فوز أردوغان: هل يكرس التباعد بين تركيا والسعودية؟

الأحد 17 أغسطس 2014 04:08 ص

أنس محمود، الخليج الجديد

تسلم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أول رئيس تركي منتخب من قبل الشعب التركي منذ تأسيس الجمهورية التركية، تسلم رسالتي تهنئة من ملك السعودية وولي عهده. حيث قالت وكالة الأنباء السعودية إن الملك عبدالله بعث برقية تهنئة لأردوغان، قال فيها «يسرني أن أتقدم لكم وللشعب التركي الشقيق بخالص التهاني وأصدق الأمنيات، داعياً المولى عز وجل لكم التوفيق والسداد، وللشعب التركي دوام التقدم والإزدهار».

كما بعث الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، برقية تهنئة مماثلة عبر فيها  «عن أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بموفور الصحة والسعادة للرئيس التركي، والمزيد من التقدم والإزدهار للشعب التركي الشقيق».

وبالرغم من وصول الرسالتين المحملتين بالتهاني والتبريكات إلا أن فوز أردوغان لا يحمل دلائل إيجابية بالنسبة لعلاقات تركيا مع السعودية إذ تحفل سياستي البلدين بالخلافات في الآونة الأخيرة في عدة ملفات في منطقة المشرق العربي.

تعد حكومة تركيا الحالية ورئيس وزرائها رجب طيب أردوغان تحديدا أكثر الأصوات المناوئة للانقلاب العسكري في مصر ارتفاعا وتنديدا، وأحرصها على منع الانقلاب من التمكن والدعوة إلى مقاطعته وعدم التعامل معه كونه جاء انقلابا على شرعية الرئيس المصري المحتجز محمد مرسي وهجوما همجيا على قواعد الديمقراطية ومبادئها.

وعلى الجهة المقابلة فإن المملكة هي أشد الداعمين للنظام الإنقلابي في مصر سياسيا وماليا وإعلاميا وربما ليس من قبيل التصادف وجود السيسي في السعودية خلال اجراء الانتخابات الرئاسية التركية.

من شأن هذا الاختلاف الحاد في المواقف أن يسبب توترا في العلاقات بين الرياض وأنقرة، ويأتي فوز أردوغان بالرئاسة ليرسخ المسافة الفاصلة بين مواقف البلدين المختلفة، على عكس ما كانت تتمناه السعودية من فوز لمنافسه أكمل الدين إحسان أوغلو الذي يتمتع بعلاقات ممتازة مع العائلة المالكة في الرياض، والذي قيل أيضا أن المملكة هي من دعمت ترشحه بوسائل متعددة.

وحسب ما تشير التسريبات فإن الأمر الآخر المرافق لفوز أردوغان هو الحديث عن خلافة وزير الخارجية الحالي  أحمد داوود أوغلو له في رئاسة الوزراء، ويعرف عن أوغلو أنه مهندس السياسة الخارجية التركية الحديثة وهذا عامل إضافي لتعميق البون في العلاقات.

مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2002  رحبت كل دول الخليج وعلى رأسها السعودية بحكومة رجب طيب أردوغان انطلاقا من مكانة تركيا كدولة وانطلاقا من الأمل بدور منافس لإيران الخصم اللدود للسعودية .

ولم تلبث أن تتباعد وجهات النظر خاصة مع قدوم الربيع العربي، فمع انطلاق الثورة السورية بدأت بوادر تنسيق بين السعودية وتركيا وقطر من أجل دعم الفصائل السورية الثائرة غير أن هذا الملف لم يسلم من الخلافات بسبب دعم السعودية لأطراف معينة داخل القوى السورية لتنفيذ أجندة معينة.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أيضا ساد التوافق العام مواقف الطرفين غير أن الرياض أعلنت مؤخرا أنها ترى في الموقف التركي سعيا غير برئ لسحب البساط من تحت أرجل النظام المصري ومحاولات لتهميش دوره من خلال العلاقة المتميزة بين تركيا والولايات المتحدة من جهة وبين تركيا وحركة حماس من جهة أخرى حيث رحبت تركيا بفوز الحركة في الانتخابات البرلمانية وفتحت لها أبواب التواصل والتعاون فيما تبدو السعودية غير مرحبة بحركة حماس بدون أسباب مقنعة  منذ مجئ الحركة إلى الحكم في انتخابات يناير 2006 بالرغم من جهود بذلتها السعودية للمصالحة بين حركتي فتح وحماس.

لكن الخلاف حول مصر، ومن ورائه الخلاف حول  الموقف من الثورات العربية عموما، ألقى بظلاله على تقييم كلا الطرفين للموقف من حرب غزة الأخيرة.

تتفق الدولتان على الموقف من الحركات المتشددة حيث تصنف الدولتان تنظيم الدولة الإسلامية تنظيما ارهابيا وتقوم السعودية حاليا بجهود كبيرة لما تسميه الحرب على الإرهاب.

وتختلف الدولتان حول الموقف من جماعة الإخوان المسلمين، حيث تنظر تركيا إلى الجماعة على أنها مكون أساسي في الشارع العربي ولها شرعية شعبية وانتخابية وأن مستقبل المنطقة مرتبط ارتباط كبير بدورها، فيما تنظر السعودية للجماعة في مختلف البلدان العربية على أنها عامل تهديد حقيقي، وتقوم بالمقابل بدعم الجهات المنافسة او المعادية لها.

ومما سبق فإن الخلافات بين الدولتين الكبيرتين لا يبدو أنها مرجحة للذوبان في الفترة الحالية مع تمسك كل طرف بأجندته وبسياساته الخارجية ويبقى لعامل الزمن والتغيرات الميدانية في ساحات المواجهة دورا مهما في ترجيح كفة السياسات الناجحة بين المدى القريب والبعيد.

  كلمات مفتاحية

مولود أوغلو يستهل نشاطه الدبلوماسي بجولة عربية تضم قطر والسعودية

«أردوغان» يبدأ أولى جولاته الخارجية بزيارة دولة قطر