معهد عبري: حماس قررت خوض حرب استنزاف ضد إسرائيل

الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 10:43 ص

في يوم السبت 21 أغسطس/آب 2021، حاول الآلاف من الفلسطينيين تسلق الجدار العازل ​​بين إسرائيل وقطاع غزة في مظاهرة نظمتها "حماس" وفصائل غزة لإحياء الذكرى السنوية لحادث إحراق المسجد الأقصى في عام 1969، وبالتالي حققت "حماس" تهديدها بإعادة إشعال الحدود مع إسرائيل والقيام بمظاهرات عنيفة إلى جانب الجدار.

اشتبك مئات الفلسطينيين مع قوات الأمن الاسرائيلية، وألقوا بالمولوتوف والحجارة على الجيش الإسرائيلي، وأصيب جندي حدودي بجروح خطيرة بعد أن أطلق فلسطيني عليه النار من خلال فتحة في الجدار، ثم توفي لاحقا متأثرًا بإصاباته، كما قتل شاب فلسطيني وأصيب 40 برصاص الجيش الإسرائيلي.

عودة للتصعيد

ومنذ ذلك الحين، استمرت المناوشات من قطاع غزة، بما في ذلك البالونات الحارقة، ضد مستوطنات غلاف غزة.

وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس "خليل الحية" إن "حماس" لم تخف من إسرائيل، وإن الأمة العربية ستعزز جهودها لإنهاء الاحتلال. وتحدث عن استمرار فعاليات حماس للضغط على إسرائيل.

ويمثل هذا اليوم الحادث الأكثر عنفا منذ اندلاع حرب غزة، حيث مضت 3 أشهر من الحفاظ على الهدوء النسبي منذ ذلك الحين. وتأتي فعاليات "حماس" بالرغم من القيود التي تفرضها إسرائيل على قطاع غزة من أجل منع "حماس" من تحقيق أي إنجاز، بالمقارنة بالوضع قبل الحرب الأخيرة.

وبدأت "حماس" في شن هجمات (إطلاق صاروخين، وإطلاق بالونات حارقة، والنيران المضادة للطائرات، وبدء الاشتباكات على طول الجدار) خلال الأسبوع نفسه الذي يمكنها فيه أن تباهى بتحقيق بعض الإنجازات.

فقد أعلنت إسرائيل عن تخفيف كبير لسياسات الحصار؛ بالإضافة إلى آلية لنقل الأموال من قطر إلى قطاع غزة عبر الأمم المتحدة؛ كما تمت الموافقة على دخول 1800 عامل يوميا إلى إسرائيل من قطاع غزة، مع وجود خطة لتوسيع ذلك إلى الآلاف من العمال في الأسابيع المقبلة؛ وتم توسيع نطاق البضائع التي تدخل قطاع غزة لتشمل مواد البناء (للمرة الأولى منذ حرب غزة) والمركبات والشاحنات وقطع الغيار وأجهزة المحمول؛ كما زادت صادرات الزراعة والمنسوجات والأثاث من قطاع غزة.

زخم لمطالب "حماس"

إلى جانب تبرير "حماس" المعهود لنيران صواريخها ضد إسرائيل باعتبارها "حادثًا"، صرح المتحدثون باسم الحركة بسرعة أن إطلاق النار على شرطي الحدود كان فعلًا فرديًا ولم يكن مخططا له مسبقا، وأنه لم يكن هناك نية لبدء اشتباكات عنيفة؛ وإنما حدث هذا نتيجة غضب الجمهور الفلسطيني من الوضع الإنساني القاسي في قطاع غزة.

ولكنهم أعلنوا أيضًا في الوقت نفسه، عن خطة لسلسلة من الإجراءات المستقبلية لفك الحصار عن قطاع غزة، وكتعبير عن التزام "حماس" بالقدس، حيث رفعوا شعار "لن يغمد سيف القدس أبدًا مرة أخرى".

