لماذا باتت فرنسا مكروهة في ملعبها التاريخي بأفريقيا؟.. 4 أسباب تشرح الأمر

الأحد 5 ديسمبر 2021 08:03 م

غطرسة في التعامل، ودعم للأنظمة الديكتاتورية، وفشل في مكافحة الإرهاب رغم الإمكانيات المتقدمة، وأسباب قبلية.. أربعة أسباب ساقها تحليل نشرته شبكة "بي بي سي" عن تراجع الدعم الشعبي لفرنسا في غرب أفريقيا، وتحولها إلى قوى غير مرغوب فيها، رغم الروابط التاريخية التي تعد وثيقة بين باريس وهذه المنطقة.

وقال التحليل، الذي كتبه "بول ميلي"، الزميل الاستشاري في برنامج "تشاثام هاوس" لشؤون أفريقيا، إن الانحدار في العلاقات الفرنسية مع غرب أفريقيا تصاعد قبل أشهر، رغم أن الأمور كانت قد بدأت بإيجابية كبيرة منذ مجئ "إيمانويل ماكرون" إلى قصر الإليزيه، حيث زاد الأخير من مساعداته للقارة السمراء، وعزز علاقات مع منظمات المجتمع المدني وأبقى على قوات فرنسية في منطقة الساحل الأفريقي لمكافحة "الجهاديين"، ودعم التكتّل الاقتصادي لدول غرب أفريقيا "إيكواس" في محاولاته للدفاع عن سياسة الانتخاب في مواجهة هيمنة العسكريين.

ورغم كل ما سبق، تصاعدت مشاعر الانتقادات الأفريقية لفرنسا، وأصبحت مشاعر مناهضة باريس شعبوية، وكان أبرز دليل هو تعرض قافلة جنود فرنسيين، الشهر الماضي، لحصار فرضه متظاهرون ضد فرنسا، بينما كانت القافلة في طريقها شرقًا لتقديم الدعم في مواجهة ضد مسلحين جهاديين.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، لقي حديثٌ أدلى به رئيس وزراء مالي، "شوجيل مايجا"، موجة من التعاطف والإصغاء، حيث اتّهم فرنسا في الأمم المتحدة بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق بعد أن بدأ "ماكرون" تقليص عدد قواته في مالي.

وبات أمرًا مألوفًا بين الفئات المثقفة من الشباب في غرب أفريقيا، سماعُ دعوات لإلغاء التعامل بالفرنك الأفريقي، وهي العملة المستخدمة في عدد من الدول الفرانكفونية.

ويرى أصحاب تلك الدعوات أن فرنسا، بموجب تلك العملة، تسيطر على اقتصادات الدول التي تستخدمها. بينما تقول فرنسا إن الفرنك الأفريقي يضمن استقرار تلك الاقتصادات.

ويقول التقرير بشكل مباشر إن "ثقة ماكرون في نفسه - والتي يصفها البعض بالغطرسة- تعدّ أحد العوامل"، حيث كان لـ"ماكرون" نصيب من الأخطاء الدبلوماسية تجاه أفريقيا.

فبعد مقتل 13 جنديا فرنسيا في حادث تحطّم مروحية في مالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، طالب "ماكرون" قادة دول غرب أفريقيا بالحضور فورًا إلى فرنسا لعقد قمة طارئة، في خطوة رأى فيها البعض ملمحًا مما يمكن وصفه بـ الغطرسة الاستعمارية الجديدة، لا سيما وأن كلا من مالي والنيجر كانتا قد تكبّدتا للتوّ خسائر عسكرية فادحة.

واضطر الرئيس "ماكرون"، آنذاك، إلى القيام بحركة تصحيحية سريعة؛ فتوجّه من فورِه إلى عاصمة النيجر لتقديم التعازي في قتلى عسكريين، وأرجأ القمة التي كان قد دعا إليها حتى يناير/كانون الثاني 2020.

وتلفت "بي بي سي" إلى أن أحد أسباب مناهضة فرنسا في أفريقيا هو إرثها الاستعماري العصي على النسيان، والذي عززه نهج باريس خلال السنوات التي أعقبت استقلال هذه الدول عن فرنسا، حيث نسجت علاقات واسعة بنخب وقيادات أفريقية بشكل اعتمد على المصالح مع قليل من الاهتمام بحقوق الإنسان.

ويضيف التقرير أن أكبر فشل لاحق فرنسا كان في رواندا عام 1994، عندما أخفقت باريس في الاضطلاع بمسؤولياتها رغم تحالفها مع النظام الحاكم في البلاد آنذاك، والذي كان قد شرع في الإعداد لعملية إبادة جماعية.

وفي عام 2007، بدأ "نيكولا ساركوزي" فترته الرئاسية بتصريح افتقر إلى كثير من اللباقة، قال فيه إن "الإنسان الأفريقي لم يدخل التاريخ حتى الآن كما ينبغي".

هناك أيضا ما يمكن اعتباره، بحسب التقرير، فشلا عسكريا فرنسيا واضحا في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي.

ونشرت فرنسا أكثر من خمسة آلاف جندي، قُتل منهم أكثر من 50. ورغم هذا الجهد العسكري الكبير والمستدام، لم تستطع فرنسا التغلب على التهديد الذي يشكله الجهاديون الذين لا يزالون يشنون هجمات على مجتمعات محلية وقوى أمنية.

ويسود اعتقاد بين قطاع كبير من الجماهير في هذه المنطقة أن فرنسا، بصفتها قوة عسكرية غربية متقدمة تقنيًا، ينبغي أن تكون قادرة على فَهم أبعاد المشكلة، وأنْ تبتعد إنْ هي لم تجد في نفسها القدرة على حلّها.

ويبدو أن هذه الاعتقادات والمشاعر هي التي تقف وراء خروج المتظاهرين، ومن بينهم أولئك الذين حاصروا القافلة العسكرية الفرنسية.

وبحسب "بي بي سي"، فهناك أيضا عوامل أخرى اجتماعية وقبَلية وراء هذا التوجّه في غرب أفريقيا حيال فرنسا.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية

فرنسا غرب أفريقيا الساحل الأفريقي إيمانويل ماكرون قوات فرنسية

لوموند تكشف خطة فرنسا لمعالجة صورتها المتدهورة واستعادة نفوذها بأفريقيا