انسحاب أمريكا من أفغانستان يحيي فكرة الجيش الأوروبي.. هل يتحقق الحلم؟

السبت 4 سبتمبر 2021 12:38 م

بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، يبدو أن الاتحاد الأوربي عازم على النظر في اقتراح 14 دولة أوروبية، منها ألمانيا وفرنسا، يعود إلى مايو/أيار الماضي، بشأن تشكيل قوة ردع سريع يمكن أن تزود بالسفن والطائرات لدعم الحكومات الأجنبية الديمقراطية التي قد تحتاج لمساعدة عاجلة.

ومنذ سنوات، يتحدث بعض أبرز سياسيي أكبر كتلة تجارية في العالم عن حاجة الاتحاد الأوروبي إلى قوة مستقلة عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يربطه بالولايات المتحدة.

ورغم ذلك نقل تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" عن خبراء استبعادهم تشكيل كيان عسكري خاص بالاتحاد.

تقول الصحيفة إن الجدل اشتد بعد انتخاب الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، الذي رفض إبقاء القوات الأمريكية في أفغانستان بعد تاريخ 31 أغسطس/آب الماضي، الأمر الذي لم يترك خيارا آخرا للقادة الأوروبيين سوى تنظيم عمليات إجلاء، تاركين وراءهم الآلاف من مواطنيهم وحلفائهم الأفغان، على حد قولها.

والإثنين الماضي، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" إن حكومات الاتحاد يجب أن تمضي قدما في تشكيل قوة رد سريع أوروبية لتعزز استعداداتها لمواجهة أزمات مستقبلية مثل ما حدث في أفغانستان.

وفي مقابلة نشرت مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، أضاف "بوريل" أن نشر القوات الأمريكية في أفغانستان في وقت قصير، مع تدهور الأوضاع الأمنية هناك، يظهر حاجة الاتحاد الأوروبي لتسريع جهوده لبناء سياسة دفاع مشترك.

وأضاف: "يجب الاستفادة من دروس هذه التجربة... لم نتمكن، كأوروبيين، من إرسال 6 آلاف جندي للتمركز حول مطار كابل لتأمين المنطقة. تمكنت الولايات المتحدة من ذلك ولم نتمكن نحن".

ويرى "بوريل" أن دول الاتحاد، وعددها 27 دولة، يجب أن يكون لديها "قوة تدخل أولية" قوامها 5 آلاف جندي.

وأضاف: "نريد أن نكون قادرين على التدخل السريع".

وكذلك تقول "ناتالي لويسو"، التي ترأس اللجنة الفرعية للأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، إنه عندما قررت الولايات المتحدة الانسحاب، لم يكن هناك تنسيق يذكر مع الحلفاء، لا سيما أن "بايدن" رفض الدعوات الأوروبية إلى "انسحاب على أساس الشروط"، ورفض تمديد الموعد النهائي للانسحاب.

ومع ذلك، لا تزال فكرة وجود جيش أوروبي مشترك فكرة خيالية، بحسب ما نقله التقرير عن محللين.

إذ قال المدير بمعهد نيولاينز للدراسات الاستراتيجية والسياسة "عظيم إبراهيم" إن "الاتحاد الأوروبي لا يغني بنفس الصوت"، موضحا أنه "حتى لو تم اقتراح إنشاء جيش موحد، فإن احتمال موافقة جميع البلدان عليه مستحيل".

يذكر أن الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، وهو أحد أكبر الداعمين لهذا المفهوم، دعا إلى "جيش أوروبي حقيقي" منذ توليه منصبه، بينما انتقد في مرحلة ما حلف الناتو باعتباره "ميتا".

وكذلك، أيدت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" ذات مرة اقتراح "ماكرون" بإنشاء جيش، لكنها أيضا من أشد المؤيدين لحلف "الناتو"، وكذلك القواعد العسكرية الأمريكية في بلدها.

لكن "أرمين لاشيت"، الذي يتنافس على خلافتها، قال مؤخرا إنه يجب تقوية أوروبا "بحيث لا نضطر أبدا إلى ترك الأمر للأمريكيين".

وتقول "واشنطن بوست" إن أحد العوائق الرئيسية أمام القوة المشتركة هو الجانب المالي رغم أن دول الاتحاد خصصت أكثر من 9 مليارات دولار لصندوق الدفاع الأوروبي حتى 2027.

لكن الخبراء يقولون إن كل دولة على حدا ستحتاج أيضا لزيادة إنفاقها لتشكيل جيش مشترك في وقت خصصت 9 دول أوروبية 2% من ناتجها المحلي للدفاع في ميزانية العام الجاري.  

وبحسب "رويترز"، جرى بحث الأمر للمرة الأولى في 1999 فيما يتعلق بحرب كوسوفو، وجرى تشكيل نظام مشترك يضم مجموعات مقاتلة قوام كل منها 1500 جندي في عام 2007 للاستجابة للأزمات، لكنها لم تستخدم بسبب خلافات بين حكومات دول الاتحاد الأوروبي على كيفية نشرها ومقتضيات ذلك.

ويتساءل الخبير الفرنسي "فابريس بوثير" عن خلفيات تشكيل جيش مشترك قائلا: "الشيء المفقود هو: لأي غرض تريد جيشا؟ لفعل ماذا؟ لردع الروس؟ لضمان الوصول إلى البحار الأوروبية؟ لملاحقة الإرهابيين؟".

هذه الأسئلة طرحها الاتحاد الأوروبي وناقشها وزراء الدفاع في اجتماعات متتالية، هذا الأسبوع؛ إذ تداولوا وثيقة "البوصلة الاستراتيجية" المقبلة التي ستحدد أولويات الاتحاد الأوروبي الأمنية والدفاعية بحلول عام 2030.

لكن رئيسة برنامج أوروبا في معهد مونتين "جورجينا رايت" تقول للصحيفة: "كما هو الحال مع العديد من قرارات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، هناك الكثير من الطموح، ولكن عندما تنظر إلى النتيجة العملية، فإنها غالبا ما تحظى بالإجماع".

المصدر | الخليج الجديد + الحرة

  كلمات مفتاحية

أوروبا الجيش الأوروبي الناتو قوة تدخل سريع أفغانستان أمريكا الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

بوتين يؤكد دعمه إنشاء جيش أوروبي موحد بديلا للناتو

ترامب يستبق لقاء ماكرون بانتقاد دعوته لإنشاء جيش أوروبي

بلينكن يدلي بشهادته حول الانسحاب من أفغانستان أمام الكونجرس الأسبوع المقبل