أعاد مشهد انسحاب آخر جندي أمريكي من أفغانستان، الأذهان إلى استعادة صورة مغادرة آخر جندي سوفيتي للبلد المسلم سنة 1989، ليجسد هزيمتين لأكبر قوتين في العالم.

وما بين قائد القوات الأمريكية في أفغانستان "كريس دوناهو"، والجنرال "بوريس جروموف" آخر قائد للجيش السوفييتي هناك، 33 عاما، تزخر بخسائر فادحة للبلدين، وأوجه تشابه واختلاف بين التجربتين المريرتين، بحسب قناة "تي آر تي" التركي.

ففي التجربة السوفييتية، منذ وصول "ميخائيل جورباتشوف" إلى رأس سلطة الاتحاد السوفييتي، سنة 1985، تبدى توجهه لإنهاء الحرب في أفغانستان واضحاً. حيث صرَّح وقتها بأن حرب أفغانستان أصبحت "جرحاً دامياً"، وأنه يرغب في "سحب القوات السوفييتية من هناك في أقرب وقت".

ودعم "جورباتشوف" المرشح الأفغاني "محمد نجيب الله"، الذي سقط نظامه سنة 1992 بانهيار الاتحاد السوفييتي، ولوحق حتى أعدم بعدها بأربع سنوات من قبل مقاتلي حركة "طالبان".

غير أن الدعم السوفييتي للجمهورية الأفغانية ظل حتى بعد خروجهم منها، وظلت حكومة "نجيب الله" صامدة حتى انهيار الاتحاد. فيما تهاوت الحكومة التي أسستها أمريكا بكابل حتى قبل سحب آخر الجنود الأمريكيين من هناك.

ومن ناحية الخسائر العسكرية، تجاوز عدد الجنود والقوات الأمريكية التي حصدتها الحرب في أفغانستان 2400 قتيل و320 جريحا، مقابل خسائر السوفيت الذين فقدوا نحو 15 ألف جندي وجرح نحو 35 ألفاً.

لكن هناك اختلاف آخر يصب في مصلحة السوفييت، وهو أن صمود حكومة "نجيب الله" منع سقوط السلاح السوفييتي في يد المجاهدين الأفغان، ومكن السوفييت من سحب سلاحهم مع الانسحاب.

بالمقابل، تسبب التهاوي السريع لحكومة "أشرف غني" في سقوط أكثر من 800 ألف قطعة سلاح أمريكية في يد "طالبان"، 170 منها جوية تتضمن مروحيات "بلاكهوك" وناقلات "سي 130"، و169 مركبة مدرعة و176 قطعة مدفعية ثقيلة متفاوتة المدى.

وجاء اتمام الانسحاب قبل موعد 31 أغسطس/آب، الذي كان قد حدده الرئيس الأمريكي "جو بايدن" سابقا، وفي ظل التهديد المستمر بهجمات أودت بالفعل بحياة 13 جنديا أمريكيا وأكثر من 200 أفغاني، الخميس الماضي.

وكانت العاصمة كابل، شهدت ليلة الثلاثاء، مظاهر احتفالية، حيث أطلقت الألعاب النارية وطلقات نارية في الهواء بعد لحظات من مغادرة آخر طائرة أمريكية.

وليل الثلاثاء/الأربعاء الماضي، أعلنت الولايات المتحدة انتهاء عملية إجلاء جميع العسكريين والمدنيين الأمريكيين من أفغانستان، بما ينهي 20 عاما من احتلال أفغانستان.