التنسيق السياسي بين مصر وروسيا يتصاعد لمستوى غير مسبوق

الأحد 2 يناير 2022 05:15 م

تشهد العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا تعزيزًا للتنسيق السياسي بشكل ملحوظ يتجلى في التعاون المشترك في عدة مجالات، في ظل سعي مصر لتعزيز دورها على الساحة العربية والعالمية.

وعقد "نيكولاي باتروشيف"، أمين مجلس الأمن الروسي، اجتماعا مع نظرائه المصريين في 22 ديسمبر/كانون الأول في موسكو، حيث أكد إن القاهرة هي شريك أساسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالنظر إلى تماثل نهجيهما بشأن القضايا الحاسمة على الأجندة الدولية، وقال إن موسكو تعتزم تعزيز التعاون الثنائي في الشؤون الإقليمية.

وحقق الطرفان تقدما كبيرا في العديد من المجالات الحيوية هذا العام، خاصة فيما يتعلق ببدء إنفاذ "معاهدة الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي"، والتي فتحت فرصا جديدة لتكثيف العمل عبر مجموعة كاملة من العلاقات الثنائية.

كما تجري مشاورات منتظمة بشأن مكافحة الإرهاب وقضايا أمن المعلومات، وتفاعل وثيق بين الإدارات العسكرية والاستخبارات، كما يتم تطوير بعض المشاريع التجارية والاقتصادية المشتركة بنجاح.

وشارك في المحادثات التي جرت في موسكو "فايزة أبو النجا" مستشارة الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" لشؤون الأمن القومي، ومستشار مكافحة الإرهاب "مجدي عبدالغفار"، بالإضافة لممثلي عدة وزارات وإدارات من البلدين.

المشاريع الاقتصادية قوة دفع

أوضح وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" في مقابلة مع القناة التلفزيون المصرية "تن تي في" حقيقة أن العلاقات بين موسكو والقاهرة، في الوقت الحالي، "وصلت إلى مستوى غير مسبوق" في تاريخ العلاقات الثنائية، وأبرز الدور الحيوي للمشاريع الاقتصادية الكبيرة في روسيا ومصر في تحفيز الحوار الثنائي، ولا سيما المنطقة الصناعية الروسية في مصر.

وشدد الوزير على أن المنطقة "لديها إمكانات هائلة، ومع إنها أُطلِقت للتوّ، إلا أن هناك بالفعل قائمة انتظار للشركات الروسية التي ترغب في المشاركة فيها، لإنشاء إنتاجها الخاص"، ووفقا لـ "لافروف"، فإن هذا المشروع له أهمية أساسية ليس للسوق المصري فحسب، بل له أيضا بعد إقليمي.

تم التوصل إلى اتفاقية بين حكومتي روسيا ومصر بشأن تطوير شرق بورسعيد كمنطقة خاصة مع نظام ضريبي مبسط للشركات الروسية في عام 2018، ويفترض أن يستغرق التنفيذ الكامل لهذا المشروع 13 عاما، ومن المخطط أن تتمكن الشركات المقيمة من بدء إنتاج المنتجات في وقت مبكر من عام 2022 وستحصل على تسهيلات في الإيجار، وتعريفة تفضيلية لموارد الطاقة، ونظام ضريبي تفضيلي خاص، وكذلك موقع جاهز.

كما تكثفت وتيرة بناء محطة "الضبعة" النووية بالتعاون مع روسيا، وهي أول محطة للطاقة النووية مخطط لها في مصر، وتم إبرام اتفاق بناء "الضبعة" بقرض روسي قيمته 25 مليار دولار بين الطرفين في عام 2015، وستتألف المحطة من 4 وحدات طاقة، ومن المتوقع الانتهاء من البناء بحلول 2028-2029.

التعاون العسكري والتقني

يشهد التعاون العسكري والتقني بين البلدين تطورات نشطة، وقد عقدت تدريبات "جسر الصداقة" العسكرية في الفترة 3-10 ديسمبر/كانون الأول 2021 في خليج الإسكندرية، وتمت إدارة طواقم سفن البحرية الروسية والمصرية عبر قيادة مشتركة، حيث أجروا مهامًا مثل ردع الهجمات عن الأهداف البحرية، وتفتيش السفن المشبوهة، وتنظيم الدفاع الجوي وإدخال الإمدادات في البحر من طائرة هليكوبتر.

وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، عقد تدريب "حماة الصداقة 2021" التكتيكي المشترك الخامس للمظليين الروس والمصريين في القاعدة العسكرية للمظليين في مصر في مدينة إنشاص التابعة للقاهرة.

كما تلقى الجيش المصري تعزيزات بأسلحة روسية متقدمة، حيث تلقى سلاح الجو في البلاد بالفعل نصف الـ24 طائرة "سو 35" التي طلبها في روسيا.

وكما ذكر موقع "ديفينس وورلد" المعنيّ بالشؤون الدفاعية، فقد اعتمدت القاهرة في البداية على مقاتلات "F-16" الأمريكية، ولكن تبين أنها ضمن "الأقل خطورة" من بين الأسلحة التي يتلقاها حلفاء أمريكا، حيث لم تتلق أسلحة حديثة مثل صواريخ جو-جو "AIM-120" المتقدمة متوسطة المدى، وغيابها خفض نطاق تدمير الهدف إلى أقل من 70 كم (باستخدام صواريخ AIM-7P Sparrow الأقدم).

وفي الوقت نفسه، يتمتع جيران مصر - مثل السودان وليبيا وإثيوبيا - بصواريخ "R-77" المتقدمة السوفيتية الأقوى بكثير على متن طائرات مثل "SU-27".

ويعتقد أن رفض الولايات المتحدة تزويد مصر بالصواريخ المتقدمة كان هدفه الاحتفاظ بالتفوق العسكري الإسرائيلي، وهكذا، قررت القوات الجوية المصرية تعزيز أسطول مقاتلاتها بالطائرات الروسية "سو-35" المجهزة بإلكترونيات طيران جديدة، بما في ذلك رادار " Irbis" مع مجموعة من الهوائيات ذات نطاق 400 كم ومحركات "AL-41F1" قوية ( بقوة دفع 14،500 كيلوجرام ثقلي) مع التحكم في متجه الدفع.

أما فيما يتعلق بأسلحتها، فإنها يمكن أن تحمل على وجه الخصوص صواريخ جو-جو "R-27" وصواريخ متوسطة المدى الموجهة بالرادار "R-77-1"، ووفقا للخبراء العسكريين، فقد تم تصميم المقاتلة الروسية في المقام الأول لـ "ضمان تفوق الجيش المصري في السماء الإقليمية".

ويمكن أن تتبع "سو-35"، في وقت واحد، ما يصل إلى 4 أهداف على الأرض أو 30 هدف جوي، وتضرب ما يصل إلى 8 أهداف جوية في وقت واحد، كما يمكن أن تحدد نوع الأهداف الجوية وتلتقط الصور الجوية للمنطقة.

الشريك الأكثر أهمية

أظهرت روسيا أسلحة حديثة خلال معرض الدفاع "EDEX 2021" الذي عقد في مصر في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، وعقدت محادثات مع ممثلي مختلف فروع القوات المسلحة ووزارة الدفاع المصرية.

وقال "ألكسندر ميخيف" رئيس شركة الأسلحة الروسية "روس أوبورون إكسبورت": "مصر هي الشريك الاستراتيجي الأكثر أهمية لروسيا، وروس أوبورون إكسبورت جاهزة لمزيد من التعاون مع الجانب المصري بأي شكل حديث وعبر مجموعة كاملة من المنتجات العسكرية والمدنية المعززة".

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول، عقد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" محادثة هاتفية مع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، وأشاد الزعيمان بمستوى التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر، وإنشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس، حسبما ذكر المكتب الصحفي للكرملين بعد المحادثات.

وبالإضافة إلى ذلك، تطرق "بوتين" و"السيسي" لبعض القضايا الدولية، وعلى وجه الخصوص، ذكرا تشابه نهجهما المتعلق بتسوية سياسية للوضع في ليبيا.

المصدر | فاليري كوليكوف/ نيو إيسترن أوتلوك - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا مصر العلاقات المصرية الروسية التعاون المصري الروسي الضبعة المنطقة الصناعية الروسية

واشنطن بوست: كارثة تنتظر مصر حال تخلف روسيا عن سداد ديونها