عام على التنصيب.. إدارة بايدن تواجه تحديات داخلية خطيرة

الثلاثاء 4 يناير 2022 02:06 ص

سيكون عام 2022 عاما مليئا بالتحديات للإدارة الأمريكية. وبالرغم أن الرئيس "جو بايدن" يواجه العديد من قضايا السياسة الخارجية الصعبة، وبعضها قد يكون متفجرا مثل أوكرانيا وتايوان وإيران، فمن المرجح أن يركز على الأجندة الخاصة بالقضايا المحلية، لا سيما قبل انتخابات الكونجرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وعلى مدار العام الماضي، سعت إدارة "بايدن" إلى تعزيز برنامج إعادة تهيئة البنية التحتية والاقتصاد وكذلك التعامل مع موجات "كوفيد-19" والجمهور "المتعب" والمنقسم حول الخطوات المطلوبة للتصدي للوباء.

وفي خطوة دعمها الحزبين، تم سن قانون التوظيف والاستثمار في البنية التحتية بقيمة تريليون دولار؛ لتحديث البنية التحتية الأمريكية (النقل والاتصالات والمياه والكهرباء). مع ذلك، تواجه الإدارة صعوبات بسبب معارضة الجمهوريين والسيناتور "جو مانشين"، أحد آخر المحافظين في الحزب الديمقراطي، لتمرير تشريع مهم بتكلفة 1.75 تريليون دولار تصفه الإدارة بأنه "خطة جيل".

ويتضمن التشريع استثمارات ضخمة في مجالات الاقتصاد والرفاهية والمناخ. ولم يتضح بعد ما إذا كانت المعارضة ستعرقل التشريع تماما أو ما إذا كانت الإدارة تستطيع المناورة وتقديم إطار معدل في النهاية. وفي كلتا الحالتين، تشير العملية إلى عمق الصدع الموجود داخل الحزب الديمقراطي والصعوبات التي يواجهها "بايدن" في إدارة حزبه والسيطرة عليه.

ومن الواضح أن هذه القضايا والتضخم المتزايد، الذي بلغ 6.8% في العام الماضي، وهو أعلى معدل منذ عام 1982، أضعفت شعبية الرئيس لدى الجمهور الأمريكي. وبالطبع فإن معارضة الجمهوريين لقيادته متوقعة، لكن دعمه بين الناخبين الديمقراطيين آخذ في التآكل أيضا. ووفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة "جالوب" في ديسمبر/كانون الأول، بلغت شعبية "بايدن" نحو 43%، وباستثناء الرئيس السابق "دونالد ترامب"، كانت معدلات الدعم للرؤساء السابقين بعد عام من توليهم المنصب أعلى.

ومن المحتمل أن يكون الإحباط لدى الرئيس وموظفيه قد ازداد بشكل خاص بسبب الصعوبات في تسويق نجاحاتهم، حيث تمكنت الإدارة في الأشهر الأخيرة من تحقيق عدد غير قليل من الإنجازات خاصة تحسين مؤشرات التوظيف، وقانون البنية التحتية، والتشريعات الأخرى التي تضمنت برنامج المساعدة الاقتصادية الأكثر شمولا في تاريخ الولايات المتحدة، والذي بلغ 1.9 تريليون دولار، وذلك للتعامل مع الأزمة التي أحدثها الوباء.

وبالرغم أن أمام "بايدن" 3 أعوام أخرى حتى نهاية ولايته الأولى، فإن قدرته على الوفاء بوعوده في 2022 سيكون لها تأثير كبير على رئاسته والإرث الذي يتركه. وفي غضون ذلك، من المتوقع أن يخسر "بايدن" والديمقراطيون الأغلبية الضئيلة داخل الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ما يجعل من المستحيل على الإدارة تمرير قوانين لا تتمتع بالإجماع الوطني. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن فرص حصول الجمهوريين على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب مرتفعة للغاية.

