة سيناريوهين رئيسيين محتملين لمستقبل المجموعات الدينية المسلحة ولمدى قدرتها على التمدد والانتشار وزيادة قوتها وحضورها في الساحة الفلسطينية في المدى القريب.

السيناريو الأول هو نجاح تلك المجموعات بالتمدد في الساحة الفلسطينية، وتحقيق نجاحات مهمة، تجعل منها فاعلا رئيسا وطرفا مؤثرا في الواقع الفلسطيني وفي معادلات الصراع العربي الإسلامي ضد الجانب الإسرائيلي، وفي حال تحقق هذا السيناريو يتوقع أن تترتب عليه جملة انعكاسات، في مقدمتهاحصول تغييرات وتحولات جذرية في بنية المجتمع الفلسطيني من الاعتدال والمرونة السياسية والفكرية نحو الانغلاق والتشدد الفكري والسياسي، إضافة إلى تراجع كافة القوى السياسية الأخرى باختلاف توجهاتها السياسية والفكرية، نظرا لرفض تلك الجماعات لفكرة التعددية والشراكة مع الآخر، وتغير أولويات المجتمع الفلسطيني نحو «الأسلمة» وفق رؤية هذه الجماعات مع تراجع المقاومة إلى مرتبة تالية، مع تراجع معدلات التعايش في المجتمع وبروز مشكلات الأقليات الدينية.

أما السيناريو الثاني فيشمل فشل المجموعات الدينية المسلحة في التمدد والتوسع داخل الساحة الفلسطينية، واستمرار الوضع الراهن من حيث قوتها وحضورها وتأثيرها في المشهد السياسي الفلسطيني، ويترتب على تحقق ذلك استمرار المعطيات الحالية وعدم حصول انعكاسات جوهرية تتجاوز حدود بعض المواجهات المتقطعة في قطاع غزة على وجه الخصوص، مع توقع استمرار تلك المجموعات بتنفيذ بعض الأعمال العسكرية داخل المجتمع الفلسطيني وإطلاق بعض الصواريخ باتجاه الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مناسبات معينة ولغايات محددة.

 ووفقا للتقدير، فإن هذا الخيار الأخير يبدو أكثر ترجيحا في ظل قراءة المحددات والعوامل المؤثرة في مستقبل الجماعات الدينية المسلحة، وفي ظل المعطيات القائمة، حيث ما تزال تلك الجماعات ضعيفة هامشية الحضور محدودة التأثير ولا تحظى بشعبية واسعة في الشارع الفلسطيني، ويكاد وجودها ينحصر في صفحات التواصل الاجتماعي وفي مساحات جغرافية ضيقة.

كما أن هذه الحركات لم تظهر حتى اللحظة تغيير أو تحول جوهري في اهتماماتها وأولوياتها، ويحول سجلها المتواضع في مجال مقاومة الاحتلال دون تحقيقها لحضور شعب مميز، كما وحرمت حالة الانسجام والتعايش الديني وغياب الصراعات الطائفية تلك المجموعات من استثمار أجواء الخلاف الديني والاستقطاب الطائفي، وشكلت حالة الوعي الفكري والسياسي وأجواء الاعتدال والانفتاح والتعايش وارتفاع المستوى الثقافي في الساحة الفلسطينية حاجزاً أمام تمدد تلك المجموعات، وفقا للتقدير الذي نشره مركز الزيتونة.

  كلمات مفتاحية

فلسطين (إسرائبل) حماس السلفية الجهادية غزة فتح الدولة الإسلامية

بين التوترات الداخلية والاشتباك مع (إسرائيل): «حماس» ومأزق مواجهة السلفية الجهادية

وساطة بين «حماس» و«السلفية الجهادية» بغزة وتفاؤل بالتوصل لاتفاق قريب

«ستراتفور»: «حماس» تتبنى إجراءات صارمة ضد «الدولة الإسلامية» في غزة

فلسطين بانتظار «سنوات الفراغ»

إعادة فهم الفكر السفلي