حكومة الكويت الجديدة.. ألغام وملفات تنتظر الحسم

الأحد 2 يناير 2022 09:22 ص

يترقب الشارع الكويتي، مسار الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ "صباح خالد الحمد الصباح"، بتشكيلتها التي ضمت 15 وزيرا بينهم 9 وزراء جدد، مع استمرار 6 وزراء من التشكيلة الحكومية السابقة.

وتضم التشكيلة الجديدة، 4 نواب في مجلس الأمة، 3 منهم من المعارضة نالوا حقائب وزارية، هي وزارة الإعلام والثقافة التي تولاها النائب "حمد روح الدين"، ووزارة الشؤون الاجتماعية والإسكان لـ"مبارك العرو"، ووزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة لـ"محمد الراجحي"، فيما استمر النائب الموالي للحكومة "عيسى الكندري" وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية.

ومن أبرز التغييرات تعيين وزير جديد للداخلية، هو الشيخ "أحمد المنصور الصباح"، واستبعاد وزير الداخلية السابق الشيخ "ثامر العلي الصباح"، واستبعاد وزير الصحة السابق، "باسل الصباح"، وتعيين "خالد السعيد" خلفا له.

وتواجه الحكومة الكويتية الجديدة، تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، بالتزامن مع استمرار تداعيات جائحة "كورونا"، ومعاناة البلاد من عجز مالي تاريخي، جراء تضرر محفظتها المالية بانخفاض أسعار النفط، خلال العامين الماضيين.

أزمة مالية

وتعاني الدولة الخليجية التي تعتمد على النفط كمورد رئيسي لإيرداتها، عجزا متفاقما يدفع الحكومة للسحب من صندوق الاحتياطي العام بمعدل 1.7 مليارات دينار شهريا.

ويفاقم الأزمة، عدم قدرة الكويت على الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية، نتيجة وجود معارضة برلمانية قوية لذلك، مع مطالبة الحكومة بالحد من الهدر والفساد قبل اللجوء إلى الديون.

ومع اعتماد نحو 90% من الدخل الحكومي على النفط، تحتاج الكويت إلى النفط الخام عند سعر 90 دولاراً لموازنة الميزانية الجديدة، التي سجلت عجزا عجز غير مسبوق في موازنة الدولة للسنة المالية 2020 – 2021، بلغ ما يعادل 35.5 مليار دولار.

ووفق وزارة المالية الكويتية، فإن البلاد سجلت عجزا فعليا بلغ 10.8 مليارات دينار (35.5 مليار دولار) في السنة المالية 2020-2021 (تنتهي بنهاية مارس/آذار من كل عام)، بارتفاع 174.8%، مشيرة إلى أنه أعلى عجز بالموازنة في تاريخ البلاد.

وتسعى الحكومة الكويتية لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي أحيل  على البرلمان رسمياً في يوليو/تموز الماضي، ويتضمن السماح للحكومة باقتراض نحو 65 مليار دولار على مدى 30 عاما.

وإضافة إلى ذلك، تواجه حكومة "الصباح" تحديا رئيسا يتمثل في تحسين موارد الدولة، وتقليص الإنفاق الحكومي، ومراجعة عدة أنواع من الدعم المقدم من قبل الدولة على السلع والخدمات، وحاجة الاقتصاد الكويتي للتنوع في مرحلة ما بعد النفط.

مكافحة الفساد

الخطير أنه في مقابل الأزمة المالية، يزخر البلد الخليجي بمعدلات فساد عالية، وقضايا رشوة، بمليارات الدولارات، تورط فيها مسؤولون كبار، وتلقي لا شك بظلالها على مستقبل الحكومة الجديدة.

تحت عنوان "الفساد: غزو آخر للكويت"، يؤكد مركز "كارنيجي للسلام الدولي"، أن الفساد أصبح بمثابة غزو داخلي يهدد وجود الدولة وقدرتها على العمل، وبلغ أحجاماً لا نظير لها.

وضرب المركز مثالا لقضية الفساد التي تضمنت إنفاق الدولة 3.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 فقط على معالجة مواطنيها في الخارج، ليتبين في العديد من هذه الحالات أنهم ادعوا المرض للذهاب في رحلات سياحية.

وتشهد ساحات القضاء الكويتي قضايا فساد عدة، بمبالغ مليارية، أبرزها قضية "صندوق الجيش" التي تضمنت اتهامات بين اثنين  من أركان الأسرة الحاكمة باختلاس نحو 800 مليون دولار.

وهناك قضية تجار الإقامات الذين يقومون بجلب عمالة وافدة مقابل مبالغ مالية، والكثير من هذه الصفقات ينتهي علاقة تاجر الإقامة بالمتحصل عليها عند وصوله مطار الكويت، دون توفير فرصة عمل له.

