استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التقارب العربي مع أمريكا الجنوبية

السبت 14 نوفمبر 2015 03:11 ص

عُقدت في العاصمة السعودية الرياض القمّة العربية مع دول أميركا الجنوبية في دورتها الرابعة، وذلك يومي 10- 11 نوفمبر 2015. وكانت القمة الأولى بين الجانبين قد عُقدت بناءً على دعوة الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا في ريو دي جانيرو في عام 2005. وهذه القمة التي حضرها زعماء 34 دولة عربية وأميركية جنوبية فرصةً طيبة لتبادل الآراء والمشاكل التي تهمّ كِلا الجانبين، وسبقها بيوم أو يومين عقد مؤتمر لوزراء الخارجية، تداولوا فيه بإسهاب في الاهتمامات المشتركة. وتعاني بعض دول القارة اللاتينية، مثل فنزويلا والإكوادور، مشاكل اقتصادية بسبب التراجع الحالي في أسعار النفط العالمية، بينما تعاني البرازيل من تراجع اقتصادي بسبب نقص الطلب على المواد الأولية وضعف أسعار المواد الغذائية عالمياً. إلا أنّ الوضع الاقتصادي لدول في أميركا الوسطى، مثل المكسيك، يبدو جيّداً بسبب ارتباطها في سوق اقتصادية حرة مع الولايات المتحدة وكندا، وخاصة بعد ما يشهده الاقتصاد الأميركي هذه الأيام من انتعاش ينعكس إيجاباً على البلدان المحيطة والمرتبطة به مثل المكسيك.

ومن ناحيةٍ سياسية، فإن دول أميركا الجنوبية لا تعاني من حروب أهلية مثلما تعاني منه بعض الدول العربية، غير أنها تعاني من مشاكل خاصة بزيادة عدد السكان وتزايد معدلات الجريمة وتجارة المخدرات وتهريبها، وما ترتكبه عصابات التهريب من جرائم بحق المجتمعات التي تعيش في وسطها في هذه الدول.

غير أنّ مما يُلحظ على معظم دول أميركا الجنوبية، أنها دول ديمقراطية، تخلّصت من حكم العسكر خلال العقدين الماضيين، وتبوّأت معظم المناصب السياسية فيها طبقة جديدة من نخب وطنية، ينحدر بعضها من طبقات اجتماعية فقيرة، ولها رؤية سياسية تختلف عن الرؤى السياسية للطبقة السياسية الحاكمة من قبل في هذه البلدان. كما أنها تتبنّى برامج اجتماعية تسعى إلى الحدّ من تفاقم معدلات الفقر في بلدانها، وتؤمن بالتنسيق والتعاون مع دول العالم الثالث لكسر الاحتكارات العالمية والوصول إلى نظامٍ عالمي جديد أكثر عدلاً وتوزيعاً للموارد من عالم القطب الواحد. ولذلك، لم يكن مستغرباً أن تعترف معظم دول أميركا اللاتينية بالقضية الفلسطينية وأن تدافع عنها، وخاصةً إبّان العدوان الإسرائيلي على غزّة، في صيف عام 2014، أو في الوقت الحاضر في وجه هجمة العنف والاستيطان الإسرائيلية الراهنة.

وكان عدد من المراقبين يشعرون بأنّ البيان الختامي للمؤتمر سيركز على الموضوعات الاقتصادية أكثر من الموضوعات السياسية. غير أنّنا فوجئنا بأنّ البيان الختامي للمؤتمر «بيان الرياض» قد ركّز على موضوعات سياسية مهمة، ومنها رفض التدخّل في شؤون المنطقة الداخلية، الذي يُعدّ انتهاكاً لسيادة الدول العربية، وفي ذلك إشارةً واضحة للدور الذي تقوم به إيران في المنطقة، بدءاً بالعراق وسوريا وانتهاءً بالبحرين واليمن. كما دعم البيان الختامي للمؤتمر موقف دولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حلّ سلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران، ودعا الحكومة الإيرانية إلى التجاوب مع مطالبة الإمارات بإحالة القضية للتحكيم من قِبل محكمة العدل الدولية، أو غيرها من المنظمات الدولية.

