«الديمقراطية الانقلابية» في تونس: تمديد حتى إشعار آخر

الأربعاء 25 أغسطس 2021 10:44 ص

«الديمقراطية الانقلابية» في تونس: تمديد حتى إشعار آخر

مؤشرت إلى اعتزام سعيّد إبطال الدستور واستبدال نظام الدولة الراهن بآخر رئاسي وتعديل القانون الانتخابي بما يلغي القوائم لصالح الترشيحات الفردية.

المفاجئ أن تمديد الإجراءات الاستثنائية لم يكن شهرا إضافيا بل حتى إشعار آخر كدليل واضح على صنف الديمقراطية الانقلابية التي يواصل سعيّد فرضها بتونس.

أصدر قيس سعيّد سلسلة قرارات متنافرة ومتضاربة معظمها لا يدخل في اختصاص رئيس البلاد كإعفاء وزراء أو قضاة أو مدير قناة حكومية أو ناطقة باسم الحكومة.

عيّن سعيّد مسؤولين بمناصب عسكرية وأمنية رفيعة أغربها اختيار أحد المتهمين بقتل متظاهرين خلال انتفاضة 2011 بمنصب مدير عام وحدات التدخل السريع لحفظ الأمن.

سعيّد أول المنقلبين على منطوق الفصل 80 الذي يُلزمه بالتشاور مع رئيس الحكومة وليس إقالته وإبقاء البرلمان في انعقاد دائم لا تعليقه وإغلاقه بدبابة والرجوع إلى المحكمة الدستورية التي أصر سعيّد على تعطيل إنشائها فظلت غائبة ومغيبة.

*     *     *

كان تطوراً متوقعاً أن يلجأ الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى تمديد العمل بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قبل شهر، استناداً إلى الفصل 80 من الدستور التونسي كما زعم، وتضمنت تجميد عمل البرلمان وإغلاق أبوابه، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة، وإسناد صلاحيات تنفيذية غير محدودة لرئاسة الجمهورية.

وخلال الشهر الذي انقضى أصدر قيس سعيّد سلسلة قرارات متنافرة ومتضاربة معظمها لا يدخل أصلا في اختصاص رئيس البلاد، مثل إعفاء وزراء أو قضاة أو مدير قناة حكومية أو موظفة ناطقة باسم الحكومة.

وكذلك تعيين مسؤولين في مناصب عسكرية وأمنية رفيعة كان أكثرها غرابة اختيار أحد المتهمين بواحدة من حوادث قتل المتظاهرين خلال انتفاضة 2011 في منصب المدير العام لوحدات التدخل السريع لحفظ الأمن.

قرارات قيس سعيّد تدل على رغبة صريحة في التفرد بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تحت ذريعة عدم العودة إلى ما قبل 25 تموز/ يوليو تاريخ تطبيق إجراءاته الاستثنائية.

وثمة تسريبات جدية تشير إلى أنه يعتزم إبطال الدستور الحالي واستبدال نظام الدولة الراهن بآخر رئاسي وتعديل القانون الانتخابي بما يلغي القوائم لصالح الترشيحات الفردية.

لكن سلوك التفرد انطوى وينطوي على أنساق مختلفة من التخبط والارتباك والتقلب والتناقض، لعل أحدثها عهداً سخرية سعيّد من المطالبين بخارطة طريق، داعياً «من يتحدث عن خرائط فليذهب إلى كتب الجغرافيا وليبحث عن الخرائط في كتب الجغرافيا والمواقع الجغرافية».

ولقد تناسى أن أول المطالبين بالخريطة كان «الاتحاد العام التونسي للشغل» أحد أبرز الجهات المساندة لإجراءات الرئاسة، وأن طلباً مماثلاً أتى أيضاً من أطراف دولية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وصندوق النقد الدولي وسواها.

كذلك يتناسى قيس سعيّد أنه، باستثناء الإطاحة بزيد أو تعيين عمرو وإلقاء الخطب الرنانة، لم يحقق للشعب التونسي أيا من الوعود والتعهدات التي زعم الارتكاز إليها في تفعيل الفصل 80 من الدستور، خاصة تسمية رئيس للوزراء وتشكيل حكومة تتولى علاج ملفات عاجلة وخطيرة مثل تفاقم انتشار جائحة كورونا أو تقديم وصفات إصلاحية وتنفيذية يمكن أن تقنع صندوق النقد الدولي بتقديم مساعدات الحد الأدنى لاقتصاد تونس الآخذ في الانكماش والانهيار التدريجي.

وحتى إذا اقتنع الرئيس أخيراً واختار الوزير الأول فإن الحكومة على الأرجح لن تكون سوى رهط من الموظفين لدى مكاتب الرئيس، لا تخضع لسلطة رقابية من البرلمان وليس لقراراتها أن تتجاوز إرادة الرئيس في ظل صلاحياته الاستثنائية الراهنة.

كل هذا بالإضافة إلى الحقيقة الكبرى التي تشير إلى أن سعيّد كان أول المنقلبين على منطوق الفصل 80، الذي يُلزمه بالتشاور مع رئيس الحكومة وليس إقالته على الفور، وإبقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم وليس تعليقه وإغلاق بوابة المجلس بدبابة، إلى جانب اشتراط الرجوع إلى المحكمة الدستورية العليا التي كان سعيّد هو الذي أصرّ على تعطيل إنشائها فظلت غائبة ومغيبة.

وإذا كان تمديد الإجراءات الاستثنائية متوقعاً، فالمفاجئ أنه لم يكن لشهر إضافي ثان بل حتى إشعار آخر، وفي هذا دليل جديد واضح على صنف «الديمقراطية الانقلابية» التي يواصل سعيّد فرضها في تونس.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس، الديمقراطية الانقلابية، قيس سعيد، الإجراءات الاستثنائية، البرلمان، المحكمة الدستورية،

6 جمعيات تونسية: إجراءات سعيد الاستثنائية شابتها "ممارسات تعسفية"

جبهة تونسية لمواجهة انقلاب سعيد.. واتحاد الشغل: يقود تونس للهاوية