المغرب والجزائر: قصف الشاحنة بعد وقف الغاز؟

الخميس 4 نوفمبر 2021 04:18 ص

المغرب والجزائر: قصف الشاحنة بعد وقف الغاز؟

لا بد أن يقظة الكفاح المسلح المفاجئة لدى البوليساريو ترتبط بأسباب جزائرية أكثر منها مغربية أو صحراوية.

مصدر مغربي تحدث عن «انفجار شاحنتين بسبب ألغام مزروعة، وكانت الشاحنتان تحملان أسلحة للبوليساريو».

الصراع غير المباشر بين البلدين عبر جبهة «البوليساريو» يمكن أن يتحوّل إلى صراع مباشر بين الجارين الشقيقين.

يجد التصعيد صدى لدى أوساط سياسية وعسكرية بالمغرب وبدل دبلوماسية الاحتواء والتهدئة قد نجد انجرارا من الطرفين نحو ضرر جسيم للبلدين والشعبين.

أعلنت البوليساريو استئناف «الكفاح المسلح ضد المغرب» وقامت بعملية عسكرية على معبر حدودي للقوات المغربية كمؤشر أول على بدء تصعيد كبير نشهده حاليا.

أعلنت رئاسة الجزائر مقتل ثلاثة مواطنين جزائريين وأن «عدة عناصر تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بسلاح متطور»

فتح بؤرة كبيرة لمخاطر لا يمكن احتساب نهاياتها القصوى يؤذن بكارثة حقيقية أين منها المناوشات العسكرية الخفيفة، والصراعات الدبلوماسية والسياسية في المحافل الأفريقية والعربية والدولية.

*     *     *

من غير الواضح بعد، ما الذي حصل على الحدود بين الصحراء المغربية وموريتانيا، فالسلطات الجزائرية قدمت عريضة اتهام ضد السلطات المغربية حول هجوم على شاحنة قالت إنها كانت «متجهة إلى موريتانيا للتجارة» فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية تصريحا لمصدر مغربي «رفيع المستوى» يروي رواية مختلفة.

وحسب بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية فإن ثلاثة من المواطنين الجزائريين قتلوا، وأن «عدة عناصر تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بواسطة سلاح متطور» أما المصدر المغربي فتحدث عن «انفجار شاحنتين بسبب ألغام مزروعة، وكانت الشاحنتان تحملان أسلحة للبوليساريو».

يأتي هذا الإعلان بعد مجموعة من التطوّرات الخطيرة التي يدخل فيها طرف رابع، وهو جبهة «البوليساريو» التي تعتبر الجزائر مضيفها وداعمها الرئيسي، ويمكن اعتبارها عنصرا رئيسيا في الخلاف الجزائري ـ المغربي.

أعلنت الجبهة، العام الماضي، عن استئناف «الكفاح المسلح ضد المغرب» وقامت بعملية عسكرية على معبر حدودي للقوات المغربية، وهو ما كان المؤشر الأول على بدء التصعيد الكبير الذي نشهده حاليا.

التطوّر الثاني كان إعلان الجزائر قطع العلاقات مع المغرب هذا العام، إضافة إلى اتهامه بدعم جماعة انفصالية جزائرية، ثم إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية، وتبع ذلك، قبل أيام، وقف إمدادات الغاز وإغلاق أنبوبه المتجه إلى إسبانيا عبر أراضي المغرب.

يؤشّر قيام الرئاسة الجزائرية بإعلان خبر الهجوم على الشاحنة واتهام المغرب على المنحى التي تتجه الأمور، ويوجهها نحو وجهات غير محمودة أبدا، وإذا أضفنا إليه اللغة العنيفة التي يحملها البيان، والتي تتحدث عن «إرهاب دولة» وتتوعد بأن «الاغتيال لن يمر دون عقاب» فإن هذا يعني أن الصراع غير المباشر بين البلدين، عبر جبهة «بوليساريو» يمكن أن يتحوّل إلى صراع مباشر بين الجارين الشقيقين.

مما يعني فتح بؤرة كبيرة لمخاطر لا يمكن احتساب نهاياتها القصوى، مما قد يؤذن بكارثة حقيقية أين منها المناوشات العسكرية الخفيفة، والصراعات الدبلوماسية والسياسية في المحافل الأفريقية والعربية والدولية.

إذا أخذنا في الاعتبار أن الهدنة بين «البوليساريو» والمغرب استمرت قرابة ثلاثة عقود، وأن تغيّرا كبيرا لم يحصل في تلك القضية الشائكة، باستثناء تغيّر غير خطير في الموقف الأمريكي خلال رئاسة دونالد ترامب من هذه المسألة، فلا بد أن «يقظة الكفاح المسلح» المفاجئة لدى البوليساريو ترتبط بأسباب جزائرية أكثر منها مغربية أو صحراوية.

علينا، لهذه الأسباب، أن نعود إلى ما حصل في الجزائر في السنوات الأخيرة، حيث شهدنا صراعا داخل المنظومة السياسية – العسكرية نفسها انتهى بخروج الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من السلطة وبالقبض على أخيه سعيد بوتفليقة، والقائدين السابقين لجهاز المخابرات محمد مدين (توفيق) وبشير طرطاق، على خلفيّة من حراك جماهيري عارم يطالب بتغيير النظام.

تمكّنت المؤسسة العسكرية الجزائرية بقيادة أحمد قايد صالح، حينها، من الإمساك بخيطي الصراع، فنجحت، في تمرير استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كما تمكّنت من استثمار الحراك لصالحها ضد مجموعة سعيد بوتفليقة.

ومع وفاة قايد صالح، وتنصيب السعيد شنقريحة، رئيسا لأركان الجيش، استعادت المنظومة العسكرية ـ السياسية الجزائرية وحدتها، وتمكّنت، مستفيدة من ظروف التضييق على الحراكات الجماهيرية نتيجة ظروف انتشار وباء كورونا، وتشديد الإجراءات ضد الناشطين، من وقف الحراك.

تربط بعض التقارير، لاسيما المنشورة في المغرب هذا التصعيد الجزائري غير المسبوق، والمتزامن مع تصعيد مع فرنسا، بضرورات تثبيت أركان النظام الجزائري الجديد من خلال رفع سويّة الصراعات الخارجية لإسكات التحديات الداخلية.

ورغم أننا لا نعلم ما طبيعة الشاحنة، والشحنة التي تحملها، والأشخاص الذين كانوا على متنها، فالأغلب أن هذا التصعيد بدأ يجد صدى لدى الأوساط السياسية والعسكرية في المغرب، وبدل دبلوماسية الاحتواء والنزوع نحو التهدئة فقد نجد انجرارا من الطرفين نحو ضرر جسيم للبلدين والشعبين.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المغرب، الجزائر، قصف الشاحنة، البوليساريو، تصعيد، الصحراء الغربية،

بعد الإعلان الجزائري عن قصف مغربي.. هل ينزلق البلدان لنزاع مسلح؟

الأمم المتحدة: الشاحنتان الجزائريتان المتهم المغرب بتفجيرهما كانتا بمنطقة عسكرية

بعد وقف الجزائر الأنبوب المار عبره.. المغرب يبرم عقدا لشراء الغاز