معركة شاقة أمام طالبان للحصول على الشرعية الدولية أو الإقليمية

الأربعاء 18 أغسطس 2021 10:22 ص

بعد السيطرة على كابل، سيظل حصول "طالبان" على الشرعية الدولية مرهونا باستعدادهم وقدرتهم على منع المسلحين العابرين للحدود من استخدام أفغانستان كقاعدة للعمليات.

ومع دخول "طالبان" في المفاوضات النهائية مع ممثلي الحكومة الأفغانية، انخرطت الحركة بالفعل في التواصل مع دول المنطقة، وأبرزها الصين وروسيا.

وقد وضعت كل من بكين وموسكو بالفعل شروطًا محددة للغاية للاعتراف، حيث يجب على "طالبان" إظهار استعدادها وقدرتها على الحد من الهجمات العابرة للحدود القادمة من أراضيها.

تحدي الهجمات العابرة للحدود

قد تكون هذه مهمة بسيطة نسبيًا في حالة الإيجور الصينيين، لكن هذه المهمة تزداد صعوبة عند النظر في مجموعات أخرى مثل "القاعدة في شبه القارة الهندية"، والتي ستستشعر بالقدرة على إعادة استهداف أهداف إقليمية أخرى في خضم انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

وتعهد مسؤولو "طالبان" بأنهم لن يسمحوا باستخدام الأراضي الأفغانية في عمليات ضد دول أخرى، طالما أن هذه الدول ليست منخرطة في عمل عسكري ضد "طالبان".

وقالت موسكو وبكين إنهما على استعداد للانخراط مع "طالبان"، لكن كليهما أشارا أيضًا إلى أنهما سيحجبان الاعتراف الدبلوماسي الرسمي حتى تُظهر "طالبان" قدرتها على تقييد المقاتلين الأجانب في أفغانستان.

التوازن الصعب

سيعتمد استعداد "طالبان" لاحتواء مشكلة المسلحين على التوازن بين دافعين متعارضين؛ فهناك الحاجة إلى اكتساب الشرعية الدولية والحاجة في الوقت ذاته إلى الحفاظ على ولاء الجماعات العابرة للحدود ذات التفكير المماثل.

وقد وفرت "طالبان" في الماضي المأوى للمقاتلين الأجانب (وأبرزهم القاعدة)، بالرغم من الإدانة الغربية والضربات الجوية، وساهم هذا الدعم في الإطاحة الأمريكية بـ"طالبان" بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.

وحاليًا، يعمل العديد من المقاتلين والجماعات الأجنبية جنبًا إلى جنب مع "طالبان"، مثل "القاعدة" و"تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية" و"تحريك طالبان باكستان" و"شبكة حقاني".

وبينما كان معظمهم يقاتلون ضد القوات الأمريكية والغربية في أفغانستان، أو ضد الحكومة الأفغانية والجيش الأفغاني، إلا إن كلًا من "القاعدة في شبه القارة الهندية" و"تحريك طالبان باكستان" قامتا بتوجيه أنشطة ضد باكستان.

وبالرغم من التنافس مع "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان"، حافظت "طالبان" أيضًا على تعاون وثيق نسبيًا مع مقاتلين أجانب أكثر تشابهًا في التفكير.

ومع أن حركة "طالبان" تركز على أفغانستان، إلا إن لديها تعاطفًا واضحًا مع العديد من هذه الحركات المسلحة الأخرى، ما يعني أن أي اتفاق لتقييدهم أو السيطرة عليهم سيبدو متعارضًا مع أيديولوجية "طالبان" وعلاقاتها القائمة.

وقد تكون "طالبان" على استعداد لتقييد مجموعات صغيرة محددة، مثل مسلحي الإيجور الذين يثيرون قلق الصين، ومع ذلك، فإن السيطرة على المجموعات الأخرى ستتطلب إرادة سياسية أقوى ومزايا أوضح تجعل "طالبان" تختار تقييدهم بدلا من حمايتهم، وقد توفر موسكو وبكين الحد الأدنى من هذا الحافز.

وستسعى "طالبان" إلى الحصول على الشرعية الدولية للوصول إلى التجارة، فضلاً عن البنية التحتية الانتقائية والمساعدة الإنمائية.

كما أن مثل هذه الشرعية، التي حُرمت منها "طالبان" في التسعينات، من شأنها أيضًا أن تقلل الدعم الخارجي المحتمل للحركات المناهضة لـ"طالبان" داخل أفغانستان.

وتشكل روسيا مصدر قلق خاص، بالنظر إلى علاقاتها المستمرة في آسيا الوسطى وتاريخها في الصراع العرقي في أفغانستان.

ومن شأن اعتراف الصين أو روسيا أن يساعد أيضًا في حماية أفغانستان تحت حكم "طالبان" من إجراءات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وإذا رأت الحركة أن هذه الفوائد تفوق الفوائد الناجمة عن السماح بالتخطيط للهجمات والتدريبات من داخل أفغانستان، فقد تكون على استعداد لتقييد عمليات شركائها الحاليين بشكل انتقائي، على الأقل خلال العام أو العامين المقبلين.

