التطبيع مستمر.. انفتاح اقتصادي عربي على سوريا رغم الدمار وانهيار الاقتصاد

السبت 11 ديسمبر 2021 05:27 م

بموافقة جميع أعضاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط "أوابك"، ستترأس سوريا مجلس وزراء المنظمة العام المقبل، كما ستستضيف دمشق مؤتمر الطاقة العربي في عام 2024.

ووفق مراقبين، فإن هاتين الفاعليتين تمثلان انفتاحا اقتصاديا عربيا على سوريا، في مجال الطاقة.

وحسب وزارة النفط والثروة المعدنية السورية التابعة لنظام "بشار الأسد"، فقد اتفق وزراء الطاقة والبترول في منظمة "أوابك"، على رئاسة سوريا للمنظمة اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2022، وحتى الشهر نفسه من 2023، بعد رئاسة السعودية للمنظمة في العام الماضي.

كما وافق جميع الأعضاء على استضافة دمشق لمؤتمر الطاقة العربي في العام 2024، بعد قطر التي ستستضيفه في العام 2023.

يأتي هذا بعدما كانت سوريا قد طُرِدَت من جامعة الدول العربية في بداية الثورة بالبلاد، وذلك رداً على الانتهاكات الكبيرة التي ارتكبها نظام "الأسد" ضد المعارضين لحكمه.

لكن الآن، بعد انحسار القتال وسيطرة "الأسد" على معظم البلاد، يعيد جيران سوريا تقييم الأوضاع، "مدفوعين بمخاوف من النفوذ الإيراني والتركي"، والتداعيات الاقتصادية والأمنية، وفقاً لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

وبعض الدول العربية أعادت تقوية علاقاتها مع "الأسد"، حيث أجرى العاهل الأردني "عبدالله الثاني" مكالمة هاتفية مع "الأسد" في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وضغط من أجل تخفيف العقوبات في واشنطن حتى يتمكن اقتصاده الهش من استئناف التجارة مع سوريا.

كما تتواصل الإمارات مع "الأسد".

وفي وقت سابق من هذا الصيف استؤنفت الرحلات الجوية المباشرة بين سوريا والإمارات.

وكان لسوريا جناح بارز في معرض "دبي إكسبو 2020"، وزار رجال الأعمال الإماراتيون دمشق لحضور المعارض التجارية.

وكانت الولايات المتحدة قد حذرت مراراً من التطبيع مع نظام "الأسد"، وانتقدت واشنطن على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس"، اجتماع وزير خارجية الإمارات الشيخ "عبدالله بن زايد" و"الأسد"، وحث دول المنطقة على التفكير ملياً في "الفظائع" التي ارتكبها "الأسد".

وقال محللون للموقع البريطاني، إنَّ النهج الحذر لدولة الإمارات يجعل قرار "أوابك خطوة مثيرة للاهتمام في جهود إعادة العلاقات مع دمشق".

ولفت "هوارد شاتز" كبير الاقتصاديين في مؤسسة "راند"، إلى أن "هذه صفقة كبيرة، وهذا هو الاختبار الأكثر رسمية الذي شهدناه حتى الآن لإعادة دمج السوريين".

وأضاف: "لكن قلة هم الذين يتوقعون أن يسمح القرار لدمشق بالانتقال من دولة مزقتها الحرب إلى مركز للطاقة".

ويأتي حديث النظام السوري عن ترأس المنظمة الجامعة للدول العربية المصدرة للنفط في حين تحولت سوريا من دولة مصدرة إلى دولة مستوردة، مع عدم قدرة النظام على التحكم وإدارة حقول النفط لخروجها عن سيطرته، وعدم قدرته على إدارة انقطاع المحروقات وما ينتج عن ذلك من أزمات في مناطق سيطرته.

ولطالما كانت الطاقة الإنتاجية لسوريا صغيرة، ومخزونات النفط والغاز القليلة الموجودة لديها تقع في الشمال الشرقي، في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال البلد مُدمّراً بعد 10 سنوات من الصراع ويخضع لسيطرة عائلة "الأسد".

ولا تظهر قيمة صادرات النفط الخام لسوريا في معلومات الدول الأعضاء في المنظمة عبر موقعها الرسمي، إذ يظهر الموقع أن قيمة الصادرات صفرًا، بينما تظهر بيانات الدول الأخرى وقيمة صادراتها للنفط لعام 2019.

ووفق الباحث في مركز الشرق للسياسات "سعد الشارع"، فإن رئاسة النظام السوري لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوابك) واستضافته مؤتمر الطاقة العربي عام 2024 إجراء اعتيادي، وهو من ضمن الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة في المنظمة التي تقضي بتداول رئاسة المنظمة واستضافة المؤتمر.

وأوضح "الشارع"، أن رئاسة المنظمة غير مرتبطة تقنيًا بمدى مقدرة سوريا على إنتاح وتصدير النفط، إذ لم يتم تجميد عضويتها أو إزالتها من المنظمة على غرار تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية، ومن غير الممكن أن تستضيف سوريا أي مؤتمر قمة للجامعة، بينما يحق لها أن تترأس أو تستضيف الاجتماعات التابعة لمنظمة (أوابك).

ويرى الباحث أن سياق هذا الإعلان يبقى محصورًا في المنظمة، ولا يتعدى لأي شكل من أشكال التعاون السياسي مع الدول العربية، ولا يرى أن النظام يستطيع الاستفادة من المؤتمر الذي سيستضيفه بعد نحو عامين لعدة أسباب، أولها أن الحديث عن المؤتمر الذي سينعقد عام 2024 ما زال مبكرًا، ويحتمل هذا الوقت حدوث أي تغيير بشكل عام في موقع سوريا أو الوضع العام فيها.

وقال الباحث إن الاستثمار في سوريا غير مشجع خاصة في مجال النفط والغاز مع خروج نحو 70 إلى 80% من المواقع النفطية عن سيطرة النظام، وخضوعها لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سوريا.

كما أن الوضع الأمني في سوريا غير مستقر وغير مشجع للدول والشركات للاستثمار، بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام والتي تمنع أي شركات من التعامل الاقتصادي معه.

ولا يستطيع النظام تحقيق مكاسب اقتصادية من هذا المؤتمر، بحسب "الشارع"، وهو أمر يحاول النظام منذ إعلانه الاستفادة منه إعلاميًا والترويج له ويحاول أن يدرج ذلك ضمن ما يسمى إعادة تأهيل سوريا وإعادة الاستقرار إلى سوريا، ولكن يبقى ذلك في السياق الإعلامي أما الأمور على الواقع مغايرة بشكل كامل.

وتأسست منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوابك) بموجب اتفاقية تم التوقيع على ميثاقها في العاصمة اللبنانية، بيروت، في 9 يناير/كانون الثاني 1968، بين كُل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية وليبيا واتُفق على أن تكون الكويت مقرًا رئيسيًا لها.

والدول الأعضاء في المنظمة هي: الإمارات، والبحرين، والجزائر، والسعودية، وسوريا، والعراق، وقطر، والكويت، وليبيا، ومصر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا انفتاح اقتصادي التطبيع نظام الأسد الطاقة أوابك

بلينكن: واشنطن لا تعتزم دعم أي جهود للتطبيع مع النظام السوري

وفد للنظام السوري يزور عمان للاستفادة من تجربتها في التحول الرقمي والأمن السيبراني

محاولة جديدة لفك العزلة.. العراق يفتح أسواقه أمام منتجات النظام السوري