وتتواصل التحقيقات الكويتية بشأن شبهات فساد حول صفقة طائرات مع شركة "إيرباص" لصناعة الطائرات، تتضمن توريد 30 طائرة هليكوبتر عسكرية من طراز "كاراكال" بقيمة مليار يورو (1.19 مليار دولار).

كذلك قضية "الصندوق الماليزي" التي ورد فيها اسم أحد أفراد الأسرة الحاكمة كمتهم أساسي بها، وهو "صباح جابر المبارك"، نجل رئيس الوزراء السابق، حيث تورط إلى جانب آخرين في صفقات غير مشروعة مرتبطة بمشاريع خارج البلاد.

وحلت الكويت في المركز السابع بين الدول العربية، وفي المرتبة الـ78 دولياً، من بين 180 دولة، في مؤشر مدركات الفساد لعام 2020، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.

وتقدر الجمعية الاقتصادية الكويتية، حجم الفساد في البلاد سنويا بـ1.2 مليار دينار (نحو 3.2 مليار دولار)، وهو رقم ضخم في بلد يواجه أزمة مالية خانقة، ويفكر في اللجوء لأسواق الدين.

الدعم والضرائب

وتتضمن أجندة الأعباء الملقاة على كاهل الحكومة الجديدة، محاولة تمرير إدخال الضريبة على القيمة المضافة، ورسوم وضرائب لزيادة الإيرادات غير النفطية، وإعادة هيكلة الدعم الحكومي، وخصخصة بعض الأصول الحكومية.

وهناك ترقب لمسار التعامل مع قضية الخلل في التركيبة السكانية، وتسريع وتيرة التكويت، والحد من استقدام العمالة الوافدة، وحل أزمة البدون، مع تجنب تأثر بعض القطاعات التي تعتمد بشكل رئيسي على الوافدين.

ويشكل الوافدون في الوقت الحاضر 70% من سكان الكويت البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، وتسعى الحكومة إلى خفض هذه النسبة إلى 30%. وفق قانون تنظيم التركيبة السكانية الذي ينظم الأعداد والمهن المطلوبة طبقا لاحتياجات السوق.

ويرى أستاذ المحاسبة والتمويل في الجامعة العربية المفتوحة، "عواد النصافي"، في حديثه لـ"الخليج أون لاين"، أن المطلوب من ‏الحكومة والبرلمان، وضع حل لتغطية العجز المالي المتراكم، وترشيد الإنفاق الحكومي، وزيادة الإيرادات، وخلق مشاريع تنموية جديدة، وتوفير وظائف للمواطنين.

ما بعد العفو

تعد الحكومة الجديدة، الأولى بعد العفو الذي أصدره أمير البلاد، الشيخ "نواف الأحمد الجابر الصباح"، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن بعض النواب السابقين والمحكومين السياسيين.

ويأمل الشارع الكويتي في تجاوز الخلافات التي ضربت الساحة الداخلية لسنوات، باتجاه تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية للمضي قدماً في عملية الإصلاح الاقتصادي، وتسريع تمرير مجموعة القوانين العالقة.

ومن المتوقع أن تتعامل الحكومة الجديدة مع مجموعة مراسيم عاجلة تتعلق بالعفو عن عدد من المغردين وأصحاب الرأي، وكذلك وقف الممارسات الأمنية لوزارة الداخلية المسيئة للبلاد، وكان آخرها الكشف عن تعرض ضابط للتعذيب.

ووفق الباحث السياسي الكويتي، الدكتور "عايد المناع"، فإن وجود نواب من المعارضة في التشكيلة الجديدة، سيقلل من الصدام مع مجلس الأمة (البرلمان)، وسيعزز صياغة علاقة جديدة بين الحكومة والبرلمان.

ويرى "المناع" أن الكويت قد تشهد هدنة سياسية خلال الفترة المقبلة، مع تعزيز التعاون بين السلطتين بدلاً من التناحر الذي أحدث الكثير من الأزمات، دون إلغاء حق المساءلة البرلمانية للحكومة.

ألغام خطيرة وأجندة مكتظة بالمهام تنتظر الحكومة الجديدة، التي تعد في حاجة ماسة إلى تعاون جاد مع مجلس الأمة، سعيا نحو إخراج الكويت المأزوم بمشاكل سياسية واقتصادية وسكانية معقدة، لا شك أنها تهدد مستقبل البلد الغني بالنفط، لكنه مثقل بالأزمات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت الحكومة الكويتية الجديدة النفط كورونا صباح خالد الصباح قانون العفو الفساد نوف الأحمد الجابر الصباح

الكويت وإيرباص.. أسرار صفقات الفساد

وسط تحديات عدة.. الحكومة الكويتية تؤدي اليمين أمام البرلمان (صور)