بين الرغبة والقدرة

من الواضح أن "طالبان" لديها مصلحة في اكتساب الشرعية الدولية أو الإقليمية على الأقل، من أجل تعزيز سيطرتها على أفغانستان. ولكن هناك تحديات ستصعّب على الجماعة السيطرة على الأنشطة المسلحة داخل حدودها وخارجها، بغض النظر عن نواياها.

وسيكون التماسك الداخلي لـ"طالبان" أول وأهم اختبار، حيث ينحدر مقاتلو الحركة من العديد من الأفراد والجماعات، وبعضهم لديه أفكار متعارضة حول ما يجب أن تكون عليه "طالبان"، وأين يجب أن يركزوا، وما إذا كان ينبغي عليهم القيام بدور أكثر دولية.

وسيتمثل أول مؤشر على قدرة "طالبان" على السيطرة على المسلحين العابرين للحدود، فيما إن كان قادة "طالبان" قادرين على الاحتفاظ بالولاء المركزي وضمان الالتزام بالأهداف المركزية، بدلاً من المصالح المحلية أو الشخصية، في خضم العملية الانتقالية من التمرد إلى الحكم، حيث إن القادة المحليين الذين تربطهم علاقات وثيقة بالمقاتلين الأجانب قد يكونون أكثر تعاطفًا مع شركائهم في القتال أكثر من تعاطفهم مع هيئة الحكم في كابل.

أما الاختبار الثاني بعد ذلك فسيكون بشأن ما إذا كان بإمكان "طالبان" فرض سيطرتها على كل أفغانستان، خشية أن تترك مساحة فارغة يمكن أن تستغلها الجماعات الأخرى خارج سيطرة "طالبان".

اختلاف أولويات الحركات

ويتعلق الاختبار الثالث والأخير بشأن ما إذا كانت الحركة تستطيع بسط سيطرتها على الحركات التي قاتلت معها لنفس الهدف قبل أن تختلف أولوياتهم. فقد عزز القتال ضد عدو أجنبي مشترك داخل أفغانستان العلاقات بين "طالبان" وشركائها من المقاتلين الأجانب، ولكن مع اختفاء هذا العدو، ستعود المصالح الأساسية لكل جماعة إلى الصدارة.

وتشترك "طالبان" في بعض الأهداف والنوايا مع هذه الجماعات، لكنها لا تتوافق مع كل شيء، ومن الواضح أن "تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية" و"تحريك طالبان باكستان" لهما تركيز خارجي، وسوف ينظران إلى انتصار "طالبان" على أنه إشارة لتسريع هجماتهما في باكستان وبنجلاديش.

ولا يخاطر ذلك بتقويض العلاقات مع باكستان فقط وإنما مع الصين أيضًا والتي ترى في الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان رابطًا اقتصاديًا مهمًا.

وقد تتمكن "طالبان" من إعادة تركيز بعض الجماعات على مرحلة توطيد الحكم التي لا تزال ضرورية للسيطرة على أفغانستان، كما فعلت مع "جماعة أنصار الله"، أو ما يسمى بـ"طالبان الطاجيكية"، لكن هذا قد يكون قصير الأجل لأنهم يركزون على أهدافهم الأوسع في طاجيكستان.

وقد تكون "طالبان" على استعداد لاستخدام القوة أو طرد القادة أو الجماعات المزعجة من أفغانستان، لكن قدرتهم العسكرية على القيام بذلك تظل موضع تساؤل.

لقد وضعت "طالبان" قواتها بوجه "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان"، حيث كانت هناك اختلافات أيديولوجية واضحة وتنافس على السلطة. ومن الممكن أن تظهر أنماطًا مماثلة مع "تحريك طالبان باكستان" أو "جماعة أنصار الله".

وقد تكون المجموعات الأصغر مثل فلول "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" أهدافًا سهلة نسبيًا، على افتراض أن "طالبان" يمكنها تحديد مواقعهم.

لكن من الصعب تصور أن "طالبان"، التي من المحتمل أن تواجه تمردًا ومقاومة مستمرة، تمتلك الإرادة السياسية أو العسكرية أو القدرة على مواجهة "القاعدة"، كما أن الانشقاق عن "شبكة حقاني" سيؤدي أيضًا إلى اندلاع حرب أهلية بين مقاتلي "طالبان".

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طالبان أفغانستان كابل تنظيم الدولة تحريك طالبان باكستان باكستان الصين روسيا

واشنطن: الرئيس غني لم يعد فاعلا بأفغانستان وسنتواصل مع طالبان مباشرة

معهد أمريكي: الجغرافيا السياسية وراء قرارات واشنطن في أفغانستان

بذريعة العقوبات.. واتسآب تغلق مجموعة أنشأتها طالبان لتلقي شكاوى الأفغان