ويشعر "بايدن" بالإحباط حيال بعض الأزمات التي تعرقل تنفيذ أجندته مثل التوترات الاجتماعية التي تعد التحدي الأهم الذي تواجهه الإدارة الحالية، وهي مهمة تبدو مستحيلة هذه الأيام. وفي خطابه الافتتاحي، شدد "بايدن" على أنه يجب القيام بالكثير من العمل لعلاج أزمات الأمة، ووعد بمحاربة "التطرف" و "الإرهاب الداخلي"، وأصر على أنه سيكون رئيسا لجميع المواطنين الأمريكيين، حتى أولئك الذين لم يصوتوا له. ووعد "بايدن"، الذي استخدمت حملته الانتخابية شعار "حرب من أجل روح أمريكا" باستثمار كل شيء من أجل توحيد البلاد.

وبالرغم من الوعود، لا يبدو أن الإدارة نجحت في دفع هذه المهمة الصعبة والمعقدة بأي شكل من الأشكال. وأظهرت الأشهر الأخيرة أن الاستقطاب الحزبي لا يزال سائدا، ويبدو أنه لا يمكن التغلب عليه.

وبعد فترة وجيزة جدا من تغير الإدارة، نما زخم "ترامب" في الحزب الجمهوري؛ حيث يواصل الرئيس السابق السيطرة على الحزب، وإن كان دون منصب قيادي رسمي، كما يخوض حملة لتصفية صفوف الحزب من أي معارضة له.

وتتمحور خطابات "ترامب" ومقابلاته حول رفض نتيجة انتخابات 2020؛ ما يعزز الاستقطاب وانعدام الثقة في مؤسسات الولايات المتحدة. وحتى لو تسبب الهجوم على مبنى الكابيتول هيل في صدمة في الولايات المتحدة، فلم يتم تسجيل أي تغيير كبير في سلوك الطرفين.

ونجح "بايدن"، المعروف سابقا بأنه الشخص الذي سد الفجوة بين الأحزاب، في تمرير قانون البنية التحتية، لكنه واجه صعوبة كبيرة في التقدم إلى ما وراء تلك الأجندة،. وحتى لو كان يراعي مصالح الجمهوريين، فإنه لا يزال يواجه معارضتهم.

وطغى الاستقطاب السياسي على الخلافات الأخرى في الأعوام الأخيرة، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الجمهور يعتقد أن الديمقراطية الأمريكية تتعرض للخطر وأن العنف السياسي من المرجح أن يزداد.

وتشير الخلافات السياسية إلى أمة منقسمة ومتنازعة تعاني من الفجوات الاجتماعية المتزايدة، لا سيما بين المدن (التي تميل إلى التصويت للديمقراطيين) والريف (يميل إلى التصويت للجمهوريين)، فضلا عن التوترات العرقية التي كثيرا ما تساهم في العنف.

وتشير بيانات التصويت في الانتخابات إلى أن التصويت لمرشح أو آخر لا يعكس الانقسامات السياسية فحسب، بل يعكس الاختلافات الجغرافية والطبقية والدينية والعرقية والأيديولوجية التي تهدد قدرة الدولة على الحفاظ على نظام سياسي واجتماعي فاعل.

وفي الأعوام الأخيرة، تزايد اهتمام المواطن الأمريكي بالقضايا المحلية التي تمسه والتهديدات المباشرة لجواره المباشر، بينما لا يكترث كثيرا بالمشاكل في الخارج. لذلك أدرك "بايدن" أهمية استثمار معظم الموارد المتاحة له لإعادة ترتيب البيت الداخلي قبل أن يتجه إلى معالجة القضايا الأخرى على الساحة الدولية، وهذا ما فعله أسلافه "ترامب" و"أوباما"، كل على طريقته الخاصة.

ومع الاهتمام المحلي المتزايد، تراجعت الآمال في أن يؤدي انتخاب "بايدن" إلى تغيير في السياسة الأمريكية الخارجية وأن تكتسب الولايات المتحدة قيادة ملهمة في المستقبل القريب تنجح في عكس الاتجاه المثير للقلق.

المصدر | روتيم أوريج/معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحزب الديمقراطي الحزب الجمهوري الانقسام السياسي إدارة بايدن البنية التحتية الجمهور الأمريكي الانتخابات النصفية

الكونجرس: ترامب قوض الاستجابة لفيروس كورونا لأغراضه السياسية

ترامب مهاجما يهود أمريكا: فقدوا السيطرة على الكونجرس

توقعات ستراتفور للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2022