هل نجحت وساطة إسرائيل في السودان؟

الجمعة 5 نوفمبر 2021 12:52 م

هل نجحت وساطة إسرائيل في السودان؟

فيما تمضي الدكتاتورية قدما فإن السودان سيعود للأسف إلى الوراء!

إسرائيل كانت عنصرا رئيسيا في رعاية الانقلاب ولا تريد إفشاله ولا التوسط لعودة حكومة مدنية.

الزيارة الإسرائيلية ذات طابع استخباراتي كانت مؤشرا على وجود اتفاق ضمنيّ على الانقلاب وتبادل معلومات أمنية بين الطرفين لما فيه مصلحة الانقلابيين.

البرهان وشركاؤه قرروا المضيّ في الحلّ العسكري ـ الأمني الذين يعرفونه أكثر ولن يكونوا الأوائل، وسيجدون مقاعد جاهزة ضمن حلف إقليمي الدولي!

وزير الخارجية الأمريكي طلب من وزير الدفاع الإسرائيلي التوسط بين الإدارة الأمريكية (الراغبة في عودة حكومة مدنية للسودان) وبين قادة الجيش السوداني!

وفد إسرائيلي زار السودان بعد الانقلاب ضم مندوبين عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد) وكذبت هآرتس ما ذكرته «مصادر بالجيش السوداني» بأن «هدف الزيارة التوسط بين الطرفين» وأن الزيارة «لم تكن لهدف الوساطة»!

جمع لقاء سري قائد الجيش السوداني والرئيس المصري بالقاهرة، عشية الانقلاب على حكومة حمدوك والسيسي «قدم له تطمينات» وما أن عاد للسودان بدأ اعتقال مسؤولين مدنيين وحل الحكومة.

أجرى البرهان « سلسلة تحركات جيوسياسية جريئة قبل يوم من الانقلاب، حيث «طمأن المبعوث الأمريكي إلى السودان، بأنه لا ينوي الاستيلاء على السلطة، ثم استقل طائرة إلى القاهرة، وأجرى محادثات سرية، لضمان حصول مؤامرته على دعم إقليمي»

*     *     *

نقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن مصدر إسرائيلي أن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من إسرائيل استخدام «علاقاتها» مع السودان «لخفض التوتر» بعد أسبوع من قيام الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبه الأول محمد حمدان دقلو بانقلاب عسكري على الحكومة المدنية.

كما أكد موقع «والا» الإخباري العبري أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، طلب من وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، التوسط بين الإدارة الأمريكية (الراغبة في عودة حكومة مدنية للسودان) وبين قادة الجيش السوداني.

جاء هذا الخبر بعد أيام من نشر صحيفة إسرائيلية أخرى، هي «يديعوت أحرونوت» أنباء وردتها «نقلا عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى» بأن وفدا إسرائيليا زار السودان بعد الانقلاب ضم مندوبين عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) وكذبت هآرتس عمليا ما ذكرته لها «مصادر في الجيش السوداني» حينها بأن «هدف الزيارة هو التوسط بين الطرفين» مشيرة إلى أن الزيارة «لم تكن لهدف الوساطة»!

تفيد في قراءة الخبرين الآنفين إضافة ما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس الأربعاء، عن ثلاثة مصادر «مطلعة» أن لقاء سريا جمع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، عشية الانقلاب على حكومة عبد الله حمدوك، وأن البرهان «أجرى سلسلة تحركات جيوسياسية جريئة قبل يوم واحد من الانقلاب، حيث «طمأن جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي إلى السودان، بأنه لا ينوي الاستيلاء على السلطة، ثم استقل طائرة إلى القاهرة، وأجرى محادثات سرية، لضمان حصول مؤامرته على دعم إقليمي» وأن الرئيس المصري «قدم له تطمينات» وأنه ما أن عاد إلى السودان حتى بدأ اعتقال مسؤولين مدنيين وحل الحكومة.

يشير تحليل الوقائع الآنفة إلى أن الزيارة الإسرائيلية التي تمت يوم الاثنين الماضي، والتي رجح عليها الطابع الاستخباراتي، كانت مؤشرا على وجود اتفاق ضمنيّ على الانقلاب، وكذلك على تبادل معلومات أمنية بين الطرفين لما فيه مصلحة الانقلابيين.

وأن طلب الخارجية الأمريكية «وساطة» إسرائيل هي نتيجة لاستنتاج أمريكي أن جزءا من تعنّت العسكر، وكذبهم الصريح على المبعوث الأمريكي فيلتمان قبيل الانقلاب، نابع من اعتمادهم على الدعم الإسرائيلي، وكذلك على دعم مصريّ وإقليمي، كما تبيّن لاحقا، من الاتصالات التي جرت بين قادة الانقلاب وروسيا، أن حركتهم حظيت أيضا بموافقة الكرملين.

تقول الأنباء الأخيرة القادمة من السودان إن البرهان اعتمد ترشيحات لمجلس سيادة جديد، وأن الإعلان عنها سيتم خلال الساعات المقبلة، وأن المجلس الجديد «يتكون من 5 أشخاص من المكون العسكري و8 ممثلين لأقاليم السودان فضلا عن شخصية نسائية» وأن «هناك 3 مرشحين لمنصب رئيس الوزراء في حالة عدم موافقة عبد الله حمدوك على تولي رئاسة الحكومة الانتقالية الجديدة».

الأغلب أن تقسيم المجلس الجديد إلى 8 ممثلين لأقاليم السودان مقصود منه نزع الطابع الحزبي والسياسي للحكومة المدنية، وأن عرض هذه الحكومة، بهذه الطريقة، على حمدوك، هي شروط إذعان أكثر منها عرضا لترؤس حكومة «بصلاحيات تنفيذية كاملة» كما تطالب الأطراف المدنية المناهضة للانقلاب، وأن قبول حمدوك لهذه الشروط يعني توديع مطلب تقاسم السلطة وإقرار خضوعه للانقلاب.

الأرجح، بناء على هذه المعطيات (إن لم يكن القصد منها التخويف قبل التراجع، وانتزاع تنازلات أكبر من حمدوك والمدنيين) أن إسرائيل، التي كانت عنصرا رئيسيا في رعاية الانقلاب، لا تريد إفشال هذا الانقلاب، ولا التوسط لعودة حكومة مدنية.

وأن البرهان وشركاءه قرروا المضيّ في الحلّ الذين يعرفونه أكثر: الحل العسكري ـ الأمني (وهم، على أية حال، لن يكونوا الأوائل، وسيجدون مقاعد جاهزة ضمن حلفهم الإقليمي – الدولي) وفيما تمضي الدكتاتورية قدما فإن السودان، سيعود، للأسف، إلى الوراء!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، الوساطة الإسرائيلية، الانقلاب، إسرائيل، حكومة مدنية، موساد،

مفاوضات حل الأزمة في السودان تصل لطريق شبه مسدود

بن جاسم يتهم إسرائيل ودولة عربية بالتخطيط للأحداث في السودان

إسرائيل تمنح الإقامة المؤقتة لأكثر من ألفي طالب لجوء سوداني