وواصل جهاز دعاية "حماس" الترويج لعدد الرسائل مثل: "لن تصمت غزة أمام العدوان الاقتصادي لإسرائيل، ولن تقبل الابتزاز الإسرائيلي"؛ و"إن تهرب إسرائيل من الالتزامات التي تم الاتفاق عليها واستمرار الحصار سيؤدي إلى استئناف الإجراءات الشعبية التي تم إيقافها في أوائل عام 2021"؛ و"استمرار الضغوط على قطاع غزة يمكن أن يدفع الفلسطينيين إلى مزيد من الإجراءات غير المتوقعة"، وغير ذلك.

تغيير النهج السابق

تعتبر إسرائيل نفسها الجانب "العقلاني" من المعادلة، وتبحث عن المنطق الذي يحدد تحركات "حماس" وقائدها في غزة "يحيى السنوار"، وغضبت مصر أيضا من إضرار "حماس" بالأفضلية التي اكتسبتها القاهرة لدى إدارة "بايدن" والمتعلقة بقدرة مصر على الوساطة في تهدئة جبهة قطاع غزة.

وازداد غضب مصر بعد أن اختارت "حماس" عدم الالتزام برغبة القاهرة في منع التصعيد من قطاع غزة. وفي أعقاب الأحداث، أغلقت مصر معبر رفح الحدودي لبضعة أيام.

ويبدو أن تصور "السنوار" للوضع قد تغير، فبعد انتخابه كقائد لـ"حماس" في قطاع غزة في عام 2017، حاول تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع من خلال 3 مسارات؛ أولها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، عبر مبادرة المصالحة في عام 2017، حيث أظهر استعدادا لإعادة الإدارة المدنية لقطاع غزة (ولكن ليس السيطرة الأمنية) إلى السلطة الفلسطينية.

أما المسار الثاني فكان إسرائيل؛ عبر محاولة التوصل إلى تفاهمات لوقف طويل لإطلاق النار مقابل إعادة إعمار قطاع غزة، ورفع الحصار، بالإضافة إلى صفقة تبادل أسرى.

أما المسار الثالث فكان مصر، ويتعلق بتقديم "السنوار" لنفسه كطرف مسؤول لا يتحدى المصريين، وتعهده بعدم مساعدة الجماعات الإرهابية في سيناء.

لكن مسار "عباس" وإسرائيل وصل إلى حائط سد، كما إن الوساطة المصرية بخصوص الحصار وتبادل الأسرى فشلت أيضا. علاوة على ذلك، كاد "السنوار" أن يفقد منصبه في انتخابات "حماس" في قطاع غزة في وقت سابق من هذا العام.

لقد علمته التجربة أنه عندما يكون الوضع هادئا، فلن يكون هناك دافع لكي تقوم إسرائيل بتخفيف القيود المفروضة على قطاع غزة أو التقدم في أي اتفاقية، كما تعلم أن الطريق لانتزاع تنازلات من إسرائيل هو شن حوادث غير متوقعة وعنيفة من قطاع غزة.

دوافع "حماس"

وتنبع دوافع "حماس" للتصعيد الآن من ضيقها إزاء الوضع المتفاقم، حيث لم تترجم نجاحاتها في حرب غزة الأخيرة إلى إنجازات فيما يتعلق بإعادة بناء قطاع غزة.

بالإضافة إلى ذلك، استبعدت آلية نقل الأموال من قطر عبر الأمم المتحدة موظفي "حماس" ومؤسساتها المختلفة في قطاع غزة.

وهكذا ترى "حماس" أن وسيلة الضغط الوحيدة المتاحة لها هي قوتها لإلحاق الأضرار عبر السلوك غير المتوقع، مثل الصواريخ التي استهدفت بها القدس وأشعلت حرب غزة والتصعيد في الأيام الأخيرة.

ويمكن القول إن "حماس"أطلقت حرب استنزاف لإنهاك إسرائيل عبر سلسلة من المضايقات علي عدة جبهات؛ بما في ذلك أالتصعيد من قطاع غزة، وتحريض القدس، والصواريخ من لبنان، وتشجيع المقاومة في الضفة الغربية. ويأتي ذلك في ظل اعتقاد الحركة أن إسرائيل لن تشن حاليا عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة.

المصدر | أودي ديكيل - معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل حماس الوساطة المصرية حرب غزة السنوار