كما أدان البيان الختامي الإرهاب بكل أشكاله، ورأى أنه يجب ألا يُربط الإرهاب بثقافة أو دين معيّن، ودعا إلى تحقيق السلام العادل والشامل في القضية الفلسطينية، طِبقاً لقرارات الشرعية الدولية، وإقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما أدان استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية، وطالبها بوقف عمليات الاستيطان في الضفة الغربية.

كما دعا المؤتمر إلى حلٍّ سلمي للأزمة السورية، ودعم الحوار السياسي في ليبيا، وكذلك الوصول إلى حلّ سلمي في اليمن مبني على قرار مجلس الأمن رقم 2216، وبنود المبادرة الخليجية، وكذلك التزام الأطراف اليمنية بنتائج الحوار الوطني بين المكونات السياسية فيه.

وفي المواضيع الاقتصادية، أقرّ المؤتمر إنشاء مجلس اقتصادي يضمّ رجال الأعمال من كِلا الجانبين لتنشيط الاستثمار والتجارة بينهما. ومن المواضيع التي تهمّ دول أميركا الجنوبية، وافق المؤتمر على هيكلة الديون السيادية للدول بناءً على قرار الأمم المتحدة رقم 3109. ومثل هذا الموضوع مهمّ جداً لبعض دول القارة التي تحاول إعادة هيكلة ديونها مع المقرضين والبنوك الأجنبية، مثل الأرجنتين.

واهتمّ المؤتمر بموضوع النزاع بين بريطانيا والأرجنتين حول جزر المالفيناس (فوكلاند)، وكذلك قضية تغيّر المناخ، والآثار البيئية الخطيرة الناتجة عنه.

وكنّا نتوقع أن يهتم المؤتمر بمواضيع اقتصادية أخرى مثل دعم مفاوضات تشكيل سوق تجارية حرّة مع دول مجلس التعاون، وهو الذي دعا إليه العاهل السعودي. كما كنّا نتوقع أن يهتمّ المؤتمر بتوصيات رجال الأعمال، بإنشاء شركة ملاحة مشتركة لنقل السلع والبضائع بين الموانئ العربية وموانئ دول أميركا الجنوبية.

فنقل هذه السلع في الوقت الحاضر عبر موانئ ثالثة، يُعتبر أمراً مكلفاً، ويزيد من أسعار المواد الغذائية والقمح وغيرها من السلع التي تستوردها الدول العربية من دول أميركا الجنوبية، حيث تمثّل الأغذية والمنتجات الزراعية حوالي 43,7% من صادرات قارة أميركا الجنوبية.

كما كنّا نتمنّى أن يكون هناك اتفاق على إنشاء بنك مشترك بين الكتلة العربية وكتلة أميركا الجنوبية، ويكون من أهداف مثل هذا البنك تقديم التسهيلات للمستثمرين والتجار من الجانبين، وضمان الأصول الاستثمارية لرجال الأعمال الذين يرغبون في أن يستثمروا في الجانب الآخر. وربما تأخّر مثل هذا القرار بسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية في المنطقتين في الوقت الحاضر.

وقد كان من المبهج حقاً ما قاله وزير خارجية جمهورية فنزويلا في ختام المؤتمر، حين دعا المؤتمرين إلى عقد مؤتمرهم القادم في كاراكاس بعد ثلاثة أعوام، وتمنّى أن تحضر فلسطين لتلك القمة وهي بلدٌ محرر يتمتع بكامل استقلاليته.

* د. صالح عبد الرحمن المانع أستاذ العلوم السياسية- جامعة الملك سعود

  كلمات مفتاحية

العرب أمريكا الجنوبية بيان الرياض فنزويلا الإكوادور أسعار النفط البرازيل المكسيك القمة العربية الأمريكية الجنوبية

«الجبير» يدعو الى بلورة شراكة فاعلة بين العالم العربي ودول أمريكا الجنوبية

أمريكا في الشرق الأوسط: أصدقاؤنا أشرار ولكن…